أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - ما بعد الأبديّة بفرسخ














المزيد.....

ما بعد الأبديّة بفرسخ


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 2768 - 2009 / 9 / 13 - 20:52
المحور: الادب والفن
    


ما بعدَ الأبديةِ بفرسخٍ وخطوةٍ وروحٍ ولحظةٍ وقبلَة
أقفُ إلى جذع زيتونة قُطِعَ وَريدُها فمالت فوق كتفي
خضراءَ تناجي الخالق، تستجدي منشاراً وتدمعُ
ما بالُ الجُنْدِ غاضبون، يحرقون الهواء،
يحاصرون حصاري ويسكبون ما تبقّى من دماءٍ في
شراييني! واللبنُ تلوّن بدمي فقنا ودفق وسالَ في ليلة
الإسراء،
قبل أن تنشقّ السماءُ وتبتلع دعاءَ الفقراءِ.

من أنتَ؟ سألني ملاكُ الموت، كان حريصاً على معرفةِ
هويتي.
ما الفرقُ ما دُمْتَ قد قررت نَحْري واستلابَ روحي!
قالَ: تعبتُ من التعبِ المخيّمِ على شواطئ المتوسّط
حتّى البحرُ الميّتِ مات! ومضى خلف الأبديّة يبحثُ عن
روحِهِ.
قال: ماذا بعد فناءِ الإنسانية بفرسخ؟ أأقبضُ روحي
وحيداً؟
قلتُ له: نتعاطَ الموتَ منذ هبط آدمَ ضيفاً علينا،
ما الجديد؟
قال: أخشى الوحدة، أخشى الصحراءَ، أخشى الموت
أخشى ذاتي والفناء!

ما بعدَ الأبديّة عيناكِ وترانيمٌ وسفرٌ بلا حقائبٍ
وليلٌ وشاطئٌ وبِلا أجنحةٍ ملاك.
وحوارٌ وخمائلٌ وبلابلٌ وسلاسلٌ
تكسرُ يدي وأمضي الليلةً في قطارٍ تائهٍ
أغمضُ عينيّ لأنّ الضوء يُرْهِقُني ويخطِفُ منّي
هذا الحنينِ وأسافرُ أسافرُ حتى حدودِ المستحيل
يا قمراً جريئاً تعذّب أكثرْ
ليضيءَ أكثرْ
تنحني الأشجارُ السامقةُ خاشعةً
عندَ حدودِ الجليل
وتهمسُ هذا الوطنُ مهزومَ الهويّة
يكفي مقبرَةً للشهداء
وتدوّنُ العنقاء سيرتَها فوقَ ذاكرتي
تمحو أوراقاً وعِشقاً كان قد تكاثرْ

ما بعدَ الأبديّة أبديّةٌ أخرى
وحنينٌ لا تنقطعُ أواصرُهُ
ومَرْيَمِيّةٌ ونعناعٌ وحبّةُ ليمونٍ
وعيونٌ عسليّةٌ تنظرُ إلى الأفقِ
ِمن هُنا مرَّ السَنَوْنَوُ قبلَ أبديَّةٍ لَمْ تُسَطََّرْ
مِنْ هُنا مرّ عاشِقْ!
مِنْ هنا مرّ الفرزدَقْ.
ذَرِبَ البدوُ الرُحَّلِ السُيوفَ
تواطئوا مع رياح الخَماسين
ثمّ أقعوا عند بئرٍ جدباء
يستجدون قطرةَ ماءٍ من سماءٍ متمرّدة
أرعَدَتْ دون غَمامٍ وتاهَ البرقُ في المحيط

دَلَفَتْ إلى البحرِ ليغتسلَ البحرُ من رحيقِ جسدها
فابتلعها عِشْقاً وركضنا خلْفَ الموجِ
عاتبين صارخين مستجدينِ رحمةَ الآلهة
فقالت: الروحُ لي ولكم الجسدُ هاويا
للبحرِ نسغُ الحياةِ فليُغادر الموتُ مياهيا

أنا لستُ رَحالَة لكنّي تُهْتُ في لجّة الحدثْ
ومَضى التاريخُ يقصّني حكايةَ الآخر
عفا عنّي الزمنُ .. أنا جزءٌ من الماضي
لا أملكُ عنانَ حصاني الجامح وكان عربيّاً
لم يهجّن ولم يُذْعِن للريح للمطرِ للجازِ
لكنّه لصوتِكِ أذْعَنَ وخبا وخرَّ
راكِعاً متهدّجاً بينَ يديك فلا تقتُليه
دعيهِ يعيش أبديّةً أخرى لم يبقَ في جعبة الشاعر
سوى قصيدةٍ وقافيةٍ واحدة
قميصُهُ الأبيَضّ قُـدّ من قُبُلٍ
لكنّ الشفاهَ لم تلتقِ اليومَ وبقينا نعاني لوعةَ الظمأ
وبقينا نلهثُ خلفَ سرابٍ لا ينقطعُ لا ينجلي
حتّى بلغتُ وإيّاكِ على هودجٍ معطّرٍ بماءِ الوردِ
مشارفَ الأبديّة!



#خيري_حمدان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلك المرأة
- قلبٌ واحدٌ لا يكفي
- علي والكفّ
- الصحراءُ وأنتِ!
- القلم المكسور
- لا تلبس الأزرق أمام عدسة زنوبيا
- تأملات في مهب الريح
- الكتابة على أوراق النار
- أنا العاشق وحبيبتي غزة
- صومعة على حافة الطريق
- شتاء العمر وربيعك
- لن أكون رئيسا يوما ما
- أسفار
- هُنا بلْ هُناكْ
- شخصيّات عبر التاريخ (أندريه تاركوفسكي)
- إرهاصات فكريّة
- البحث عن دلال
- أعراس
- شخصيّات عبر التاريخ (بوريس باسترناك)
- بصحّة الرفيق ستالين


المزيد.....




- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - ما بعد الأبديّة بفرسخ