أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري هاشم - الحافلة والذئاب الجزء الثاني















المزيد.....

الحافلة والذئاب الجزء الثاني


صبري هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 2842 - 2009 / 11 / 28 - 23:45
المحور: الادب والفن
    


16 ـ البلاد العاشقة
***
تعالَي شاهقةً
مثلَ أفراسٍ مُغيرةٍ
تلتهمُ ضفافَ الصباحِ
مثلَ أفراسٍ قادمةٍ مِن وراء المجرّاتِ
تحملُ قمراً مُدْهِشاً ونافذةً للبَوْحِ
هذه الأفراسُ خطفتْ وردةَ الماء
وبها عَبَرَت تخومَ الصحراء
تعالَي شاهقةً
كما عرفتُكِ للوهلةِ الأولى
اغمريني برائحةِ الوجدِ
ثم تضمّخي بزيتِ المُغرياتِ
مُغريةً تعالَي
كما عهدتُكِ منذُ تَهَوّرِ النّهدِ في ميدانِ الرقصِ
اغسلي وجهَ الصّبحِ بالضحكاتِ
وداعبي بهجةَ النّدى
أنتِ ، أنتِ
كم أخشاكِ مسكونةً بموسيقى الرّيح
وشهوةِ الشّمسِ
وأنينِ النهارِ
تعالَي ، مِن علٍ ، مُبَخّرةً
فأنا ، منذُ اشتياقِ السواحلِ لجسدِ الأنثى ، منتظرٌ
منذُ انطفاءِ الحكايا في كؤوسِ الليلِ
أنا منتظرٌ
فوقَ رصيفٍ لا يملُّ انتظاري
وشيئان مِن حوليَ يدوران
مِن وهجِ اللحظةِ يقتربان
عني يبتعدان
شيئان يصبّان في نهرِ تَوتُّري :
لوعةُ الحنينِ إليكِ أيتها البلادُ البعيدة
والألمُ الصاهلُ في صدري
اقتربي طازجةً
فما أشهاكِ هذا الصّباحِ
وما أطيبَكِ في المساء
اقتربي يا نبعَ اللذّةِ
فهذه الجدرانُ الوهميةُ
ستنفتحُ على السهولِ السمراء
وهذهِ الصروحُ الرّماديةُ ستنهدُّ
وفوقها ينمو زهرُ البهجةِ
تقدّمي
ما أرقّكِ اللحظة !
عاليةً كوني
شاهقةً
ومعكِ أجلبي الصحراءَ
وشيئاً مِن سرابٍ
وأوهميْنا ببحرٍ بلُّوريٍّ
قولي هذا بحركم الذي به تحلمون فاركبوا السفينة
ثم ارتحلوا
غادروا المدينة
تعالَي واجلبي المطرَ
هل يأتي المطرُ بعد الآن ؟
هل تأتي السّحابةُ العاشقةُ ؟
هل يأتي النّسيمُ بعد هبوبِكِ ؟
هل تأتي بلادٌ حزينة ؟
شيئان مني يقتربان
شيئان عنّي يبتعدان
شيئان حولي يدوران
كلّما عصفت بنا المنافي
كلّما كانت تلك البلادُ بعيدةً
تلك البلادُ التي كانت إلى جواري
تظللني مِن وهجِ الهجيرةِ
كأنّها شجرٌ فردوسيٌّ
تميلُ حيثُ أميلُ
تعالي شاهقةً مثلَ نسرٍ أغوتْه نجمةٌ
تعالي فتلك البلادُ صارت بعيدةً
هجرتْنا وعلينا لم تنشر الظّلالَ
بعد الآن
تلك البلادُ التي غارتْ في المسافةِ
لم تعدْ بلاداً بعد الآن
برلين 1 ـ 11 ـ 2009
***
17 ـ ليل امرأة
***
على أبوابِ عدنٍ
التي اغتالتْها حروبُ القبيلة
كنتُ أُغنّي لأجلِ امرأةٍ تسكنُ في الأعالي
وتُمشّطُ الليلَ بكفٍّ مُرتعشةٍ حزينة
وكان كلُّ الليلِ يسقطُ في السفينة
كنتُ أُغنّي لامرأةٍ تسرحُ في المرايا
تغمرُها مِن الرؤيةِ دهشة
فتأسرها السرايا

