|
احذروا تبجح البعث باسم العلمانية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2958 - 2010 / 3 / 28 - 18:24
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
الظروف الموضوعية و الذاتية للمراحل و العقود الماضية وفي اخرها حكم الدكتاتورية البغيضة، فرضت ارضية خصبة تمكنت مجموعة من الجهات و الاحزاب فيها من السيطرة على الواقع السياسي دون غيرها بعد سقوط الدكتاتورية، و كان لهذه الجهات الدور البارز في مقارعة النظام الجاثم على صدر العراقيين والذي تحكم بهم بالحديد و النار، و الطبيعة الاجتماعية و العلاقات و الروابط و السمات العامة للمجتمع العراقي زكت من صارع و قارع الظالم في تسلم زمام الامور بعد التغيير بشكل مباشر. و من مساويء القدر ان يؤدي ما وصلنا اليه الى التاثيرالسلبي على وضع و موقف الاحزاب و التيارات العلمانية، و اصبح نقطة بدء في مسيرة تراجعهم بشكل ملحوظ بعد الاهتمام بكل ما هو الممنوع في حينه و هو مرغوب طبعا و ان لم يكن مفيدا حتى، و هذا لا يعني عدم بقاء ترسبات سياسات البعث في توجهاته للتدين و التضليل الذي اتبعها من اجل مصالح الدكتاتورية باسم الدين لبقائه على سدة الحكم مهما بلغ تعجرفه و ظلمه و باية وسيلة كانت ، و استغل سذاجة البعض في محاولاته و نجح لمدة ، و اعتقدت مجموعة ليست بقليلة بصحة تلك الادعاءات الباطلة لحزب لم يبق منه الا دكتاتورا و بلادا مدمرا. محاولات النظام في كبت المواطن من كافة النواحي و خاصة في اتباع فكر و عقيدة و فلسفة معينة ، كما فعل البعث في الناحية الدينية و القومية ساعدت العديد من الجهات و صقلت من قوة هذه الاحزاب و التوجهات و دعمت ركائزهم و فتح لهم الطريق الواسع للايغال في ثنايا المجتمع العراقي بكل مكوناته، و منذ اعتلاء البعث سدة الحكم و نُظر اليه و كما ادعى هو ايضا و جحد على انه ممثل العلمانية بطرح اراءه و افكاره و فلسفته و هو لم يمت بصلة يٌذكر بجوهر هذا المفهوم من بعيد او قريب، كما اثبت ذلك بنفسه على الارض الواقع، و الانقلابات و المفاجئات التي احدثها في تكتيكاته اليومية و تقلباته من الادعاء اليسار و ما فيه الى القومية العروبية و من ثم التعلق بالقشة و محاولاته من اجل الخلاص من السقوط و تحويل الانظار عن جرائمه باتخاذه الدين وسيلة و سمى الدكتاتور نفسه امير المؤمنين تضليلا و بهتانا . بعد السقوط تغيرت الاوضاع بشكل مطلق و التفت الاكثرية حول الاحزاب و الايديولوجيات القومية و الدينية و المذهبية، سوى من اجل الخلاص النهائي من الوضع المتردي و الالتفاف حول الروحانيات كان او كرد فعل اني و مرحلي. و هكذا تسلمت احزاب المعارضة السلطة بعد حدوث الفوضى جراء التغيير غير المنظم و ترك البعث بلادا خربا و توارثت هذه الاحزاب و الحكم الجديد مع التحالف واقعا مزريا من البنية التحتية و الفوقية المدمرة و التي كانت السبب في افراز السلبيات، و ازدادت التدخلات الاقليمية و الارهاب من حدة الفوضى و لاسباب معلومة و لمصالح اقليمية مشبوهة التي وقفت ضد ترسيخ المباديء الاساسية للحكم و السلطة الجديدة و المفاهيم الجديدة، و لكن الشعب العراقي من منطلق ولعه بالحداثة و الديموقراطية كما يؤكده في كل تجربة انتخابية افشلت المخططات و الاجندات الخارجية من مهدها. و بعد مرور سبع سنوات و ما شاهدته الساحة السياسية العراقية و المواقف التي برزت من قبل الجهات المختلفة، من عدم الاشتراك في العملية السياسية بشكل مطلق الى معاداة الديموقراطية و محاولة ضرب كل جديد بكل وسيلة و منها الارهاب ، الى المشاركة المشروطة و من ثم الخضوع للامر الواقع و التوجه نحو استخدام الوسيلة ذاتها و الاعتماد على الديموقراطية كمفهوم و الانتخابات كاهم المباديء و كآلية حديثة لنفس الاهداف و هورفض العملية السياسية و الوضع الجديد في العراق، و هو من الاهداف القديمة الحديثة و محاولة العودة الى المربع الاول من حكم العراق و زمن الانقلابات و سلطة المكون الواحد ان تمكنوا، و لم يكن هذا العمل و التوجه اتية من الفراغ بل نتيجة مخططات و اجندات المخابرات الاقليمية و بوجود الامكانيات الكبرى للدول