|
ما يحصده المواطن من التعقيدات السياسية في العراق
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2954 - 2010 / 3 / 24 - 18:53
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
كما هو المعلوم، ان الشعب العراقي ابتلى بمصائب عدة منذ عقود و على راسها متا كان تفرض عليه من الافكار و الايديولوجيا و ما استوردت اليه بطرق شتى و جٌربها، و اصبحت الساحة السياسية العراقية مختبرا للتجارب العقائدية العديدة و الفلسفية المختلفة و الفكرية المتنوعة، تارة باسم القومية و ما يحيط بها و ما تمتلك من الابعاد و المتطلبات و اخرى بالطبقية و لكن بشكل نظري فقط و هو معلب مستحضر من اجواء و اوساط تختلف عما نحن موجودون فيه و لم يؤخذ بالحسبان الخصوصيات و التاريخ و الموروثات و الطبيعة الاجتماعية الثقافية، و ما يتسم به ابناء هذا الشعب، و ما لديه من التراث الغني و الحضارات الثرية المليئة بالثمرات المفيدة للانسانية التي استلهمت منها البشرية . و ادخلت اليه ثقافات متنوعة فاستوعب منها الكثير و رفض ما لم تكن بالامكان ان تزكيها الارضية الموجودة و ما تتصف به. تغيرت المراحل و لم تتقدم حال الفرد العراقي البسيط الا قليلا و في سنوات محصورة من تاريخ هذا الشعب، و من ثم انزلت عليه الويلات و ذاق طعم المرارة من جوانب عدة و لاسباب مختلفة و منها طمع الاخرين في موارده و عدم وجود ما يؤمن حياة ابناء شعبه و هو المضحي دوما من اجل الاخرين و لم يفيدوه بشيء يُذكر، و داخليا اصبح في اكثر الاحيان ضحية حاكم مغرور و طامع و نرجسي و هو يريد تنفيذ مرامه و طموحاته الشخصية باي شكل كان دون الانتباه لمستقبل المواطن و طموحاته، و سعادته و رفاهه لم تكن بالحسبان ابدا، هذا قائد عسكري يريد جيشا جرارا و يدافع به عن شرف الامة العربية و هو صاحب نخوة و شهامة و كرم و غيره لا يمتلكون!!، و هذاك قائد عروبي قومي للامة العربية و محرر اراضيه و منقذ شعوبه و يضحي بالغالي و النفيس من اجل خلاصهم و غيره ليسوا الا من يعتاشون على فتات الاستعمار وهم عملاء!!،و لا يهمه ما يجري لشعبه مهما طال الامر و تضرر منها المواطن. هكذا و اصبح الشعب العراقي منذ عقود وقود كافة الحروب و مدافع لشرف الامة العربية المجيدة، كما ادعى الحكام من مطامع المتامرين و الغزاة و الطامعين! و لم يحصد العراق بقيادته و شعبه و امكانياته التي وفرها من اجل الدفاع عن هذا الوطن الطويل العريض الا الخيبة و الخذلان،و ما كنا مشغولين به استغل الاخرون ما تمر به المنطقة و استفادوا منه و تقدموا مراحل من التنمية و التطور بحيث تجاوزا حتى العراق و حضارته العريقة بعقود و سنين، و لم يصبح العراق ما كان تطمح به النخبة المثقفة التي كانت تملا البلاد و لم يكن الاخرون الا رعاة في حينه ، و تحول البلد الى الخراب و هو ينظر الى الاخرين يحصدون ما زرعه لهم وهو منجله مكسور . هكذا مرت عقود و سنين الى ان تخلص الشعب من الحاكم الغادر و الدكتاتورية البغيضة التي لم تفكر يوما بمصلحة المواطن البسيط و لم يعتني بما يهم المجتمع رغم الموارد الطبيعية المنتشرة في ارضه الغني بالثروات و الامكانيات المادية و المعنوية، و اعادة البلاد الى الوراء و تخلفه كان جراء طيش و تهور من اعتبر نفسه قائدا للامة العربية و ظل جاثما على صدور العراقيين عقود و لم يذق فرد عراقي طعم السعادة و الحرية و الرفاه طيل هذه الفترة المظلمة، و وصلنا الى نقطة التحول و التي اعتبرناها الخلاص و بداية الحرية كيفما كانت و باية طريقة حدثت، و تنفس الشعب الصعداء الا المصلحيين و الانتهازيين و المجرمين ازلام النظام البائد. على الرغم من التغيير الجذري و الانتقال الى المرحلة الاخرى التي انتظرناها طويلا الا ان السقوط و الخلاص من اعتى دكتاتورية لم يكن بدون ثمن و لم يمر مرور الكرام و حدث ما لم يكن بالحسبان من السلب و النهب و فوضى عارمة بسبب النقص في التخطيط و تخبط التحالف في ادارة الامور مما جلب معه بعد ذلك الفساد و عدم التنظيم و سوء الادارة. ما احسسنا به وهو في مقدمة الاهداف ضمان الحرية النسبية من كافة النواحي، و توفرت دون اطار مطلوب مما عبرت في اكثر الاحيان الى الفوضى، و تاسس البلد من جدي دو مرر الدستور الدائم ، الخطوة الاولى من الديموقراطية استهلت رغم العوائق و جرت انتخابات عدة و اخيرا للمجلس النواب العراقي و ما ترافقتها من السلبيات، و التي تعتبر لحد اليوم ناجحة وفق المعايير الدولية. ان التدخلات العديدة المختلفة، و