أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري هاشم - لا تدخل ضباباً















المزيد.....

لا تدخل ضباباً


صبري هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 2675 - 2009 / 6 / 12 - 07:26
المحور: الادب والفن
    


1 ـ وردة الليل قبّليني
تُجالسُني الليلةَ على مائدةٍ مِن هواء
وذؤابةُ شمعةٍ تنوسُ في زاويةٍ
مِن البيتِ قصية .
تُنادمُني الليلةَ ومثلي تُحدِّقُ
في نافذةٍ خُلِقتْ للعراء
امرأةٌ هناك
خلف الزجاجِ الضاحكِ
تستحمُّ بالكوثرِ الملوّنِ والندى
تفتحُ قنينةً مِن عطرِها المُدوخِ وتُفْرغُها
فوق جسدِ المسافةِ الذي
حالَ دون تقاربِ الأجساد .
وردةُ الليلِ تُناغي وحدتي على مائدةٍ مِن هواء
لا تُجادلُ في هذا الغيابِ
إنما في الغالبِ تسألُني
عن سببِ اليبابِ
وبعد صمتٍ طويلٍ أُحاولُ أنْ أُجيبَ :
لستُ شحيحاً أنا يا وردةَ الليلِ ولكن
بي الحالُ ضاقت
وعليَّ تعسّرت
انقبضَ عني المالُ
وانطفأتْ مواقدي
نافذةٌ كفّت عن العطاء وأسدلت
على لهيبِ الجسدِ زغبَ المساء
نافذةٌ منّتْ بعطرِها الذي به مائدتي هامتْ
ووردةُ الليلِ التي انزوتْ
بعيداً إلى عمقِ الليلِ ارتحلتْ
وظلّتْ تُطلقُ الحزنَ والنشيجَ
وتُشعلُ الدُّنيا غضباً
آه يا وردةَ الليلِ التي
سَفَحتْ على مائدتي عطرَها المُثير
وفجّرتْ سِحْرَ نَبْعِها الدموعُ
ما أروعك !

3 ـ 06 ـ 2009 برلين
***
2 ـ محطّاتي
همسٌ في المرايا
مطرٌ في الشرفات
وإعصارٌ يُرتِّبُ ارتباكَ الأشياءِ في الحُجُراتِ
عصفٌ في الطرقاتِ
طَرْقٌ في الأنحاء
وخيولٌ سابحةٌ فوق جسرٍ
يمرُّ مصادفةً على سبعِ بحيراتٍ عجافٍ
في برلين
كلُّ العناوين الحبيبةِ اختفت
إبّان شحوبِ النهارِ
حتى الأقربُ منها إلى دفترِ القلبِ
عطرٌ في ضحكاتِ المرايا
وآخرُ في ثيابِ الشرفاتِ
وشمٌ على شغافِ الروحِ
هنا في برلين
جميلة هي الأشياءُ
4 ـ 06 ـ 2009 برلين
***
3 ـ لا تدخل ضباباً

هنا سأنيخُ راحلتي
تحت هذا الضبابِ الثقيل
في صبحٍ فضيٍّ
نصبَ سرادقَهُ على الطريقِ
وراحَ على المارّين يُنادي
كأنه يخافُ أنْ يضيعَ في الغيابِ :
أيّها العابرون
مِن أجلِ أحلامٍ مؤجلةٍ
عرّجوا قبلَ الرحيلِ .
هنا سأريحُ راحلتي
وضعتُ على كَتِفي أمتعتي
ومضيتُ نحو الواحةِ التي
ليس الماءُ فيها مِن عُريها ماء
ولا الفيء فيها للراحة
هنا قدري
خلدَ منذُ اللحظةِ
مثلما خلدتْ في البريّةِ أعشاشُ القبّرات
وهنا سرابٌ مشاكسٌ
سرابٌ برائحةِ حليبِ النوق
كلما منه دنوتُ
اصطدتُ مِن البحارِ عجيباً
هنا بلسمي المشبوبُ
فلتأتِ صقورٌ للصيدِ
وليأتِ جهراً صيّادُ
فواحتي أهلكتْ رحلي
ومِن بعدها
ضاعت رحالُ
فلتأتِ يا طيرَ الصبحِ
وانثرْ مثلَ الرمادِ
هذا الضبابَ العنيفَ
فلتأتِ أيُّها العابرُ
في كفنِ السفينةِ
أدنِ مني وجهَ السفينةِ
وخُذني معك
هنا أنختُ راحلتي
وهنا باغتني الضبابُ الكثيفُ
فوق الحطامِ الجميلِ

