أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حمادي بلخشين - ابن حنبل و خلق القرآن زوبعة في فنجان6/6















المزيد.....

ابن حنبل و خلق القرآن زوبعة في فنجان6/6


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 2940 - 2010 / 3 / 10 - 14:20
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في بداية الأمر، امتـنع أحمد بن حنبل عن الخوض في مسالة خلق القرآن، ومن هنا قال بعض العلماء انه كان متوقفا في المسألة أي كان كافرا بأثر رجعي!! ويؤيدون ذلك بكلام روي عنه " قال[ بن حنبل] : جلست و قد اثقلتني الأقياد، فلما مكثت هنيهة قلت[ للمحقق] تأذن في الكلام؟ فقال: تكلم فقلت: الى ما دعا رسول الله؟ فقال الى شهادة ان لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة و صوم رمضان، و ان تعطوا الخمس من المغنم"، وان هذا الكلام يدل على التوقف، و يروى انه [ بن حنبل ] قال: من زعم ان القرآن مخلوق فهو جهمي، و من زعم انه غير مخلوق فهو مبتدع "(1 ) .

و بعد انقضاء " المحنة"( المسرحية) و قرار السلطة العباسية الرجوع عن القول بخلق القرآن، بعد تبنيها القول بعدم خلقه، لم يعد القول بخلق القرآن من عدمه بدعة و لا كفراعند ابن حنبل، حيث قرر في" رسالة كتبها الى المتوكل عندما سأله عن ذلك، و جاء فيها ما هذا نصه :" قال الله تعالى( و ان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله ) و قال تعالى (ألا له الخلق و الأمر)) فاخبر بالخلق ثم قال والأمر فاخبر ان الأمر غير الخلق. هذا ما جاء في هذه الرسالة و كانه يشير بالفرق بين الخلق والأمر، بان القرآن من أمر الله تعالى و كلامه و علمه لا من خلقه، فهو على هذا لا يعد مخلوقا في نظره "( 2) .

الحصيلة، كما كتب ابو زهرة :" أن احمد في اول امره كان يتوقف عن القول بان القرآن مخلوق او غير مخلوق، لأنه يرى ان ذلك بدعة من القول. و لكنه بعد ان زالت المحنة، ما كان يستطيع ان يستمرّعلى توقفه، بل لا بد ان يدلي يقوله مؤيدا احد الإتجاهين، و قد طلب اليه المتوكل ذلك فاختار ما رآه اسلم في نظره، وهو ان يقول ان القرآن ليس بمخلوق " (3)

" والعجب [ كما يقول الجاحظ ] أن الذي منعه بزعمه[ أي بزعم احمد بن حنبل] أن يزعم أنه مخلوق أنه لم يسمع ذلك من سلفه، وهو يعلم أنه لم يسمع ايضا من سلفه أنه ليس بمخلوق [!!!]"(4) .

وقد زاد أحمد بن حنبل في الشطرنج بغلة (5) حين أدى به السخف والضحالة والإسفاف" الى القول بقدم القرآن حتى المكتوب في المصاحف، و الملفوظ به في ألسنتنا، وهو قول جرّ اليه ضيق
النظر و ضعف العقل، و قد نسب الذهبي الى ابن حنبل القول بقدم الألفاظ "(6) ليأتي من حمقى الحنابلة من يؤكد بعد عصر بن حنبل، أن جلد غلاف القرآن (المصنوع من جلد الماعز و البقر) غير مخلوق!

خلاصة ما تقدّم :

يمكننا تشبيه مخلفات مهزلة خلق القرآن، وإستفادة المؤسسة الملكية من نتائجها، بما نعيشه اليوم من دون كيشوتيات سلفية، يؤديها المهرّج السلفي اسامة بن لادن الذي ترك الديناصورات الحاكمة تعيث فساد في بلاد المسلمين، ليستهداف أطفال و نساء و شيوخ الأمريكان و الأروبيين. فقد تدعّمت بسبب تلك عشوائيات بن لادن وضعية الحكام العلمانيين و ثبتوا مليّا على كراسيهم المغتصبة، وعرضوا على العالم (و هم المجرمون)، على اساس انهم ضحايا ابرياء لإرهاب أصولي اعمي لا يميز بين ضحاياه. كما صوّر هؤلاء المجرمون، على انهم رواد في قمع" الفكر الإرهابي"،حين تصدوا منذ ستين عاما لدعاة تحكيم الشريعة و اعملوا فيهم قتلا و تنكيلا و اغتصابا و تشريدا، كما صور الغرب هؤلاء الحكام الإرهابيين كطلائع إنقاذ للبشرية، حين حذروه من خطر" الإسلام المتطرف " منذ عقود طويلة. ليمنح هؤلاء الحكام اخيرا تصريحا علنيا بتتبع بقايا مظاهر التدين الإسلام الشكلية" فنتيجة لحماقات بن لادن [ كما كتب احدهم]، اصبح مجرما قاتلا ارهابيا ،مثل معمّرالقذافي حمامة سلام، و أصبح رئيس تونس[ بن علي] الجنرال الذي وصل الي الحكم على ظهر دبابة، يستقبل في واشنطن كأحد دعاة الحرية"

