أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري هاشم - أطياف الندى















المزيد.....



أطياف الندى


صبري هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 2724 - 2009 / 7 / 31 - 09:00
المحور: الادب والفن
    


***
1 ـ طيف الندى
***
أتحلمُ بعمرٍ لا تجد فيه سوى الندى ؟
أتحلمُ وقد مرَّ الكثيرون ،
على أطيافِ طفولةٍ
لم يجدوا فيها غيرَ
خرابٍ
وثيابٍ
لمّا تزل عبِقةً
بلا عطر
دفعتك بأكفِّها العشر الدافعاتُ
صرتَ للهواء الثقيل أقرب
جسدُكَ مِن ريشٍ
أو مِن قبسٍ ...
أو نسيمٍ
ختمتَ بأقلامِ الشمعِ مسافةَ العمرِ
هل تدفنُ أسرارَكَ
أم تفتحُ صناديقَ أزمانِك القاحلة
وتهوي إلى طقسِ الرحيلِ ؟
في لوحةِ الذاهبين .....
انتظرتَ
فاتتك بعضُ الطقوسِ
لم تكترث للوسيلة
هنا برقت في عينيك
صحوةُ العمرِ
رعدت في صدرِك
الهتافاتُ النادمةُ :
فات الدليلُ
مات النرجسُ الهيمانُ
حسرةً
وانطلقَ العويلُ
يا هذا المحراب الأصم
أنطقْ
هل عاد في الوهمِ أبناؤك البؤساء ؟
هل تكدّرَ النجمُ لتعثر الماء
أم تكدر الماءُ
لغفلةِ الشعاعِ ؟
حيناً
تناهبَنا الوصلُ
حادَ بنا عن سكةِ الوصولِ
ولتشعبِ الطرقِ ، انبهرت
قوافلُنا التي
داهمها العطشُ
سنصلُ ...
قال الدليلُ ...
يوم .. يومان .. ثلاثة .. عشرة
زمنٌ يتهرّب كجبان
في ميدان
وما بين الباديةِ والبحرِ
فقّسَ بين أصابعِنا الرملُ
وكفَّ عن البللِ مطرُ الخريف
لن تصلوا
هتفَ هودجٌ سماويٌّ
مرَّ مصادفةً فوقَ رؤوسِنا
بعدهُ
ناحتِ السماءُ
وتهنا في ظلمةٍ مسحورةٍ
أو في لُجّةٍ عنيدةٍ
غمرتنا
يا هذا الموصل بيننا وبين الوصلِ
هلكنا
ودرست رسومُنا
تحت جُنونِ رياحٍ عاتيةٍ
لن تصلوا
ابتعدَ رغمَ الموجِ عنّا الماء
لن تصلوا
انشقت رغمَ الدليلِ بنا الصحراء
أتحلمُ بعمرٍ يأخذُك إلى حافةِ
فردوسٍ زائل ؟
سنة ... سنتان ... عشر
طيف يزول
هو العمر حبيبي
برق يمرُّ
هو العمر حبيبي
لن نصلَ إذن ..
قلنا للدليل


3 ـ 5 ـ 2001

***
2 ـ طيف النرجس
***


و قبيل الربع الخالي
أُنيخَ جملان
واحد لنشوى التي مرَّ هودجُها
و واحد لشبحي الذي
باتَ جاثياً على
طيفٍ خجلٍ
في محجري عينيك هل
تورّد الطيفُ يا نشوى ؟
في حدقتيك هل
شهقَ النرجسُ العطشان ؟
اختلجت شفتاها وفرَّ
من قرمزهما الكلامُ
فترت عيناها وانكسرَ
في بحرِهما الحلمُ
أمامنا الواحة ، صرّحت نشوى ،
ووميض الحصى العابث بماء الصحراء
نهضت ، قبيل التعلل ،
قارّاتُ التيهِ
بأمتعةِ المسافة
مرّت سحائبُ مازالت مباركةً ،
ونسائمُ سافرت بأنفاسِنا
لا تحزني يا نشوى
فهذه الأبراج
تزدحمُ السماءُ .. بطيورِ دهشتِها


16 ـ 4 ـ 2001
***

3 ـ في الغابة
***

على شجرةِ اللقاءِ الوحيدة
الصاهلةِ في الفضاءِ
كانت الحمامةُ
أطلقَ الصيادُ رصاصةً
فتطايرت أشلاءُ السماءِ
وفزّتِ المدينة


7 ـ 10 ـ 2000
***
4 ـ نديم الليل
***

طائرُ الهوى سكران
عاد متأخراً من حانةٍ
لا تذرفُ دمعاً إلا في الليلِ
فتفيضُ في أحواضِها النشوةُ
طائرُ الليلِ الأبيض
يتفننُ بالتغريدِ
هل عدتَ بأُنثاك أم ستنام وحيداً ؟
طائرُ الليلِ ترنم
لم يتركني أهجع
صحتُ به :
يا طائر الليل أسكت
سكتت حنجرتُك
ثم .. ثم تراجعتُ
لا .. لا
تراجعتُ
دعوتُ عليك
حبيبي
ثم تراجعتُ
إذا سكتَّ يا طائر الهوى
إذا سكتَّ يا طائر الليل
فمَنْ يطردُ عني الوحشةَ .. ؟