المخططات و الاجندات المتنفذة تفعل فعلتها كما هو حال الوضع السياسي الاني، و يجب على المهتمين عدم الانجرار وراء ما يهدفه المتربصون من تسقيط التجربة و التشمت و الطعن بها، و هذا ما يحاولونه بكل السبل و الوسائل المتاحة لديهم . ما يهمنا هنا هو المواطن العراقي البسيط المغلوب على امره الذي لم يحصل من كل تلك العمليات السياسية و العسكرية غير الضيم ، و اليوم يشاهد التلكؤ و التباطؤ في توفير الخدمات التي تهم حياته اولا و اخيرا، و يمكن ان نقول انه دخل في صراعات افتعلتها القوى الكبرى الخارجية و الداخلية و ليس له فيها ناقة و لا جمل، و كل ما يتمناه هو العيش بسلام و امان و يحصل على رغيفه و ينام مطمئنا على حياته اكثر من اي شيء اخرو يضمن مستقبل ابناءه و يبتعد عن القلق الدائم الذي اصابه نتيجة عدم الاستقرار المستمر الذي مر به خلال العقود المنصرمة و لحد اليوم. اليوم، الواجب الوطني يفرض على المخلصين ان يفكروا بحياة المواطن العراقي البسيط و يضحوا من اجل عدم اقحامه في التعقيدات السياسية المفتعلة من قبل القوى المختلفة، و من اجل مصالح ضيقة سوى كانت اقليمية او عالمية و يستخدم فيها كافة الوسائل و منها الخبيثة ايضا، و هذا ما يتطلب من المخلصين الحنكة و الحكمة في التعامل مع ما يجري لكي نخرج جميعا من عنق الزجاجة التي خلقتها لنا من يلعب على الساحة السياسية العراقية من دون اذن من احد و ليس من حقه التطاول على مصير الشعب. و يدرك الجميع ان الصراع الاقليمي اصبح آفة تاكل الاخضر و اليابس و تضرب بمصلحة العراقيين، و حلت محل غرور القادة و الدكتاتورية في التضرر بهذا الشعب الوفي. الواجب الاهم الذي يفرض نفسه على الجميع هو محاولة المخلصين لفك العقد المصطنعة التي تخلقها تلك القوى المخططة لكي يخرج الشعب منها باقل ضرر ، لكون المواطن لم يحصل منها شيء الا الكبت و الحزن و القلق، و المرحلة تتطلب التعامل الدقيق ، و ترسيخ الديموقراطية الحقيقية هو الذي يحل الاشكاليات و يقطع دابر المتامرين المتدخلين ان لم يكن في هذه المرحلة فانها تتجسد قريبا و تكون لها ابعاد و تداعيات تتمدد لا يمكن ان تتملص منها القوى التي تشملها و تدخل الى عقر دارها من القوى الاقليمية و سيشملهم هذا السيل الجاري اليوم كان ام غدا .
#عماد_علي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دروس الانتخابات تدفع العملية الديموقراطية الى الامام
-
من اخفق في الانتخابات النيابية العراقية؟
-
ما الضير في اعادة عملية العد و الفرز للاصوات ؟
-
نتائج الانتخابات كشفت المستور للجميع
-
هل تُستغل نتائج الانتخابات النيابية لتنفيذ الاجندات المختلفة
...
-
الانتخابات كمحطة لتقييم الذات و اتخاذ القرارات المصيرية
-
من يفوز في الانتخابات البرلمانية العراقية ؟
-
البرلمان القادم يثبت الشرعية ام يكرس الحزبية؟
-
لماذا التلكؤ في حل القضية الكوردية باسم تعقيدات المسالة في ت
...
-
لمن تكون تبعية البرلماني العراقي في المرحلة المقبلة ؟
-
نقطة تحول لدور الاطراف المختلفة في العراق
-
من يدير دفة الحكم بعد الانتخابات البرلمانية في العراق؟
-
هل ستكون الحكومة المقبلة كفوءة ام ستولد من رحم المحاصصة ايضا
...
-
كيف تكون الاوضاع الامنية بعد الانتخابات النيابية المقبلة في
...
-
يشمل التغيير كافة جوانب الحياة اينما كان
-
الانتخابات تحدد توجه العراق نحو المركزية او الفدرالية
-
ارتباك واضح في تحضيرات العملية الانتخابية في العراق
-
لم تترسخ المهنية في عقليتنا و عملنا بعد
-
الوضع النفسي العام للفرد العراقي و تداعياته في المرحلة الراه
...
-
نجاح العملية الديموقراطية مسؤولية الجميع في العراق
المزيد.....
-
فسيفساء بومبيي الإيروتيكية.. كنز سرقه النازيون قبل 80 عامًا
...
-
فرنسا وإسبانيا تكافحان حرائق الغابات وسط ظروف جوية صعبة.. شا
...
-
رصاص بالحذاء وطيار واجه الموت.. ما قصة أول اختطاف طائرة في ا
...
-
هل مهاجمة ترامب لمؤيديه المطالبين بالكشف عن قائمة -عملاء إبس
...
-
-محاولة للسيطرة على الدولة-.. اتهامات جديدة للرئيس الكوري ال
...
-
مقتل 32 فلسطينياً بنيران إسرائيلية خلال تواجدهم قرب مركز توز
...
-
الكونغو الديمقراطية وحركة -إم23- توقعان اتفاق سلام في الدوحة
...
-
غياب العين الأميركية في سيناء.. فجوة رقابية تربك إسرائيل
-
مفاجأة بفضيحة كولدبلاي.. زوج السيدة الخائنة -رئيس تنفيذي-
-
فيديو..-سيارة مجهولة- تصدم حشدا في لوس أنجلوس
المزيد.....
|