6 ـ 06 ـ 2009 برلين

***
4 ـ خراب

مثلَ طائفةٍ مِن الغيلان
يأتي الخرابُ
أحياناً يأتي دفعةً واحدةً
يلتهمُ الأجسادَ
والأشياءَ والنشوة
ما أجملَ الدنيا بلا أحزان
ما أروعَ الخَلوة

6 ـ 06 ـ 2009 برلين

***

5 ـ ممنوعات

لا تكتبْ فوقَ لحاءِ الحور
شيئاً عن أحزانِ اللؤلؤِ ولوعةِ البلُّور
ولا عن أسرارِ الدّفلى
في هذا الجرفِ العالي
لا تكتبْ عن غضبِ الإعصار
أو فرحِ الشمسِ
أو حتى عن غزلِ الأقمارِ في ليلِ الصيف
لا تكتبْ عن عنبٍ عشقَ خميلتَنا
لئلا يسمعَك الهُدهُدُ
فيقتاتَ عليه
أو تظلّ عيونُ السنجابِ ترقبُ
مجيءَ شتاءٍ قادمٍ
لا تكتبْ عن حالِ الدنيا
فنحن أسلمْنا للقهرِ لحانا
لا تكتبْ
لا تكتبْ
عن أشياءَ مازالت
في عهدةِ الهواء

6 ـ 06 ـ 2009 برلين

***

6 ـ ليلٌ يُخيرُني

هذا الليلُ
في كأسي صبَّ أنجمَه
ودعاني أنْ أختارَ ما شئتُ
ثم أتقلَّدَ ما اخترتُ
هذا الليلُ
يمتطي صهوةَ صيفٍ ويبحرُ
لا يعرفُ غيرَ مُعاشرةِ النجمِ
ومُعاقرةِ الندى
هذا الليلُ
كالعاشقِ في صدر الحانةِ
لا يدمنُ غيرَ الأنينِ
وشغافِ الكأسِ

6 ـ 06 ـ 2009 برلين

***

7 ـ انتعاش

مُنعشةٌ جولةُ المساء
تماماً مثل رذاذِ نافورةٍ
في هاجرةِ البصرة
مُنعشةٌ كأسُ المساء
تماماً مثل ماءٍ للعابرِ في صحراء
مُنعشٌ هذا النسيمُ
منه أخذتُ بعضاً مِن أصوات
وصنعتُ آلتي
بضعةُ أوتارٍ مِن موج وكيسُ رحيق
سأعزفُ يا فاتنتي مقطوعةَ وصلٍ
سأعزفُ يا ليل ما فاتني
مِن وقتِ مجونٍ
وما فاتني مِن عصرِ جنون
وسطَ خلاءٍ باهرٍ
عارياً سأعزفُ
أمام عيونِ أقمارٍ سابحةٍ في بحرِ الألوان
أمام دهشةِ مخلوقاتِ شهوانية سأعزفُ
ما أجملَ النشوةَ !
سأعزفُ قدري
فوق صمتِ الاسفلت
سأريقُ ماءَ سنيني نغماً
وأقفُ متضرعاً أمام الخلاء
اقبلْني صديقاً أيها الخلاء
اقبلني
شيخاً متمرداً على جوهرةِ البحارِ الفاجرة
اقبلْ خطوتي المتعثرةَ
اقبلْني أنا
المنفلتُ بوجهِ المدى
أنا موسيقى الريحِ
ضوءُ نجمةٍ ستطلعُ يوماً
عاريةً ذات ليلٍ
مِن وراء حقولِ الشوقِ ستطلعُ
أو مِن أعلى نخلةٍ ساهرة
ستطلعُ ذات صباحٍ
مِن وراء شالِ حبيبتي
المُعلَّقِ على جدارِ الصيف