1 ـ5 ـ 2001
***

5 ـ طيف الوليمة
***
بشراً من الصدفِ ، نُطْعَمُ
للطيرِ المسافر
بشراً من الوهجِ ، نُهدى
للظلامِ الكفيف
بثيابٍ زاهيةٍ وأساورَ تلتمعُ على المعاصم ،
أبْهجْنا ضيوفَ الوليمةِ
للحمامِ القابعِ خلف تخومِ الزرقةِ
حملنا أقلاماً من برقِ ، محابرَ سود ،
وأقماراً تُقْطِرُ كلاماً مُدهشاً
يسيلُ على البياضِ أطيافاً ، مترنمةً
دخلنا أوكارَ الطيرِ وجدناها بالصمتِ غارقةً
غائرةً في كهفٍ مائيٍّ شفيفٍ
لا يكفّ عن تزويقِ موجهِ
أطْلَقْنا السؤالَ :
هل صرنا للعراءِ وليمةً ؟
لم ينطقْ وكرُ
لم يجبْ طيرُ
لكنّ الحرسَ المجنّحَ جرّدنا بعضاً من دهشتِنا
لكنّ الحرسَ العاري أمرنا
أنْ ندلفَ من أبوابٍ محتشمةٍ
ومن وليمةٍ للشوقِ أقامها على شرفِنا الخلاءُ
خرجنا فرادى
من رغوةِ الحفلِ



29 ـ 1 ـ 2001

***
6 ـ حالمون
***

مثلنا يحلبون الصبحَ
بأقداحٍ فضضتها اللوعةُ
شفّت وزهت .. في وجوهِهم
أضحوا يسكبون النورَ
إلى أعماقِهم
مثلنا يطلعون سلالمَ الهواء
نحو السماء
حيث يزرعونها بالحدقات
مثلنا يراقصون الريحَ
عند زفافِها
فتسفر عن كنوزِها
مثلنا يقيمون الولائمَ
للغيوم العابرة
ويسقون القوافلَ من أباريق
الصحوةِ
مثلنا ..
يعبرون الخرائطَ
بلا بوصلةٍ
أو دليل
يركبون قبيل الفجرِ
خيولاً سابحةً
لكنّ بحارهم
صهيل
غادرَ قيعانَه
مثلنا ... يحلمون
9 ـ 7 ـ 2001

***
7 ـ حانة للعبادة
***

نتعبدُ في جذعِ شجرةٍ
أو في جسدِ امرأةٍ
تخرجُ من حدقةِ نهر ، سهماً نارياً ..
يطوفُ الغابةَ
في جسدِ المرأةِ ، قِبلتان
لكلِّ قبلةٍ
قبةٌ متوترةُ المزاجِ
تنطُّ إلينا إذا ما مرت عليها الصلوات
الجذعُ ماخورُ العبادة .. فيه
نُمارسُ شتمَ السماءِ
ونحترزُ لثورةٍ ملائكيةٍ
تحت الماء
لكنّ الشجرةَ أمست
حانتَنا التي نعمُّ
هكذا عمّدتها الأيام
على ضفّةِ جدول
يُسرِّح الهائمين
ويقذف الحالمين
إلى نهدِ الحانةِ
فيدرُّ النهدُ لبناً سماوياً
أو غجرياً
أو لبناً للشهوة
من ورد المرأة

7 ـ 7 ـ 2001
***
8 ـ موسم الرقص
***

وردةُ الحبِّ الربيعية
هذا العام .. حطمت
ميسمَها في حوضِ الشهوةِ
وحزنت أياماً
في العام القادم حبلى جاءت
بثوبٍ أبيض
وعلى رأسِها عشُّ طيور


* * *

كلّ العيون التي
سهرت على نجمةٍ
تستحمُّ في بركةِ ماء
نامت أخيراً

* * *

الهمسات التي
أطربتنا
نبعت من سريرِ الليل

* * *
طيرٌ خجولٌ
يراقصُ غيمةً
متهتكةً
خرَّ شبقاً
في نهرِ نهديها


* * *

إذا نامتِ المدينةُ
دخل النهرُ
مخدعَها
في غيابِ الحرس


* * *


تتغنجُ الأشجارُ
إذا صفعها
المطرُ
تُغمضُ عينيها دلالاً


* * *



كلما نظرتُ إلى السماء
رحلت غيومٌ
أحببتُها
* * *

النخلةُ التي تجولت
معي ذات مساء
قطعوا رأسَها
بفأسِ
الخيانة



7 ـ 7 ـ 2001

***


9 ـ أجداد وأحفاد
***


في الواحة التي
أرَّقنا الوصولُ إليها
شجرٌ راقصٌ على إيقاعِ الأجدادِ
سماواتٌ مُذهبةٌ
وطيورُ أسرارِهم المتقلبة الألوان
في الواحةِ التي
أدمتنا السبيلُ إليها ،
بيوضُ السلالةِ
ماءُ فحولتِهم ،
وبقايا رائحةٍ من تبغِهم
في الواحةِ ، التي
لم تبقِ منّا غيرَ الحطامِ
وأنفاسٍ أخيرة ،
بشرٌ ... خُدعوا في الغالبِ
مثلَنا



