أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - أنا العاشق وحبيبتي غزة














المزيد.....

أنا العاشق وحبيبتي غزة


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 2538 - 2009 / 1 / 26 - 05:47
المحور: الادب والفن
    



أنا العاشق، اليوم وغدا، ومنذ أن تعلم قلبي كيف يخفق، كيف يضخ كل ما يملك من دم مرة واحدة. منذ وُلِدْت وحتى اللحظة الأخيرة من حياتي. أنا عاشق وحبيبتي اليوم غزة. مدمرة، مذبوحة، منهكة، مغتصبة، راقصة، مصلية، حزينة، مفطورة القلب، حادّة بعد كلّ هذا الموت، باكية، مصلوبة عند حدود التاريخ وصفحات الجغرافيا الممزقة، أحبك يا غزة.

كنت أرقد وكأس من الشاي يندلق دافئاً في جوفي، كنت أحاول أن أنغلق، أن أبتعد عن واقعي الرتيب. وعلى حين فجأة، تناثرت أشلاء القصيدة، انكسر القلم، وامتزج طعم الدم والشاي في فمي. كتمت دمعة فانهمرت دموع. كتمت صرخة، فامتلأ فضاء روحي بالصراخ. همس في أذني بن زياد، قال طارق: البحر أمامهم والعدو في كلّ مكان. والخيارات لا تتعدى الموت وقوفاً، وجلوساً. وبكى ملاك الموت، كاد أن يستقيل، كاد أن يعترض، كاد أن يصبح إنساناً، كاد أن يفدي الطفولة المسلوخة في غزة بالخلود .. عندها انتحرت البراءة، وأضحى الرضيع شيخاً، وشربت عروس الأمس مياه آسنة، اختلطت بدماء أخيها، وزوجها فقد معالم وجهه، بعد أن تاه الطريق عن الحياة.

كنت أراقص طيف امرأة، حين قفزت طائرة مقاتلة من نافذة أحلامي، قتلت كلّ ما أملك من غبطة وابتسامات، تركتها للغد، تركتها ليوم أسود. اعتذرت من أعلام الطرب، انقطعت أوتار العود، وبحّ صوت العندليب، لم يكمل مواويله، ولم يغيّر المذيع من نبرة الصوت إلا قليلاً، طأطأت رأسي، وتسامت هامة غزة، طأطأت رأسي، لعل العاصفة تمضي، عندها ناجتني أرواح الصغار، عانقتني يا أمي أرواح غزة، قبل أن ترتقي إلى بارئها، مرت بطيفها الشاحب فوق جبيني، والأسئلة تتوالى، كانت تريد البقاء في محيط الدنيا، لم تدرك بأنها قد ماتت؟ لم تملك من الوقت ثانية واحدة للوداع.

ما بال رام الله لا تنكس أعلامها؟ دوى الهشيم في قلب الدوحة والقاهرة ودمشق والرياض وعمان. دوى الحطام عند أضرحة الأنبياء، ولم يرتجّ (كرش) امتلأ بنخب النبيذ المعتق، ورجع الكلام صمت مخيم. دوى الهشيم في قلوب الأجنة، فطرحت الحوامل أحشاءها، لحظات قبل المغيب. لم ينجُ من الموت سوى قطة؟ ما أجمل القطة في صباح غزة، وما أبشع انعكاس صورة الخيانة؟ سأغتسل في مستنقعات غزة، لأطّهر روحي، دعوني أبتهل إلى سماء فلسطين الدامية. كلّ ما ترنوه عيني معمّد بالدماء. وُلِدْتُ على حين غفلة هناك، وصُلِبتُ إلى جانب المسيح، وطفت في الأقصى حين كنت صغيراً، شاهدت كيف يغفو الحنين، فمارست طقوس السحر لعلّ ذكرى قريتي تراودني ليلاً والناس نيام. وُلِدْتُ على حين غفلة في وطني، فسُلِبْتُ الهوية، وتاه جسدي بين جنبات المطارات، فكسرت المرآة، لكني تذكرت بأني ما زلت أمتلك مفتاح بيتي، قالوا لي بأنه أصبح دون أبواب، فقلت أفتح مصارع قلبي، وأدلف دون دعوة، دون تصريح سفر. أدلف إلى بيتي مصحوباً بجرحي، وأنا قادر على الاحتمال، فابتسمي غزة، ابتسمي الليلة، أغمضي عينيك، ودّعي ركب الشهداء، ما زال في القصة بقية. أنا العاشق وحبيبتي غزة.



#خيري_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صومعة على حافة الطريق
- شتاء العمر وربيعك
- لن أكون رئيسا يوما ما
- أسفار
- هُنا بلْ هُناكْ
- شخصيّات عبر التاريخ (أندريه تاركوفسكي)
- إرهاصات فكريّة
- البحث عن دلال
- أعراس
- شخصيّات عبر التاريخ (بوريس باسترناك)
- بصحّة الرفيق ستالين
- في حضرة الشيطان
- أحياناً تنفلت اللحظة
- فضاء روحك
- أنشودة الشرق
- العسل ومعاني العدم
- ستّون عاماً وعام يا وطني نكبة
- طقوس الغرام
- علبة الكبريت
- شتاء الوطن


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - أنا العاشق وحبيبتي غزة