أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - لا شيء سوى الجنس!














المزيد.....

لا شيء سوى الجنس!


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 2777 - 2009 / 9 / 22 - 22:27
المحور: الادب والفن
    


ذهبت ربّما لتصنع القهوة أو لتغتسل! لا أدري ولكنّي تحرّرت من جزءٍ كبيرٍ من ملابسي في انتظار لحظة الوصال. حين عادت نظرت إليّ بحيرة. أخبرتها بأنّنا اتّفقنا قبل ذلك على أن ننهي تواصلنا الجنسيّ على عجل دون خاتمة أو حتّى مقدّمات. لكنّ رائحة القهوة كانت نافذة وقويّة وشهيّة.

كان المطر في الخارج قويّاً ولم أكن أحمل معي مظلّة، وفي انتظار الإشارة الضوئية الخضراء شعرت بها وقد وضعت مظلّتها الكبيرة فوق رأسي. قالت بأنّني تبلّلت كثيراً. شكرتها وأخبرتها بأنّني نسيت المظلّة في البيت! ذهبنا بعد ذلك إلى مقهى قريب، شربنا الشاي مع الليمون وطلبت هي كأساً من النبيذ الأحمر، كانت حائرة في هذه العلاقة العابرة. أخبرتها بأنّني أكره العلاقات الجادّة وأنّني رجلٌ بوهيميّ أرفض احتواء امرأة لي أكثر من ساعات معدودة. لا مواعيد لا قبل عند الباب وقد أدعو صديقة لمضاجعتها في بيتها. كانت مشدوهة ولكنّها لم تجرؤ على رفض الدعوة. ثمّ ذهبنا إلى بيتها لممارسة الجنس لا أكثر.

لماذا صنعت القهوة؟ هل من الضروري أن أترك جزءاً من ذاتي هنا. ألا يكفيك حيواناتي المنوية أتركها مجاناً في الواقي أو في رحمك. أنا بين يديك! وأخذت عيناها تتحدّث. قالت: هل تقبّلني قبل ذلك؟ قلت لها بأنّني سأقبّل نهديها ويديها وشفتيها وإبطيها وكلّ بقعة ساخنة في جسدها! هزّت رأسها وقالت: هل ستقبّلني من أجل القبلة ذاتها؟ هل ستنظر إلى عينيّ أثناء ذلك؟ هل ستمسك بيدي قبل أن أتوه في عالمك الرجوليّ.

هوى عضوي المنتصب دفعة واحدة. لم أكن أخشى النسيان بل كنت أخشى الذكرى. لم أكن أرغب بمشاهدة نصف عريها والساتان الذي كان يغطّي بشفافية وقحة محاسنها. كانت على وشك هزيمتي، الذكرى هي عدوّي الأوّل. ذكرى القبلة الأولى وفنجان القهوة الأوّل. هذه المرأة التي تحمل جرحاً أبديّاً بين فخذيها وتنزف كلّ شهرٍ أسبوعاً. تنزف ولا تموت، لكنّها تجدّد ذاتها وتبدو بعد ذلك أجمل وأكثر رونقاً وزهواً وحضوراً. هذه المرأة على وشك أن تهزمني مضفية على حضورها ذاكرة لا تّمحي بالاغتسال بعد بلوغ ذروة باتت صعبة المنال. أدركت بأنّ مروري بجسدها يعني إبقاء توقيع وبصمة في الذاكرة! من يضمن لي عدم قرع بابها مرّة ثانية في الغد أو بعد غد؟ هل سأحضر لها وردة أو حتى باقة من القرنفل؟ وربّما هدية قد لا تعجبها وأنطلق وإيّاها تجاه المحال التجارية لإرضاء غرورها، وستضع يدها بيدي وستحضن ذراعي وستريح برأسها فوق كتفي وستكتب في ذاكرتي قصّة حبّ قد تنتهي بزواج ربّما. لا .. هذا كثير! لماذا لا تشرب القهوة؟ كنت أودّ أن أقول لها بأنّ قهوتها رائعة ولهذا أخشى أن أشربها. أخشى ابتسامتها أيضاً. أشتهيها وأخشى شهوتي! أخشى أن أسافر في عينيها! بل وأخشى جرأتها هي التي حمتني من المطر لأخطف رحيقها دون مقابل! ووافقت على المضيّ في قاطرتي المأهولة بهوس الحريّة المكبّلة بالجمال. أخشى عينيها أيضاً لأنّهما تضجّان بصخب الحياة. كانت تعرض روحها وجسدها بسخاء. وأدركت أنا معنى السفر في حقائبها وأشياءها الصغيرة وعالمها الأنثويّ وملابسها السوداء القصيرة واكسسواراتها. حاولت أن أنظر إلى ذاتي فوجدتني مطأطئاً رأسي. آه .. ربّما كنت أخشى الحياة! كيف يمكن أن تختزلني امرأة. أنا الشرقي لا أرتوي من نبعٍ واحدٍ، قد أختنق في بحيرتها اللجّة. قد أذوب في سكّرها وفي سراديب يومياتها.

كنت قد حضرت لأمارس طقوس الجنس كالعادة، أرفع بنطالي وأرتدي قميصي وأطير نحو عشّ آخر. ولكنّ، ها قد مضى عشرون عاماً وأنا غير قادر على مغادرة عشّها. وكلّما حاولت الهرب تذكرت الساتان الذي كان يخفي عريها المكشوف وخفرها الخفيّ، وفنجان القهوة الذي دلقته في جوفي وكانت عيناها آنذاك تصرخ تتحدّث بلغات لم أدرك كنهها حتى يومي هذا.






#خيري_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدوى خطّة سلام الدكتور أفنان القاسم
- ما بعد الأبديّة بفرسخ
- تلك المرأة
- قلبٌ واحدٌ لا يكفي
- علي والكفّ
- الصحراءُ وأنتِ!
- القلم المكسور
- لا تلبس الأزرق أمام عدسة زنوبيا
- تأملات في مهب الريح
- الكتابة على أوراق النار
- أنا العاشق وحبيبتي غزة
- صومعة على حافة الطريق
- شتاء العمر وربيعك
- لن أكون رئيسا يوما ما
- أسفار
- هُنا بلْ هُناكْ
- شخصيّات عبر التاريخ (أندريه تاركوفسكي)
- إرهاصات فكريّة
- البحث عن دلال
- أعراس


المزيد.....




- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - لا شيء سوى الجنس!