2 ـ 5 ـ 2001
***

10 ـ زيارة غريب

الشجرةُ التي أورقت
بعيداً عن الماء
اكتفت بزيارة
طائر الندى


2 ـ 5 ـ 2001
***

11 ـ كائن اللوثة
***

جبلٌ ليلُ المنفى
بحرٌ مخبولٌ ليلُ
المشفى في المنفى

* * *
كالجلاد
هو المرضُ
لا يغادر سلطةً
إلاّ بالثورة


* * *


من النافذةِ
أطلقتُ سهماً
كي يصطادَ الهواءَ
يجلبهُ إليَّ أسيراً
أُراقصُهُ ثم
أُطلِقُهُ صوبَ الزحامِ





2 – 5 – 2001
***


12 ـ امرأة


اختبلتِ الريحُ
حين تنسمت
عبيرَها

* * *
انحنت
هاماتُ الشجرِ
عند مرورها

* * *
فاتنةٌ تمشي
وتنبجسُ
وراءَها الزهورُ

* * *

كلما أطلّت
رقصتِ السماء

* * *
كلما التقينا
زقزق في مخيلتي
جسدُها

* * *

عندما تتعرى
أمامَ السماء
تحتجبُ الشمسُ

* * *

يهدأُ البحرُ
عندما يلامسُ
جسدَها


* * *
لا أريدُ عطراً
يَطغي على
رائحةِ جسدِك


* * *

تسرحين في الغابة
بلا صهيل
أو هديل


* * *

الوردة التي زرعتها
في الصباح
ارتمت على سريري
بكاملِ أنوثتها
هذا المساء


* * *

نساءُ من شعاع
يسقيْنَ وردَ الليلِ
بلؤلؤِ الجسدِ

* * *

لا تزحفُ الغابةُ
نحو البحرِ
إلاّ بأمرِها

* * *
في غفوتِها
يعمُّ السكونُ


* * *
إنْ تنهدت
أنصتَ لها الكونُ


* * *
إنْ فتحت
أمام البحرِ .. عينيها
انسحبت زرقتُه

* * *

أضاءني وجهُها
في غيابِ القمرِ

* * *

حلّت ضفيرتَها
فهبطَ الظلامُ ..
كثيفاً
* * *
رحلَ الشعاعُ
حينما مشّطت شعرَها

* * *
طلبتُ الشمسَ
بعد دعاء
فأشرقت هي

* * *


طاردْنا البحرَ
اختفى في
عينيها


* * *

طلبتْ شربةً
فجلبتُ لها الكوثرَ


* * *

دعوتُها ، فتمنعت
وأرسلت الشمسَ
بديلاً


* * *
أطلقت أنوثتَها
إلى الفضاء
فسكرت الأكوانُ


* * *
عانقتِ الريحَ
فهدأت العاصفةُ


* * *

رأيتُها تراقصُ الغيمَ
عاريةً
قبل نزولِ المطر

4 ـ 7 ـ 2001

***
13 ـ من وحي الصيف
***

النساءُ الجميلاتُ اللاتي
يمخرْنَ عُبابَ الصيفِ
بأجسادٍ ناعمةٍ
يعطرْنَ أنسامَه
بحبيباتِ العرقِ المتلاعبةِ
على الصدورِ
النساءُ الخارجاتُ
من كتمانِ الثيابِ
يخسرْنَ
من أجلِ الرغبةِ ،
جميعَ الأسرارِ
النساءُ الفاتناتُ
المقشوراتُ
ينزلقْنَ كالحيّات
بماءِ الدهشة

4 ـ 5 ـ2001
***

14 ـ المصور المسحور
***

أسميناهُ
المصور المسحور
لجموح مُخيّلته
كان كذلك حتى
غادر منفاه إلى وطنٍ أبديٍّ
مَن قتل المصوِّر المسحورَ ؟
هؤلاء ...
تُشيرُ السبَّابةُ إلى
أبناءِ جلدتهِ
هؤلاء جميعاً

16 ـ6 ـ 2001
***


15 ـ تداخل
***

للحبِّ وجهٌ
هو أجمل ماخلق الخالق
وللكراهةِ وجهٌ
هو أقبح ماخلق الإنسان


2 ـ5 ـ 2001
***

16 ـ أسر
***

آه يا صدري المأسور
متى
يفك أسرُك ؟


2 ـ5 ـ 2001
***
17 ـ لوحات مريض
***

هذه لوحةٌ لبكائي
وتلك للألم الجلاد
هذه حياةٌ ازدحمت بالأحزان
وتلك يتفتحُ
في بابِها السوسنُ
هذا نهرٌ ينطقُ باسمي
كلما تأزم
أو تخبطت في رأسهِ موجةٌ
اجمعْ يا قلبي
لوحاتِ العمر
وارحل
2 ـ5 ـ 2001