2 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
18 ـ تعبَ البرُّ
***
عَدْواً تأتي
مِن آخرِ لوحٍ في جسدِ البرّيةِ
حتى شهقةٍ محبوسةٍ في صدرِ البحرِ
مُلْتَفّاً بحريرِ الأشواقِ تأتي
على كاهلِك تحملُ أعواماً خاسرةً
لا ترى غيرَ الرّملِ
يسفُّ بوجهِ المدى
ولوعةِ النَّبْتِ للماء
لا ترى غيرَ عطشِ الطّيرِ في البيداء
عَدْوَاً تأتي
تجرُّ عرباتٍ
نحو وحلِ اللقاء الأخير
وتمرُّ مِن بعدك الرّيح
2 ـ 11 ـ 2009 برلين
***
19 ـ الساكن الوحيد
***
أنا رأيتُ الحمامَ
في فضاءِ البيتِ يدور
يسألُ عنِ السّاكنِ الوحيد
أين ذهبَ السّاكنُ الوحيد ؟
أيُّ الطُّرقِ تناهبتْه
أيُّ المَفاوز ؟
وكأنما نخلةٌ هجرتْ قاعَها
إلى أرضٍ غريبةٍ
رحلَ السّاكنُ الوحيد
كان الحمامُ يدور
كان
كان الحمامُ يدور
ظلَّ الحمامُ يدور
ظلَّ
ظلَّ الحمامُ يدور
يسألُ عنِ السّاكنِ الوحيد
والساكنُ لن يعود
هي الهجرةُ الأبديةُ
هي الهجرةُ الأزليةُ
هي الرّحيلُ المُباغتُ
هي انغلاقُ سبلِ العودة
ويظلُّ الطيرُ يدور
كلُّ السّماواتِ اُختزِلتْ
والزرقةُ غادرتْ
والساكنُ لن يعود
وحيداً عاشَ
في تلك البلادِ التي
كأنها مِن الوحشةِ صقيعٌ قاتلٌ
وحيداً عاشَ
وحيداً انحنى في الطّريقِ
يبحثُ عن دهشةٍ ضائعة
كأنه المقاتلُ الخاسرُ
في عودتِه الأزلية
كأنه المقاتلُ المُنكسرُ
في رحلتِه الأبدية
4 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
20 ـ حانة القلب
***
دخلتني الحانةُ
رتّبتْ كؤوسَ الليلِ فوق سطحِ القلبِ
و لأمرٍ ما خرجتْ
بعدها جاء الرُّوادُ
سهروا على ضفافِ نَبْضِي
شربوا مِن خمورِ العراق كلَّ ما في النَّفسِ
حتى هجرتُهم
تاركاً لهم الكؤوسَ والحانةَ التي
ستعودُ بعد حين

7 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
21 ـ زيارة مفاجئة
***
البارحةَ زارني البحرُ
كنتُ أُقلِّبُ أرشيفَ " ذات الصواري "
فلم أجد سفينةً واحدةً راسيةً في ميناء
كي أهديَها للبحرِ
اعتذرتُ له
وأهديتُهُ الأرشيفَ كلَّه

7 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
22 ـ زهر التُّفاح
***
هزّتني شجرةُ التُّفاح
كانت بثوبِ زفافٍ
تطلبُ لقاحاً
وحين لم أهبّ عليها
نسيماً مُشبعاً بالرحيقِ
خلعتْ ثوبَ عرسِها

7 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
23 ـ طار الحمام
***
في الصباحِ
فتحتُ كلَّ الأبراجِ
دعوتُ الحمامَ للطيرانِ
حين رأى السماءَ صافيةً
فرحاً طار
إلاّ الشعلاء منه
طلبتْ مجيءَ السماءِ إليها

7 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
24 ـ عناء
***
إلى المحطّةِ المنتظرةِ
حملتُ على كتفيَّ القطارَ
وكان المهرجانُ عظيماً
هل تعبَ القطارُ
أم تعبت المحطّاتُ ؟
وزّعتُ المسافرينَ على ذويهم
ووزّعتُ الحقائبَ
ورحتُ عنها أُفتِّشُ
فلم أجدها
سألتُ القطارَ
قال :
في منتصفِ الطريقِ ترجّلتْ
وادعتْ أنّها ذاهبةٌ إليك
ثم على كتفيَّ حملتُ القطارَ ثانيةً
وعدتُ إليها
بحثتُ عنها فلم أجدها
لم أجدها
في كلِّ المسافاتِ
في كلِّ الأماكن

