أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - كلوشار














المزيد.....

كلوشار


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 2843 - 2009 / 11 / 29 - 22:54
المحور: الادب والفن
    



- يا لطيف! أتمنّى من الله ألا يصعد هذا الرجل إلى الحافلة بالرغم من أن أنّها شبه فارغة، لكنّ الرجل وللأسف توجّه مسرعًا نحو الباب الخلفي حيث كنت أجلس هناك، ليس بعيدًا عن المدخل. وقفت وسارعت بالهرب إلى المقاعد الأولى. قد يظنني البعض أهرب من صاحب دينٍ يطالبني به ولم تعد لديّ سوى تلك الوسيلة!

لا .. بالطبع. الموضوع مختلفٌ تمامًا يا أصحابي، فهذا الرجل ينتمي لفئة نسمّيها هنا في بلاد الواق الواق كلوشار! وأتمنى من الله إذا كُتب لأحدكم زيارة بلغاريا أو أيّ دولة أوروبية ألا يعاشر أحدهم لا من بعيد ولا من قريب. صعد الكلوشار إلى الحافلة وانطلقت الروائح القاتلة حتى زكمت أنف قائد الترام والذي يبعد عشرات الأمتار عن المدخل الأخير للحافلة. شتم قائد الحافلة وأغلق الباب على نفسه ودلق ما تيسّر من عطر لديه. بدأت قطع الحديد والخردة التي يحملها تدندن كلّما تحرّك الرجل، وكانت المحطّة التالية رئيسية وهذا يعني صعود أعداد كبيرة من الركاب. صعد شباب في عمر الورود وبدأ التأفّف وتجرّأ أحد الشبّان وصرخ في وجه الكلوشار طالبًا منه الهبوط فورًا من الترام، المعروف بأنّ هذه الفئة من البشر لا تعرف معنىً للتذكرة وتستخدم المواصلات العامّة بشكلٍ كامل بالمجان. شابٌ آخر كان أكثر جرأة انتظر حتى فتح الترام أبوابه وقذف بالرجل خارج الترام! انطلقت الحافلة الكبيرة مجدّدًا لكن الرائحة الكريهة النتنة بقيت تحاصرنا وتزكم أنوفنا حتى بعد أن قطع الترام مسافة كبيرة، ولولا أنّني كنت في عجلة من أمري لهربت من الحافلة ولبحثت عن وسيلة مواصلاتٍ أخرى.

كلوشار لا يعرف معنى الحمام إلا إذا جادت عليه السماء بما تيسّر من الماء فقط دون الصابون بالطبع. إذا كانت لدى أحدهم قطعة قديمة وقذرة من الملابس، استفرغ مريضٌ فوقها أو عقّمها جرذٌ ما، وقررت العائلة التخلّص منها فستجدها بعد يومٍ أو يومين فوق جسد الكلوشار ولن يخلعها عنه لأشهر طويلة حتى وإن وجد غيرها، تصوّروا كيف يكون الوضع خلال أيام الشتاء الباردة أو أيام الصيف الحارّة عندما يحشر الكلوشار رجلٌ كان أو امرأة جسده في هذه القمامة! الكلوشار يا زملائي يعلن امتلاكه لمجموعة من حاويات القمامة قد يقتل ويضرب إذا تجرّأ أحدٌ ما أن ينبش أو يعبث في مدّخراتها من القمامة، يأكل ما يجد هناك وعند آخر الليل يبحث عن شارع ضيّق أو مدخل مترو أو حفرة أو خلف جدار أو تحت الدرج. ينام أينما تيسّر، وخلال ساعات النهار يرافق الكلاب الضالة، حيث يكون هناك عادة مجموعة من الكلاب التي ترافقه ليتقاسم معها ما يجد من فضلات وعظام. بيد أن الكلاب على أيّة حال لا تفرز تلك الرائحة السيّئة والنتنة التي نستنشقها كلّما فاجأنا كلوشار بحضوره القويّ، لأنّها تلعق جلدها وتحاول الاغتسال بمياه المطر أو المياه الجارية، بينما يجد الكلوشار عداوة مستأصلة بينه وبين النظافة! وبعد فترة من الزمن يأخذ بالتفاخر بين أقرانه ويضرب على صدره صائحًا: لا أحد يمكنه أن يجاريني في فرز الروائح النتنة. أنا ملك القذارة!




#خيري_حمدان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفعات
- الشاعر البلغاري بيتكو براتينوف
- مائدة في رابعة الزمان
- ليس من عادتي البكاء
- رشاد أبو شاور – عاشق مسافر
- الرحلة رقم (001) الحلقة الثانية
- الرحلة رقم 001
- العرب يحسنون الخسارة
- ملك الغجر
- لا شيء سوى الجنس!
- جدوى خطّة سلام الدكتور أفنان القاسم
- ما بعد الأبديّة بفرسخ
- تلك المرأة
- قلبٌ واحدٌ لا يكفي
- علي والكفّ
- الصحراءُ وأنتِ!
- القلم المكسور
- لا تلبس الأزرق أمام عدسة زنوبيا
- تأملات في مهب الريح
- الكتابة على أوراق النار


المزيد.....




- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - كلوشار