***

18 ـ مَنْ أتلف جذر الوردة ؟
***

كلما عادَ من رحلتهِ الصيفُ ، وجاء
بأستارِ الليلِ ....
تساءلتُ
كلما أغْوَتْني نجومُ السماء ، وشدني إلى
ضوئهِ القمرُ .. ثمّ أطْلَقْتُ تراتيلي من
أعالي الهضابِ ، لأجلِ أجنحةٍ أُصيبت
ذات محنةٍ بلوثةِ السفرِ ...
تساءلتُ
كلما أنشدتُ في حاناتِ الضبابِ ، أناشيدي
المُتْعَبة ، وصرتُ جُزءاً من الوقتِ ... فِمن
أعماقِ نفسي الولهى ...
تساءلتُ :
لماذا تنكرنا بثيابِ الندى .. حَمَلْنا أفْؤسَنا
وتسللنا إلى مخدعِ الوردةِ ..
أ نسقيها أم نقتلعُ جذرَها ؟
منذُ عمرٍ مضى أتحرقُ للإجابةِ .. منذُ
أطنانِ السنين أتشوقُ
لمَنْ قدحَ بين حَجَريّه السؤالُ :
مَنْ قادنا في حضورِ الوحشةِ عُراةً ،
ودفعنا إلى وهدةِ الموتِ ؟
أمضيتُ عمراً أبحثُ عَمّن يُطْلِق بوجهي
الكالح بقايا الأجوبة ، أو يدلني على ذلك
السَؤول ، إنْ وجد ، كي أسألَهُ :
لِمَ دفعتمونا إلى جذرِ الوردةِ نسكنهُ ؟
لِمَ نحرتمونا على أبوابِ الحيِّ ؟
لِمَ أتلفتم صفاتِنا الحميدة ؟
لِمَ نبضَ في عروقِنا القتلُ ؟
لِمَ صار هذا الحيُّ المتلفعُ بالحقدِ منّا ؟
وهذا الداعرُ المتكبِّرُ منا
هذا البدويّ المُتَغَبِّرُ
هذا الكريه المُتَجَبِّرُ
هذا العاهرُ الكافرُ
هذا النمّام الكذاب
هذا الدجّال الغيّاب
هذا الفاعلُ الجاهلُ
هذا المُعتدي المُرتشي
هذا الرمّاد القوّاد
هذا الداخلُ للحيِّ في آخرِ ذيلِ الفانوس
هذا الخارجُ في أولِ شهواتِ الموتِ
هذا الخائنُ ... المُسْتَبِدُّ
هذا الموتُ وذاك الكابوس
مَنْ أول مَنْ سلك السبيلَ بنا ؟
في ليلةِ صيفٍ تلألأت الكأسُ وتَفَرّتَ* ما فيها
ومنها ارتشفتُ رشفتين
ومنها أخذتني رشفتان
عاشقون هبطوا من أحلامِ غيمةٍ مسافرةٍ ،
عُراةً على حصرٍ باليةٍ .. بحثوا عن مأوىً
بالقربِ من نبعِ ماء ، اختلى بشجرةِ رمّان ،
وجدوا ظلاً وبرداً وسلاماً ..
استأذنوا الجُلّنارَ ومرآةَ الماء .. افترشوا محيطَ
الصوتِ وناموا أياماً .. في مكانِهم ذاك ،
أنسياً كان المكانُ ، نبتت ورودٌ لا تدمع
بالريحِ ، لا تنحني بالثلجِ ، لا تذبل بالشمسِ
ورودٌ بجذورٍ تمتدُّ إلى مالا نهاية ...
ورودٌ سقاها الرحمن .. ورودٌ نفّاذةُ الرائحةِ ،
زاهيةُ الألوان ... لم ترَ العيونُ مثلها ،
فأطلق العاشقونَ على ذاك المكان
جذرَ الوردةِ .
أخذتني رشفتان
أتيتُ الحيَّ كما يأتي الأبناءُ التعساءُ ، بلفافةٍ
بيضاء وقماطٍ ملوّنٍ نُسج مِنْ قطنٍ .
فوقي تطوفُ سحابةٌ مِنْ مَزيجِ أبخرةٍ
وصلواتٍ ومسارِ عيون ... حولي تتربعُ
نسوةٌ عنيداتٌ ، وجدةٌ تجثو على ركبتيها ..
تارةً تستدرج الملائكةَ وتارةً تطردُ الشيطان
أيُّ العذاباتِ تنتظرُك أيها الولدُ المسكين .؟
تُطلقُ الجدةُ ما في داخلها فوقَ
طبقٍ من خوصِ النخيلِ ، زُينت حافّاتُهُ
بالخرزِ والشذرِ والتعاويذ .
سأجيبُك أيتها الجدةُ البلهاء لكن بعد حين
بعد أنْ أرمي بوجهك الأسئلة :
كيف جئتم أيها الأجدادُ بلا ماءِ .. بينما
حذفتكم غيمةٌ من السماءِ ؟
أيها العاشقون لِمَ اخترتم هذه الرمضاء مفسقةً ؟
فهنا تُجدد الأفاعي جلودَها
وتتناسلُ العقارب كما لو أنَّ الأرضَ خُلِقت لها
كما لو أنَّ الأرضَ مملكتُها دون سواها .
دخلتُ الحيَّ ، كنتُ أصغرَ من الطفولةِ
بشبرين ، وأكبرَ من الأجنةِ بشبرين ، بلا
مشاعرَ حقيقية ، فالحيُّ لم يسكني بعد ،
ورائحةُ الحيِّ لم تدخلني بعدُ ، وإناثُ الحيِّ
غدرت بهنَّ الولادةُ ، فتوقفْنَ تحت سقفِ
السماءِ ، ينتظرْنَ غيمةً أخرى ، وكان
صبيةٌ بالأشياء يلهون ... يحملون قمراً
من فضةٍ .. سلّةَ نجومٍ ، وليلاً طويلاً ...
ينفخون القمرَ ، فينطفئ ... ينفخون النجومَ
فتنطفئ ... ينفخون ثم ينفخون .. صبيةٌ
يعبثون ، بالأنجم المنطفئةِ يتراشقون ،
ويبقى ليلٌ طويلٌ ، تحت جنحهِ أُممٌ تتطاحنُ
طوائفُ تأتي على طوائفَ .. أجناسٌ تسحقُ
أجناساً ..... سيوفٌ تمضي إلى أعناقٍ
فتيةٍ .. بيارق ترتجفُ في سماء مُغبرةٍ .
صرختُ بوجهِ الحيّ :
أيها الحيُّ القائمُ على أخمصيهِ ،
توقفْ عن دورةِ الدم لحظةً
توقف عن دورةِ الألمِ مرّةً
توقف .. فجذرُ الوردةِ نزفَ
ما في كأسهِ الأخيرة


