|
هل ديموقراطية العراق في الاتجاه الصحيح ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2972 - 2010 / 4 / 11 - 17:26
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
لو استندنا على الانتخابات كمبدا اساسي لتجسيد الديموقراطية و اعتمدناها كمقياس لنجاح اليموقراطية بعيدا عن الاعمدة و الركائز الاساسية الاخرى كالمجتمع المدني و الثقافة العامة و دولة المؤسسات و فصل السلطات و الحرية المضمونة ، و نظرنا الى مستقبل العراق من منظور الانتخابات، فاننا ربما نتشائم اكثر مما نتفائل ، لما ابرزته النتائج الانتخابية من المشاكل و التعقيدات و ما افرزت من الاصطفافات القديمة الجديدة و ضخمت من العوائق امام مسيرة الديموقراطية اكثر من تسهيلها. و من هذا المنطلق بالذات لو بحثنا الامر، نرى اننا شاهدنا انتخابات مناسبة لما فيه العراق من الظروف و كانت مراقبة من قبل الجميع و فاقت بعض التصورات على الرغم من ما تخللتها الشوائب المعلومة، و لكن بشكل عام يمكن ان نصفها بدرجة مقبولة من النجاح على الرغم من التدخلات الهائلة فيها و التي لم تكن لها مثيل من قبل، بسبب مشاركة جميع فئات و مكونات الشعب فيها، و كانت موضع الترحيب من الجميع من هذا الجانب، و صوٌت العراقيون بارادتهم الحرة، و هذا لا يعني انه لم تكن هناك ضغوطات هنا و هناك. لم تبرز النتائج حسب التمنيات او التوقعات، و تقاربها من البعض ازداد من الطين بلة. التصويت جاءت وفق المناطقية و العرقية و المذهبية اكثر من الاستناد على الايديولوجيا و الفلسفة و الشعارات التي اعلنتها كافة الجهات و التي كانت للاستهلاك المحلي ليس الا. ما يميز هذه الانتخابات عدا مشاركة الجميع، فان اكثرية القوى التي اعتمدت القوة و التشدد و محاربة الديموقراطية و العراق الجديد دخلت حلبة الصراع السلمي و التنافس الانتخابي، و هذا من اكبر الايجابيات، من القوى التي حرمت الدخول في العملية السياسية من قبل و اعلنت تحرمها شرعا و عرفا قبل سحب القوات الاجنبية، و منها اعتبرت العملية السياسية من صنع يد الكفر في هذه المرحلة، و منها اعتبرتها من منجزات الشيطات و الى اخره من النعوت، و اليوم الجميع و بلا استثناء( الا القوى الخارجية المتدخلة في شؤون العراق و ازلام القاعدة ) شاركوا و استسلموا للامر الواقع و نبذوا العنف و الاعتماد على الميليشيات و السلاح في تصفية الحسابات. ماهو الواضح لحد الان هو اختفاء صوت العلمانيين و عدم الاحساس بدورهم في هذه الانتخابات و هذا وضوع اخر له اسبابه و عوامله الموضوعية و الذاتية. و نحن الان نعيش في ازمة حقيقية و لكن يمكن ان تكون مؤقتة ، لان المعادلات ليست لصالح احد في تقرير مصير البلد، و هناك احتمالات عدة و منها فشل كافة القوى في التباحث و المفاوضات ، و لا يمكن التكهن بما تفضي اليه المحادثات بين الكتل و النتائج غير معلومة بعد اعتماد العديد منهم على تصفية الحسابات السابقة اكثر من النظر الى المستقبل في تعاملاتهم الانية. هذا ما يؤكد لنا اننا بحاجة الى عقود لتجاوز السلبيات الموجودة اصلا و ما افرزتها الاخطاء، لنجري على الاقل الانتخابات استنادا على اختيار الاصلح و ليس الاقرب قبليا و عشائريا و عرقيا و مذهبيا و حزبيا ، ناهيك عن توفر العوامل المساعدة الاخرى التي من الواجب توفرها كما سبق الذكر. القوى الخارجية تدخلت بشكل فضيح ماديا و معنويا، و كان الاعلام الذي يُدار من قبل القوى الاقليمية منقسمة على المشاركين في الانتخابات حسب المذهب و المصلحة ايضا، و نتائج الانتخابات