التي تقف ضد كل ما يمت بالديموقراطية بشيء ، ناهيك عن الصراع المذهبي و العداءات التي تصرف من خلالها ومن اجل سقوط الاخر المبالغ و الجهود الهائلة التي لو صرفت على واقع المنطقة لازدادت من التنمية و التطور و ساعدت شعوبهم بها ليتمكنوا من القضاء على التخلف و الجهل و الامية. اليوم، لم يبق امام البعث الذي لم يجد طريقة و لم يتبعها الا الدخول من النافذة مستغلا الديموقراطية و الوضع غير المستقر و الصراعات الداخلية و ملذات السلطة و انعدام الخدمات العامة للمواطنين و الفساد و سيطرة توجهات معينة دون غيرها على زمام الامور و ضئالة التنوع في الفكر و الفلسفة و الايديولوجيا ، بل الكل متقاربون و يصارعون من اجل السلطة ، و دخل البعث الساحة من خلال استغلال نقاط الضعف و اصبح يدعي انه المنفذ لبعض المفاهيم تضليلا كعادته من اجل الوصول الى المبتغاة، و منها التشبث بالعلمانية كصورة و مظهر مستغلا سيطرة الاتجاهات الاخرى البعيدة في خطاباتها عن هذا المسار لبيان تكبير الثغرات ، و لكن العلمانية منه براء. ليعلم الشعب العراقي ان المرحلة متنقلة، و لم نصل الى حال يمكن ان تكون فيها التوجهات و الافكار و الواقع على طبيعته و انما التجربة الفتية و الاحداث السريعة مع قلة التجربةو الخبرة و الممارسة ستولد ما يمكن ان يستغل هذا الواقع لاهداف تضليلية بحتة و باسماءو اشكال و الوان براقة، و استغلال العلمانية كمظهر ليس الا و هو الباب الاسهل للدخول منها من اجل العودة، و هو بمضمون المفهوم ذاته . لذا يتوجب علينا جميعا باحزاب علمانية و دينية و قومية اي كان موقفنا ان نحذر جميعا من تبجح هؤلاء و محاولاتهم المتكررة لضرب التجربة . السلام و الامان و التنافس العلمي الصريح سيولد ما يدفع المضللين الى مزبلة التاريخ، و لم يبق امام المخلصين الا قراءة كافة الاحتمالات من اجل سد الطريق امام الشواذ و التقدم نحو الامام .
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دور المثقف العراقي في الانتخابات البرلمانية
-
هل من متضرر في العملية الانتخابية العراقية ؟
-
ما يحصده المواطن من التعقيدات السياسية في العراق
-
دروس الانتخابات تدفع العملية الديموقراطية الى الامام
-
من اخفق في الانتخابات النيابية العراقية؟
-
ما الضير في اعادة عملية العد و الفرز للاصوات ؟
-
نتائج الانتخابات كشفت المستور للجميع
-
هل تُستغل نتائج الانتخابات النيابية لتنفيذ الاجندات المختلفة
...
-
الانتخابات كمحطة لتقييم الذات و اتخاذ القرارات المصيرية
-
من يفوز في الانتخابات البرلمانية العراقية ؟
-
البرلمان القادم يثبت الشرعية ام يكرس الحزبية؟
-
لماذا التلكؤ في حل القضية الكوردية باسم تعقيدات المسالة في ت
...
-
لمن تكون تبعية البرلماني العراقي في المرحلة المقبلة ؟
-
نقطة تحول لدور الاطراف المختلفة في العراق
-
من يدير دفة الحكم بعد الانتخابات البرلمانية في العراق؟
-
هل ستكون الحكومة المقبلة كفوءة ام ستولد من رحم المحاصصة ايضا
...
-
كيف تكون الاوضاع الامنية بعد الانتخابات النيابية المقبلة في
...
-
يشمل التغيير كافة جوانب الحياة اينما كان
-
الانتخابات تحدد توجه العراق نحو المركزية او الفدرالية
-
ارتباك واضح في تحضيرات العملية الانتخابية في العراق
المزيد.....
-
وزارة الدفاع الروسية تنشر وثائق عن اقتحام الجيش الأحمر لبرلي
...
-
تجدد إطلاق النار في كشمير مع إجراء البحرية الهندية تدريبات ع
...
-
الإكوادور.. وفاة 8 أطفال بسبب عامل معدٍ لا يزال مجهولا
-
الدفاعات الجوية الروسية تصد محاولة هجوم بالمسيرات على سيفاست
...
-
الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة لن تلعب بعد الآن دور ال
...
-
تحذير صحي هام.. منتجات غذائية شائعة للأطفال تفتقر للعناصر ال
...
-
الدروز يغلقون عدة مفارق مركزية شمال إسرائيل في مظاهرات مطالب
...
-
-وول ستريت جورنال-: المفتش العام في البنتاغون يوسع نطاق التح
...
-
تحقيق في نسيان جندي إسرائيلي 40 دقيقة بمنطقة داخل غزة
-
شهيد وإصابات والاحتلال يقرر هدم 106 منازل بالضفة الغربية
المزيد.....
المزيد.....
|