8 ـ 1 ـ 2000

***


19 ـ خواطر قارع الطبل
***

تلك أقمارُ البدايةِ
فارحلْ يا ولدي
لتنجوَ من غولِ الظُلمةِ
ولتموتَ مشرقاً
أشارَ أبي إلى رغبتي
وعادَ إلى موتِهِ سعيداً
هل كان جميلاً ؟
أُقسمُ إنّه كان أجملَ من خصوبةِ العشّاقِ
ومن لوعةِ المشتاقِ
وأبي كان حالماً
وكان حليماً
وكان عادلاً
وكان حكيماً
آه ما أجملَ ما كنتَه يا أبي !
وأبي قبلَ عودتِهِ
لم يسألْني عن زينبَ التي احتفلت بها الدارُ
ولا عن أمي التي انزرعت لها الدارُ
ولا عن جدي الذي انسكنت من أجلهِ الدارُ
ولا عن نخلتنا التي فاءت بها الدارُ
لكنّ أمي قالت ذات حرقةٍ :
رحلَ أبوكَ قبلَ الأوانِ
فلم يَعُدْ يعرِفُ زينبَ
التي كانت طفلةً
أو يتذكرُ شيئاً عن زماننا أو زمانها
صرختُ خلفَهُ :
لقد كبرت زينبكم يا أبي
وشبّت عن الطوقِ
تسامقت نخلتُنا وناطحتِ الغيمَ
انحنى ظهرُ جدي
وصار قوساً لفجائِعنا
وأمي ؟!
آه يا أبي
لم تَعُدْ تهتم بالديرم ولمّةِ الخلاّن
لم تَعُدْ تحفل بالناي فجراً
ولا بوقعِ الخطى ليلاً
لم تعد
لكنها يا أبي ...
ماتت في خاتمة المطاف
ماتت كمداً



28 ـ 8 ـ 1999
***
20 ـ النفس الباقية
***

الشجرةُ التي
اندلعت ذات صباح
في بيتِ الطفولةِ
الشجرة التي
سقيتُها من كأسِ لوعتي الأخيرة
أورقت صبراً
ودفاترَ ذكريات
الشجرةُ التي
أينعت قبل الوداعِ
مازالت وارفةً
الشجرةُ التي
هملت عيناها بعد الفراق
لم تكف عن البكاء
الشجرةُ التي
لا تشيخ ، حملت هذا المساء
البيتَ إليَّ
***

21 ـ صلاة المحبة
***
كلما حان موعدُ الصلاة
أصلّي
قبلتي وثن من سحاب
وآياتي مطر
يخترق العراءَ
وينزفُ في كؤوسي