7 ـ 06 ـ 2009 بريلن
***

8 ـ رحلة العودة

بزيِّ طيرٍ مهاجرٍ سوف أتَزَيَّا
أرتدي ريشَ لقلقٍ
وأضعُ جناحين عملاقين باللونِ
الأبيضِ الباهر
ثم أُطلقُ منقاراً ورديّاً أو رماديّاً
وأبدأ الرحلةَ
أجوبُ سماءً ليست سمائي
أختبرُ فيها تناوبَ الفصولِ
ثم أركبُها صاغراً
أعبرُها ولو كانت وحولاً
أقطعُ محيطاتٍ ، بحاراً ، وبرارٍ شاسعةً.
أنا طائرُ العودةِ في هذي الرحلةِ
امرأةٌ تنتظرُني على أبوابِ البصرة
منذُ الهجرة
منذ الأيامِ الأولى
قالتْ : أحسبْ ثلاثين عاماً
ثم فكِّرْ بالعودةِ
في ليلةِ رأسِ السنة
عُدْ ثانيةً
فأنا أقف كالرايةِ في بريّةِ
فوق سنامِ الجبلِ سنام
صرتُ طيراً
وبدأتُ الرحلةَ

8 ـ 06 ـ 2009 برلين
***

9 ـ لعبة الشمس
إلى هنا
لا تأتي كما تأتي الفاتناتُ طيورُ
عَبْرَ سماءٍ وراء الغيمِ تتوارى
لا يرفُّ جنحُ طائرٍ مُهاجرٍ
ولا يرفُّ جنحُ أليفٍ
الشمسُ وحدها تلعبُ معنا
تغمضُ عينيها ثم تضحك
تتستّر وراء أشجارٍ متناثرةٍ مرّةً
وتصهلُ مرّةً أخرى
كالعادةِ معنا تلعبُ اسفرْ واحتشمْ
فيما أجسادُ النساءِ
بثيابِ الفصولِ تختبئ
وتخاصمُ صيفاً لن يأتيَ أبداً
مثلما تُخاصمُ مدنُ الشمسِ الفاجرة
خيالَ أبناءٍ
أدمنوا الغيابَ
8 ـ 06 ـ 2009 برلين
***

10 ـ أشياء عابرة أخرى
1
قطارُ الأنفاقِ تحتي يُعربدُ
يهزُّ مصطبةً حجريةً
بالساحةِ تتشبثُ
2
هل تُحبين الفراشَ ؟
الليلةَ أقصدُ
إذن سنتبادلُ بحرقةٍ القبلات
3
غيرُ الوهجِ الخاطفِ لا ينبعثُ
مِن هذي الصدورِ العاريةِ شيءٌ
ومِن العيونِ لا يأتي غيرُ البحرِ
وغاباتِ المرجان
وبعضُ .. بعضُ أحراشٍ داكنةِ الخضرة
آه لو غافلْنا الحارسَ ودخلْنا أجماتٍ سحريّةٍ
لرأيْنا شيئاً عجباً
8 ـ 06 ـ 2009 برلين
***

11 ـ وطن
على الطاولةِ
التي نشاهدُها بجلاء
وطنٌ و منفضةٌ
وإلى الجوارِ بضعةُ جنرالاتٍ
مِن هذا العهدِ
ومِن العهدِ المُباد
يُدخنون السيجارَ
وبشراهةٍ ينظرون إلى جيوشِ الحشرات
تمزّقُ جسدَ وطنٍ ممددٍ على الطاولةِ
وإلى المنفضةِ ترمي العظامَ

9 ـ 06 ـ 2009 برلين



#صبري_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آخر الشرفات
- شرفات برلين
- نص خارج من معرض العبيدي
- بماء عين الحمام اغتسلي
- خليل السّحاب
- امرأة المُلك
- أمسية
- سبب للحنين
- مجالس
- مزامير الغربة
- في حضرة الملاك
- حسرة في مقهى
- عدن حانة البحّار الأزلية
- دهشة الكوثر
- على مياهك أصبُّ هديلي
- ابن الرؤيا
- أغنيتان ليوسف الصائغ
- عطرٌ لجسدِ البلادِ
- عشقتنا أميركا
- حَيْرَةٌ على الكسندر بلاتس


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري هاشم - لا تدخل ضباباً