7 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
25 ـ الصعود
***
استنبتُّ في حديقةِ البيتِ شجرةَ التوتِ
ودعوتُ الطائرَ الغرِّيد
أنْ يحطَّ على غصنٍ منها
أبى الطائرُ وحلّق
وشجرةُ التوتِ تتبعُه نحو الأعلى
الطائرُ يُحلِّقُ والشجرةُ تتبعُه
حتى توارى عن الأنظارِ
والشجرةُ مازالت تصعدُ
وتصعدُ
وتصعد
إلى أنْ غامتِ السماءُ
فلا الطائر عاد
ولا الشجرة توقفت عن الصعودِ

7 ـ 11 ـ 2009 برلين
***
26 ـ سرير الرّؤيا
***
اختطفني السريرُ
و بي نزلَ إلى الشارعِ
يُسابقُ الحافلاتِ
كنتُ في رؤيا ما قبل الفجرِ
العاهراتُ اللاتي
عُدْنَ توّاً مِن سوقِ الجسدِ
انشغلْنَ بأمرِ السّريرِ
العاهراتُ اللاتي حلُمْنَ بدفءِ السّريرِ
لم يعُدْنَ إلى بيوتِهنَّ

7 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
27 ـ حوض الرّؤيا
***
في رؤيا أولِ الليلِ
وجدتُ نفسي في حوضِ الماءِ طافياً
زورقي كان بعيداً
والميناءُ على مسافةِ فرسخين
في رؤيا آخر الليلِ
وجدتُ نفسي هائماً على الرّصيفِ

7 ـ 11 2009 برلين

***
28 ـ صديقتي وأنا
***
صديقتي ذهبتْ نحو الشّتاء
وأنا أُشذِّبُ زهورَ الشرفةِ
منتظراً الصيفَ الذي سيأتي
صديقتي عانقتِ الشّتاء
وأنا مازلتُ أنتظرُ الصّيفَ
الذي ربما يأتي

7 ـ 11 ـ 2009 برلين
***
29 ـ خذلان البحر
***
سبعةَ رجالٍ كانوا ومركباً
ينتظرون البحرَ الذي تأخّر
سبعةَ رجالٍ كانوا ومركباً
خذلهم البحرُ
ولم يأتِ

7 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
30 ـ نحن ونحن
***
مائيون نحن
سدنةٌ للرِّيحِ
وضّاحون في الظلمةِ
ونحن خفّاقون في النورِ
نحصدُ بلسمَ الطينِ
عصّافون في بحرٍ
نُلهي لجّةً في الليلِ
بجسدِ السّفينةِ
حطّابو غاباتٍ
تلبسُ حلّةَ الشّمسِ
ونحن برّيون إنْ شئتم
نقفُ ما بين حدودِ الجزرِ والمدِّ
ونرتقي صهلةَ الموجة
26 ـ 10 ـ 2009 برلين
***
31 ـ كالدمع
***
إنْ بكتِ السماءُ
كفكفتْ بمنديلٍ أزرق أدمعَها
وأنا أحطُّ فوقَ الغيمِ
أكفكفُ حزنَ القصيدة
إن بكتِ الطريقُ
دعني في غيي سادراً
أرفعْ رايةً للرحيل

27 ـ 10 ـ 2009 برلين



#صبري_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحافلة والذئاب الجزء الأول
- كائنٌ برّي
- هذه ليست برلين
- زمن الرحلة
- عاصفةٌ في شجرِ الله
- مملكة البدو
- لكلِّ موجةٍ زورقان
- جزيرة الهدهد
- أطياف الندى
- قال الأفْيُون
- عازف الرباب الجزء الثالث
- عازف الرباب الجزء الثاني
- عازف الرباب الجزء الأول
- لنشوى معبد في الريح
- خُذْ معك ثوباً للموجة
- لا تدخل ضباباً
- آخر الشرفات
- شرفات برلين
- نص خارج من معرض العبيدي
- بماء عين الحمام اغتسلي


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري هاشم - الحافلة والذئاب الجزء الثاني