4 ـ 5 ـ2001
***

22 ـ طيف النخلة
***

لا تقتلوا النخيل
فمَن قتل نخلةً
أدخلهُ اللهُ
فسيحَ جهنم


1 ـ 5 ـ 2001
***

23 ـ الشارتيه
***

في الحديقةِ المجاورة
صيفٌ متهورٌ ،
أجسادٌ تتراشقُ لغةً لا أفهمُها
بل أفهم عبيرَها
في الحديقةِ وعلى المصاطب
تسترخي النفوسُ المُتْعَبَة
بعد رحلةِ الألمِ
في الحديقةِ انتصر الزهرُ
على رائحةِ النساءِ الفائحة
لم ينتصرْ
على رائحةِ الكبريت في أنفي
في الحديقةِ تآلف الطيرُ
وهامات شجر آمن
فحطّت يمامةٌ على رأسي
آمنت .. سكنت
و صار عشّها نَفْسي


1 ـ 5 ـ 2001
***
24 ـ رؤيا مُخَدّر
***

في شارع ثملٍ
تنفتحُ على البحرِ خاصرتُهُ اليسرى
رأيتُ وجهاً أنكرته الحانات
يبحثُ عن زورقٍ أو عن
أكرةِ باب
رأيتُ ... وجهاً شبحاً
يتوسدُ في الليلِ خواء
وخفقةَ حجر
تاه في مساربِ الريحِ
صار أنيناً وبوصلةً للعابرين
على أرضٍ مترنحةٍ
رأيتُ وجهاً مخذولاً
وخيلاً عابرةً على ظلِّهِ
تهمسُ للترابِ :
لا تنسَ صورتَهُ
في أروقةٍ تصطبحُ كُلَّ يومٍ بالأنينِ
في مركزِ أمراضِ القلبِ
كان قمرُ الزمانِ بالأسرةِ متعثراً
يتوقفُ معه الزمانُ
ينطفئُ كلما غاب مكانُ
يذبُّ عن وجههِ الخيلَ
ويلتهمُ الترابَ


27 ـ 4 ـ 2001
***

25 ـ الشيخ السكير
***


هذا الصباح
وفي ساحةِ جدكم الكسندر العظيم
رأيتُ الشيخَ ماركس
بعمامِتهِ المكسوّة بالبياض ، يحتطبُ
في غابةِ الأسفِ خيباتِهِ
ثم يضعُها على ظهرِ
إنجلز العجوز
في المساء
رأيتُهما يُدخنان السيجارَ الكوبي
في ملهىً عائمٍ
على ظهرِ موجة
منفلتةٍ نحو السماءِ

1 ـ5 ـ 2001
***
26 ـ البغيض
***

في السريرِ المقابلِ
وجهٌ صلفٌ
لا يعرفُ غيرَ الأكلِ
وتقشير البشرِ
في السريرِ المقابلِ
بغيضٌ
فأين وجه الغرابة ؟

1 ـ5 ـ 2001
***
27 ـ جحود
***
على بابي العذراء التي
لم تمتد إليها يدُ
وقف الثلجُ حائراً
أدخلته غرفتي
مددته على سريري الرثّ
منحته دفئاً ولقمةً يتيمةً
وحين تدفأ ...
الثلجُ
وحين أكل من زادي ...
الثلجُ
وحين غمرتُه بصحوتي الدائمة
غادرني الثلجُ
على عربةِ الجحودِ
السريعةِ العَدْو

2 ـ5 ـ 2001
***

28 ـ غرقى
***
من خلفِ حدودٍ مُزججةٍ بالغيْلانِ
جاء العراقيون إلى منافيهم حفاةً
يحملون صرراً لا تحوي
سوى كسراتِ الخبزِ
وأوراقٍ مُزورةٍ
مع همسِ البحرِ
تدافع العراقيون لركوبِ موجةٍ مغادرةٍ
ابتلَّ زورقُهم
وجنحوا في الطريقِ
مزَّقوا أوراقَهم
وناموا في بطنِ حوت
لكن العراقيين
أُطعِموا للبحرِ
لكن العراقيين
صاروا بلا أسماء
لكن العراقيين
طافت المحيطاتِ قبورُهم

2 ـ 5 ـ 2001
***
29 ـ مالك بن نويرة
***
هل قبضت من الريح شيئاً عند هبوبها ؟
تسفّ لها الرمالَ
وتكشفُ وجهَ الطريقِ لصحبٍ
ما آمنوا يوما
ما ارتدوا يوما
وما أفلحوا
هل جاء المُرتدون .... كي يفلحوا ؟
ما جاءوا
ما أفلحوا
يامالك بن نويرة زأرتك الزائرات
فابعدْ عن النارِ وجهَك الجميل
ولا تصطدْ الموتَ في بستانِ بن قحافة
فيلفّك الموتُ عنوةً
تهلك ويهلك الصحبُ
أزحْ عن عينيك هذا الكحل المسحور
ففي الليلِ لا تُطعَمُ ليلى إلا طمعاً
وفي الليل تكفُّ عن البكاء
يا مالك مازلتَ تمرُّ على الخيام
وتَقطنُ قصراً في الريح
فاطلبْ من ليلى ألاّ تستبدل
خيمةً بخيمة
لا مأتماً بمأتم
لا وجهاً بوجه
فالفرق فضاء
تسكنُهُ الحمائمُ
والوحوش