اذا، بفضل بهلوانيات بن حنبل السخيفة و بطولته الجوفاء التي كانت بمثابة زوبعة في فنجان تدعّمت المؤسسة الملكية، و صار المتوكل ( الجزار العباسي الرهيب) و كما يقول بن كثير :" محبّبا الى رعيته، قائما في نصرة أهل السنة[!]، و قد شبهه بعضهم بالصدّيق في قتله اهل الردة ,[ أي في مطاردته المعتزلة!] لأنه نصر الحق، وردّه عليهم حتى رجعوا الى الدين و بعمر بن عبد العزيز، حين رد مظالم بني امية، و قد اظهر السنة بعد البدعة" !!( 7 ) .

فتعجبوا معي كيف يعالج المجرمون البدعة ببدعة أخرى، وكيف يعلقون كل ذلك على شماعة السنة النبوية. ثم انظر كيف يختلق المجرمون القلاقل، بحثا عن شرعيّة يأباها لهم الإسلام ، ثم انظر كيف ينادون بشيء تارة، و بنقيضه تارة اخرى، في تخبط عبثي يذكرنا ب" ذلك الرجل الذي قدم الى ابرز ساحة بالعاصمة و ملأ وسطها بالأنقاض، ثم جاء بسارية وضع عليها مصباحا أحمرا، فجعل الناس ينظرون اليه بدهشة قائلين : ماذا تريد بهذا المصباح ؟ قال: تـنبيه الناس بالخطر كي لا يصطدموا بالأنقاض! و لمّا قيل له : و لماذا جئت بالأنقاض ؟! قال: لكي ارفع هذا المصباح" !!

و لئن شكلت مسألة خلق القرآن قضية خلافية غير ذات شأن في تحديد مسارأمتنا، فإن ما نتج عنها كان وبائيا و مدمرا، اذ مكنت الملك العباسي المتوكل المتوفي سنة 234هــ من وضع الصيغة النهائية للمنظومة السلفية الأمنية الجائرة، بعد ما صنع لإبن حنبل شعبية مدوية و ذلك حين " مكّن أهل الحديث، و قد خلا لهم الجوّ، من الإنفراد بتدوين السنة، أعني بكتابة تصورهم المفهومي الخاص للإسلام، ثم تقديمه باعتباره الطرح الإسلامي الملزم . ففي غضون الفترة التالية لهذا الإنقلاب [ انقلاب المتوكل، و الكلام لعبد الجواد يس ] فرغ اهل الحديث من تقفيل النص النهائي للسنة سندا و متـنا... عبر منهجهم الإسنادي الضيق بترسيم "النص" النهائي للسنة، و إعتمادها " كنسخة" رسمية ممهورة بخاتم السنة و الجماعة .. فظهرت كتب الحديث الستة الشهيرة البخاري المتوفي سنة 256هــ، و مسلم المــتوفى سنة 262هــ، و ابن ماجة المتوفى ســنة 273هــ، و النــسائي المتوفى سنة 303هــ و ابي داود المتوفي سنة 275هــ و الترمذي المتوفى سنة 279هــ و اكتسبت هذه الكتب ، لا سيما البخاري و مسلم، حصانتها المعروفة، و توالت عمليات التدوين على مستوى الفقه وفقا لأصول الشافعي[ صنو بن حنبل في ضيق الأفق والوقوف الي جانب الملكية الفاسدة] التي كانت استقرت في الوجدان الفقهي بغير طرح جدي بديل. ثم جاء الأشعري المتوفى سنة 324هــ، ليلعب في تثبيت المنظومة السلفية دوره الذي اشرنا اليه من قبل و الذي كان في مجمله صياغة كلامية للمفاهيم الأساسية التي طرحتها هذه المنظومة على مستوى المنهج، كما على مستوى الموضوع، بغير اضافة حقيقية الى روح الطرح و مضمونه الجوهري "(8). و كفى بذلك الإجراء السلفي المدمر وهنا وبؤسا أنه أرّخ لموتنا الحقيقي، حين ادخل امتنا الى نفق عصور الإنحطاط، بفعل ما حقل به الفكري السلفي من سم مجرّب، و اسلحة دمار شامل لكل شيء حي . و لله الأمر من قبل و من بعد .

فيا من تصرون على الهيام بابن حنبل حبا، أن حبكم الحقيقي له، يقتضي منكم تغييب تراثه (الذي يعتبر مصيبة جارية تؤذي صاحبها)، عن متناول ايدي الكبار و الصغار، حتى لا ينشا عليه اجيال تكرس حالة الهوان فتكون أداة للمستبدين، وعونا للمفسدين .

