أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - صورة (قصة قصيرة على هامش قضية نور الشريف)














المزيد.....

صورة (قصة قصيرة على هامش قضية نور الشريف)


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 2928 - 2010 / 2 / 26 - 14:47
المحور: الادب والفن
    


ظل جدّي متوترا منذ بلغه إتهام نور الشريف بالشذوذ الجنسي... حين يختلي بنفسه، كان نسمعه يرددّ بأعلى صوته دون أن يكف عن ضرب الحائط بقبضتيه الواهنتين:
ــ هل فعلتها حقّا يا نور الشريف؟ هل فعلتها حقا يا نور الشريف؟... لو صحّ الخبر فستكون كارثة حقيقيّة!
أحترت كثيرا من موقف جدّي و تأثره البالغ بقضية الممثل المصري الذائع الشهرة.. لم أتصورقطّ أن جدّي الوقور المتدين سيتأثر قليلا أو كثيرا بما أشيع عنه، لأن الوسط الفني المليء بالمثيرات الجنسية و السقطات الأخلاقية لا يمكن أن يصيب روّاده بغير إلإشاعات المماثلة.. لأجل ذلك فإن وقاية الشرف الرفيع من الأذى يقتضي من كل شريف مقاطعة ذلك الوسط الموبوء و أهله ليس هذا فقط، بل و مقاطعة كل من تربطه صلة بمن يرتاده ...لأجل ذلك، لم أملك نفسي أن صحت بجدّي العزيز حين راعني تأثره المتصاعد بمرور الأيام و توالي الأنباء عن آخر المستجدات في قضية الحال :
ــ لو كان الرجل حريصا على شرفه لما امتهن التمثيل أصلا.
اعتصم جدّي بالصمت. اكتفى بزم شفتيه و التطويح برأسه في هيئة المستخف بي! حين انصرفت عنه الي حاسوبي سمعته يقول:
ــ متى ستقلع عن حماقتك و تكفّ عن سطحيتك؟!
تدخلت والدتي لأول مرة منذ محنة جدّي... ضربت كفا بكف ثم قالت مدافعة عني :
ـــ و حق الله يا ابي... لقد أحترنا في أمرك.
كان جدّي يتطلع إليها وقد ارتسمت على شفتيه نفس الإبتسامة الساخرة في حين استمرت والدتي تقول :

ـــ بالله عليك كيف تهتم بأمر ممثل مائع كما كنت تسميه، حتى انك وصفته لي ذات مرّة بأنه أبعد ما يكون عن النور و عن الشرف؟
نهض جدّي من مكانه، تأملنا طويلا، أرسل زفيرا حادّا تلاه استغفار حارّ و استعاذة من الشيطان الرجيم، ثم أردف وهو يولينا ظهرا نحيلا:
ـــ وهذه المخلوقة أيضا لا تقلّ عن ولدها حمقا و سطحيّة!

أشفقنا على جدّي كثيرا، منذ ذلك الحين... تأكدنا من دخوله الفعليّ مرحلة التدهور العقليّ التي تسمّى خرفا بلغة الطبّ.. و إلاّ فهل يعقل لإنسان سويّ تغيير ظنه السّيء في شخص كريه بعد أن يبلغه عنه ما يزيد ظنه سوءا؟!

تفاقمت حالة جدّي، كثر همّه و قلّ طعامه و ندر نعاسه، حتى أثناء نومه كنا نسمعه يردّد بين شخير و آخر:
ــ اللهم لا... اللهم لا ... اللهم ألطف بأمّة محمّد!... اللهم لا ... إلاّ نور الشريف... إلاّ نور الشريف!
ضحكت و أمي طويلا حين سمعناه ذات مرة و هو يدعو بضراعة عقب صلاة ظهر أو عصر:
ــ الله أجعل الخبر كاذبا و الإشاعة باطلة.... يا عالم المخفي و الظاهر، أحفظ صورة عبدك الطاهر نقية في أذهان الأجيال القادمة!

حين بلغ جدي تبرئة نور الشريف، ثم إصدار حكم بالسجن و غرامة ماليه في حق الصحفيين الذين اتهموه... طار فرحا و عادت إليه بهجته... لأول مرة في حياتي رايته يرقص طربا، حتى انه اتصل بمحلّ مرطبات فاخر وطلب كعكة ذات ثلاث طوابق لا تليق بغير المناسبات الكبرى، أوصى بان يكتب عليها بخط من شكولاتة "احتفالا بنقاء صورة الرجل الطاهر"... وقد تولى جدي قطع الكعكة بنفسه.!