19 ـ 2 ـ 2001

***
30 ـ شعاع
***

إنْ شعَّ في المدى
حزنُك
يا قلبي العليل
فإلى أين تُرسلُ الشمسُ
ضياء

1 ـ 5 ـ 2001

***

31 ـ ظلال لا تنسى
***

الطيور التي تابعتها البنادقُ
ستعودُ أخيراً
الطيور التي فززتها الطلقاتُ
حطّت على وجهِ الماء
ما عدا البلبل السكران
ظلَّ باحثاً عن
نخلِ الواحةِ



2 ـ 5 ـ 2001
***
32 ـ عابرون
***

عبروا الغابةَ جميعاً
ماعدا الدليلَ
ضيّع الذاكرةَ


2 ـ 5 ـ2001
***
33 ـ وصية ثانية
***


في عينيك
جمالُ الكون
فحافظي عليهما


2 ـ 5 ـ 2001
***


34 ـ طائر الجحيم المسحور
***


قبل ميلادين منذ الآن
أفِقنا بين طينِ الضفّةِ
المجنون
على نداءِ الوصولِ
دخلنا ، في غفلةِ الغبشِ ،
دائرةَ الأسماء
لكن أُمِرنا بالإنتظارِ
فانتظرنا
قبل ميلادين منذ الآن
عمدوا طفولةً
نامت على هدهدةِ
الجوزاء ليلاً
وطحنتها رحى الشموسِ
في فُسحةِ الضحى
قبل ميلادين منذ الآن
اجتمعت جنياتُ الخرائبِ
في دائرةِ الأسماء
وأطلقت صوتاً لطائرٍ
سحريٍّ ، اسمه
عبدالواحد خلف الحسن
آثر أنْ يعيشَ وحيداً
بين إناثٍ حبيبات ،
تارةً غريبات ،
وحدائقَ تتنفسُ بلا رئات
أدمنَ الفقرَ المدقعَ ،
كتابةَ الأشعارِ ،
تقليدَ الطيورِ ،
والبيات على الطوى
ثم أدمنَ البقاءَ في مسقطِ
رأسِ الحكايا
بعد ميلادين منذ الآن
آثرَ أنْ يكونَ وجهَ المدينةِ
المتشقق بالأقمارِ السوداء
وأنهارِ الملوحةِ
يا طائر الجحيم المسحور
ياعبدالواحد .. الوحيد
يا ابن نجمتي القصية
هل حافظتَ على قربي منك ؟
هل زرتَ بابي المطليةَ
بالأزرق المفجوع ؟
هل جاءك العِصاميّ
محمد بن هاشم المسكون
بالصمتِ وعشقِ التأملِ
في ليلةٍ ممطرةٍ
يطلبُ خبزاً أو كأسَ نبيذ
ياعبدالواحد ... يا ابن شجر الروح
هل أدمنَ البصريون عيونَ الأخبارِ ؟
طافت سفائنُهم
بين الأحياء
بأبواقٍ حزينة
أم تُراهم كفّوا عن ترتيلِ الزمنِ الغابرِ ؟
ياعبدالواحد
يا ابن صحوة الأشياء
جئتَ في الرؤيا
بعد ميلادين .. مُذ ذاك الزمان
وحيداً
جئتَ .. سرى بك الندى
قبلَ الفجرِ
إلى غربةٍ يابسةٍ
جئتَ .. يا ابن نفحة الحُسن
برحيقِ السنين
ياعبدالواحد
جئتني بعد فواتِ الأوان
جئتني .. لكي تبقى
وحيداً