ابقتهم على قلقهم الدائم من نوايا الحكومة العراقية المقبلة، و لم يمدوا يد التعاون او حتى الاقل بناء العلاقات الدبلوماسية الندية بينهم و بين العراق الجديد. المهم ان نذكر ما تسير عليه الديموقراطية و اتجاهها وهي ما تفرض عدة احتمالات، اما عودة العنف بشدة نتيجة الانقسامات التي رسختها الانتخابات اكثر من الاول و حدوث الازمات العديدة بين المكونات مع تهديدات القاعدة المتزايد و استغلالها القوى المعينة للتعاون معها في تنفيذ مخططاتها، او في اسلم الحالات هو بقاء الاوضاع على ما هي عليه لمشاركة جميع القوى في الانتخابات و في الحكومة المقبلة كما كان، و خوفهم جميعا من خسارتهم للمكتسبات الضيقة التي تنعموا بها و استاثروا بالسلطة للحصول عليها ، و البقاء في الاستمرار عليها، مع الاعتماد على ضعف القاعدة و الارهابيين بشكل كبير و عدم تمكنها من تحقيق مرامها، بسبب قوة الاجهزة الامنية و تطهيرها وتصفيتها من الداخلين من العاملين على تخريب الوضع الجديد مستقبلا و لمصالح معينة فقط. كل هذا يدعنا ان لا نعلن بصريح العبارة ان الديموقراطية المعتمدة و التي اختزلناها في الانتخابات بانها في الاتجاه المناسب و ليست الطريق مقفلة امامها ايضا، و لكن ما ننتظره ان تكلمنا بحياد، هو البطء في سير العملية السياسية و الديموقراطية اكثر من القبل و لاسباب افرزتها نتائج الانتخابات و عدم الانتقال الى مرحلة اخرى من تشكيل الحكومة و ما كان من الواجب ان نستند عليه في تشكيل الحكومة.
#عماد_علي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيفية تدخل الاكاديميين لايجاد الحلول السياسية لما وقع فيه ال
...
-
الحداثة و تاثيراتها على الهوية الثقافية في منطقتنا
-
ماذا يقدم الاعلام لما يحتاجه العراق في هذه المرحلة
-
بعد ترسيخ المواطنة تتفاعل العقلية المدنية
-
هل بالامكان اختزال الديموقراطية في العملية الانتخابية فقط؟
-
من يتحمل مسؤولية عبور المرحلة القادمة في العراق؟
-
ما يرن باستمرار في اذاننا هو العراق الى اين ؟
-
الى متى تطول مخاض ولادة الديموقراطية الحقيقية في هذه المنطقة
...
-
هل ما نحن فيه ازمة ام صراع مصالح القوى؟
-
هل هناك ازمة الشرائح المؤثرة في تنوير المجتمع ؟
-
الامن القومي لمجتمع موزائيكي الشكل و التركيب
-
مابين الاصلاح و التغيير في اقليم كوردستان
-
احذروا تبجح البعث باسم العلمانية
-
دور المثقف العراقي في الانتخابات البرلمانية
-
هل من متضرر في العملية الانتخابية العراقية ؟
-
ما يحصده المواطن من التعقيدات السياسية في العراق
-
دروس الانتخابات تدفع العملية الديموقراطية الى الامام
-
من اخفق في الانتخابات النيابية العراقية؟
-
ما الضير في اعادة عملية العد و الفرز للاصوات ؟
-
نتائج الانتخابات كشفت المستور للجميع
المزيد.....
-
الجزيرة نت تروي قصة مسجد في الفاشر شهد مجزرة وتحول إلى مقبرة
...
-
تونس: ما أسباب تراجع الزيجات والولادات
-
بعد بولندا ورومانيا، إستونيا تشكو خرق أجوائها من مقاتلات روس
...
-
بعد سنوات من العداء، مصر وتركيا تبدآن الإثنين مناورات مشتركة
...
-
الجزائر ترفض دعوى مالي ضدها أمام محكمة العدل الدولية
-
أمريكا ستنهي وضع الحماية المؤقتة للسوريين
-
مستشار ترامب: السودان أكبر كارثة إنسانية في العالم ولا يحظى
...
-
جنوب أفريقيا تتجاوز ترامب عبر -دبلوماسية محلية-
-
خبير عسكري: 72 ساعة بدون تقدم ملموس والمقاومة تجبر الاحتلال
...
-
محللون: ضبابية الأهداف والخلافات تربك جيش إسرائيل وتطيل أمد
...
المزيد.....
|