فلنتعاون جميعا لدسّ بن حنبل ذلك الرمز السلفي البغيض في غياهب النسيان، فذلك هو الضمان الوحيد لحياة يسودها العدل و ألأمان . فحياتنا تقتضي إقصاء فكره و دفن تراثه، كما أن استمرار موتنا و هواننا على امم الأرض يكمن في بقاء ذلك التراث المبيد لحقوق الإنسان ولكل أمل في النهوض من جديد . فلننشد معا في مراسم تشييع تراث بن حنبل الكريه قول الشاعر نسيب عريضة :

كفنوه و ادفنوه و اسكنوه هوة اللحد العميق
و اذهبوا لا تندبوه
فهو شيء ميت ليس يفيق
حمل الذل بصبر/ فهو في الذلّ عريق
هتك عرض نهب ارض/ شنق بعض لم تحرك غضبه
/فلماذا نذرف الدمع جزافا/ ليس تحيا الحطبه
لا وربّي ما لشيء دون قــــلب/ غير موت من هبـــه
فدعــوا التاريخ يطوى سفر ضعف و يصفي كتبه
....
رب نار رب ثار رب عار حركت قلب الجبان
لم تحرك ساكنا حتى اللسان ( بتصرف)

و لعلنا بدفن تراث بن حنبل قد نصلح ما بنا، فتعود للإنسان كرامته الفقيدة (9)، و يعود وطننا الإسلامي استقلاله الحقيقي، حين تقع اسلمة دساتيرنا التي تعبر عن هويتنا .

تكريم ملكي !:
(حين توفي بن حنبل راعت الأسرة العباسية جهوده في استقرار أمنها، فأرسلت مئة فرد من عائلتهم المالكة لحضور غسله و نظمت له جنازة حاشدة، في حين حرم العلماء العاملين من قبر توارى فيها جثثهم التي كانت تصلب في الشوارع حتى تتحلل!!) .

ـــــــــــــــــــــ
(1) و (2) و(3) أبو زهرة الفرق و المذاهب الإسلامية على التوالي ص 502و503و 503
(4) الجاحظ من رسالة بني امية نقلا عن ضحى الإسلام ج3ص140
(5) مجمع الأمثال للميداني ,( أي اضاف شيئا سمجا سخيفا ، لا مكان له) .
(6) احمد امين ضحى الإسلام ج 3 ص 191
(7) بن كثير البداية و النهاية ج10ص 802
(8) عبد الجواد يس السلطة في الإسلام ص 154 تتخللها فقرة ص 119
(9) فبلادنا محتلة لا فرق ان رحل العدى أو رانوا
ستعود اوطاني الى اوطاننا
ان عاد انسانا بها الإنسان(احمد مطر )



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بن حنبل و خلق القرآن زوبعة في فنجان5/6
- ابن حنبل و خلق القرآن زوبعة في فنجان 4/6
- ابن حنبل و خلق القرآن، زوبعة في فنجان 3/6
- ابن حنبل* و خلق القرآن، زوبعة في فنجان2/6
- ابن حنبل و مهزلة خلق القرآن1/6
- ما صحّ عن فضائل امريكا!!
- أحمد بن حنبل: جعجعة بلا طحين2/2
- احمد بن حنبل: جعجعة بلا طحين 1/2
- صورة (قصة قصيرة على هامش قضية نور الشريف)
- الفكر السلفي كان سبب سقوطنا في الماضي و الحاضر
- مكونات المخزن السلفي المدمر للإنسان و العمران
- تعريف السلفية 2/2
- تعريف السلفيّة 1/2
- وصيّة!!
- مصطفى محمود ووالدتي حبيبة طليبة
- رد على تعليق للسيد عبد القادر انيس
- عقوق (قصة قصيرة )
- الفصلان الأخيران من رواية مآذن خرساء 47 و 48/48
- عدوّ!! ( قصّة قصيرة)
- سيد مصطفى حقي... قليلا من الإنصاف!


المزيد.....




- مصممة على غرار لعبة الأطفال الكلاسيكية.. سيارة تلفت الأنظار ...
- مشهد تاريخي لبحيرات تتشكل وسط كثبان رملية في الإمارات بعد حا ...
- حماس وبايدن وقلب أحمر.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار ...
- السيسي يحذر من الآثار الكارثية للعمليات الإسرائيلية في رفح
- الخصاونة: موقف مصر والأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين ثابت
- بعد 12 يوما من زواجهما.. إندونيسي يكتشف أن زوجته مزورة!
- منتجات غذائية غير متوقعة تحتوي على الكحول!
- السنغال.. إصابة 11 شخصا إثر انحراف طائرة ركاب عن المدرج قبل ...
- نائب أوكراني: الحكومة الأوكرانية تعاني نقصا حادا في الكوادر ...
- السعودية سمحت باستخدام -القوة المميتة- لإخلاء مناطق لمشروع ن ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حمادي بلخشين - ابن حنبل و خلق القرآن زوبعة في فنجان6/6