رغم زوال توتره و انتظام أكله و نومه و عودة السلام الي نفسه، فان هاجس الخوف علي جدي لم يغادرني...كان لا بد لي ــ حتى ولو اتهمت بسطحية كل الدنيا و حماقتها ــ أن اطرح عليه سؤالا الحّ
عليّ طويلا.
كان جالسا حين دنوت منه، طوقته من خلف بذراعيّ، أزحت طاقيته طبعت قبلة على شعره الأشيب، سألته برقة:
ــ هل يمكنني يا أعز جدّ في العالم أن أسألك و أنا آمن؟
ضحك طويلا ثم قال:
ــ سل و أنت آمن!
ـــ هل كان نقاء صورة نور الشريف يهمّك الي هذا الحدّ؟!
أمسك جدي بيسراي سحبني أمامه ضغط على ساعديّ حتى أجبرني على الجثو على ركبتيّ... أمسك إذني سألني وهو يوسعها فركا :
ـــ أي صورة يا مغفل؟
ثم وهو يغرق في الضحك:
ـــ آه ... أه لعلك شككت ولو للحظة واحدة أن تلويث صورة ملوثة أصلا قد أهمت جدك.
اجبته و أنا أحاول إبعاد إصبعيه عن أذني:
ـــ ذلك ما اعتقدته بالضبط، خصوصا و انا أعلم رأيك في الرجل.
فاجأني حين قال مؤكدا:
ـــ ولا زلت حتى اليوم محتفظا برأيي فيه.
قلت وقد داخلني يقين شابه إشفاق شديد لخرف جدّي المسكين:
ــ علي أي صورة تحرص و عن أي رجل طاهر تتحدّث إذن؟
ابتسم جدّي ثم قال:
ــ عن صورة عمر !
ـــ ....؟؟؟
ـــ أعني عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه...
ــ لعلك تعني خامس الخلفاء الراشدين؟!
وكزني جدي بمرفق حاد وهو يقول:
ـــ بلى يا خاتم الحمقى و المغفلين و هل اعني سواه!!
صحت من فرط تعجبي:
ـــ و لكن ما دخل صورة الخليفة الراشد بما أتهم به الممثل المصري؟
ـــ ألم يبلغك يا سخيف أن ذلك..
ثم هو يقلدني متهكما
ـــ ... " الممثل المصريّ" قد قام بدور عمر بن عبد العزيز في مسلسل رمضاني سابق !


كنت مستغرقا في نوبة ضحك هزت جسدي حين استمر جدي يقول بكل جدية:
ـــ ما شق على جدّك و كبر عليه، هو اقتران صورة عمر بن عبد العزيز في اذهان المسلمين... ولأجيال كثيرة قادمة... بصورة ممثل مأبون!
ـــ ....
ـــ الا يكفي ذلك استهانة بصورة الرجل الطاهر؟!

أوسلو 22/2/2010



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر السلفي كان سبب سقوطنا في الماضي و الحاضر
- مكونات المخزن السلفي المدمر للإنسان و العمران
- تعريف السلفية 2/2
- تعريف السلفيّة 1/2
- وصيّة!!
- مصطفى محمود ووالدتي حبيبة طليبة
- رد على تعليق للسيد عبد القادر انيس
- عقوق (قصة قصيرة )
- الفصلان الأخيران من رواية مآذن خرساء 47 و 48/48
- عدوّ!! ( قصّة قصيرة)
- سيد مصطفى حقي... قليلا من الإنصاف!
- منام !! ( قصّة قصيرة)
- النقاب الوهّابي خطيئة علمانية
- إعتذار لكل النساء و الكتاب و القراء يليه رد على السيد عبد ال ...
- عن ضرب شاذات النساء في شرع خاتم الأنبياء
- رد هادىء على السيدة وفاء سلطان
- الصّوفية، مرّة أخرى و أخيرة (مآذن خرساء 46/48)
- في بلادي، الفقراء يشنقون أنفسهم.( مآذن خرساء 45/48)
- مصر، لا نور الشريف هي الخاسر الأكبر
- شراء بيت بربا ( مآذن خرساء 44/ 48).


المزيد.....




- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - صورة (قصة قصيرة على هامش قضية نور الشريف)