5 ـ 5 ـ 2001
***

35 ـ طقس لموت السوسن

***


قِفي نشوى قبل أنْ يذبلَ السوسنُ
المجنونُ باللقاء
وجهتنا الماء ، والماء يمرُّ
سحابةً كاذبةً
ما أمطرت وضاعَ خَرَاجُها
قِفي وارتشفي من شفتين ساحرتين ندىً
لكي تبتلَّ أمامَنا الطريقُ
والطريقُ أشواق
تُكابدُ المسافةَ
وجهتنا الماء ... ولو
طُوِّقت المعاصمُ
وجهتنا الماء ... ولو
حاصرَ الخواصرَ
وجهتنا الماء ... ولو
أثخنَ في مُداعبتِنا
وجهتنا بغداد
وسماواتٌ تتبرجُ في مراياها
تسحرُ آنيةً زرقاءَ في مَأدُبةِ الجنِّ
وحين تحتمي بالأنجمِ الصاهلة
بغداد
تلوذين بي من وهدةِ الليلِ :
هل نام أبناءُ الماءِ في مُحّارةِ المخمل ؟
تسألينني عن شئٍ لا أعرِفُه
تردينَ ستارةَ ليلةٍ شحيحة الطلِّ
دون قمرٍ مخبولٍ
قمر سيخرجُ من دارتِهِ ممتطياً صهوةَ جوادٍ
من فضّة
أو من حرير
تسألينني عن زمنٍ لا اعرِفُه
أو ربما أعرِفُهُ
عن تأريخٍ لم يُدْرِكْ ذاكرتي
أو لم تُدْرِكْهُ ذاكرتي
وجهتنا الماء
ترشِدُنا طيورُ الغسقِ الأخير
عَبْرَ كثافةِ الطريقِ
المُنْطَفِئةِ بالظلامِ
عَبَرْنا خيوطَ الليلِ
وأجهشت عيناكِ بريقاً ، أوهنهُ السفرُ
قلتِ لن ترضي بغيرِ بغدادَ قبلةً
قلتِ ستحتلُّ أنفاسُكِ مسافتي
قلتِ ستسكنين صمتي
وعندما تجولُ حرائِقُك في شراييني
سوف أقسُرُكِ على العناقِ يا نشوى
سوف أطبعُكِ على الغناءِ يا نشوى
سوف أوقِفُكِ عن البكاءِ يا نشوى
سوف تُشرقُ عيناكِ
وجهتنا بغداد
لامسَ نسيمُها وجنةَ الليلِ
فهل تُطلِقُ جمراً يُحفِّزُ الكلامَ ؟
أشرقت عيناكِ
وجهتنا الماء
فلا تتركي السوسنَ يغطُّ
في نشوةِ الليل
وجهتنا بغداد
فلتبتلْ أيها السوسنُ
قبل أنْ نصلَ الماءَ


29 ـ 5 ـ 2001
***

36 ـ الثمل الجميل
***

فتك البلبلُ بتمرتِه
أودع فيها شهداً من لوعةِ الطريقِ
نادمها زمناً حتى ثمل
بات يُغني الليلَ
تحت تاج المنتهى
أيها البلبلُ الولهانُ
سبقتك ، إلى الصباح ،
الصبايا بأباريق اللذّةِ
وطافت على الحضورِ
ارتشفوا من رحيقِ الشفاه
صحوةً
وظلوا نياماً
أيها البلبلُ الذي مازال
يُقطِّرُ اللذّةَ
فاتتك الحسانُ في
غمرةِ الغناءِ
إلى رفيفِ
الأجنحة


4 ـ 5 ـ 2001

***

37 ـ رائحة الأم
***


هذه الدارُ أعرِفُها
أعرفُ ما يكمن خلفَ بابِها
هذه الدارُ
طوحت بي ذات ولادة
درتُ في باحتِها
دورةَ المختونِ
والعريسِ والفارس
هذه الدارُ أسَرتْني مرةً
سرّاً عن آبارِها العشر
وآخر عن شموسِها العشر
وعن خيلِها التي لا ترِدُ الماءَ
هذه الدار
لم يبقَ في ملامحِها من ملامحِ الأبناء
ولا حرقة في أنفاسِها من حرقةِ الآباء
هذهِ الدارُ
عاصفةُ الشوقِ
عاصمةُ الوفاءِ
طللٌ للحنين
لم يبقَ منها سوى أنّةٍ
سوى حطامٍ

29ـ 3 ـ2000
***

38 ـ الريحُ توحي
***

بماذا تُذكرُك الريحُ
برمالٍ ... قبرت حُلُماً على مشارفِ الولادةِ
باصطفاقِ الأبوابِ المشرعةِ
للقادمين من أقصى المسافاتِ
بنعيبِ التيجانِ حين يتلبسُ النخلَ حزنٌ
بماذا تُذكرك الريحُ
بموجٍ لا يتركُ رغوةً في كأسِ النهايةِ
بنوافذَ لا تُطلُّ منها خفقةٌ
أو نأمةٌ
بنارٍ تندلعُ في الهشيمِ
أو في ثوبِ طفلةٍ لم تُكملْ التاسعةَ ؟
هل تأسرُك الريحُ
تسحرُك ... ؟
هاجرْ في رمادِك
إلى ضبابِ مُدنِ
تلتهمُ الضجيجَ
تُبددُ الحنينَ وماءَ الوجهِ
بماذا ... تذكرك الريحُ ؟
أنشرْ على حبالِ وهنِك شيئاً من ذكرى
واقتلعْ الريحَ إنْ زأرت
أو داهمت خلوتَك
ساعةَ صحوٍ


9 ـ 3 ـ 2000
***
39 ـ تقلبات شاهين
***

أمسِ
حين تكاثفت زرقةٌ في صحنٍ هوائيٍّ
أطلقتُ حماماتي السبعَ
كي يغتسلَنّ بعطرٍ ذكوريٍّ
أمسِ
لم أختمْ في الرؤيا عقداً
فأسلمتُ حماماتي السبعَ لشاهين
في الأعالي .. لم أسمعْ صوتاً
لكن في الرؤية انكشف الدمُ النازلُ
من فمِ شاهين إلى سطحِ المنزلِ
بخيطِ الدمِ صعدتُ
من خيطِ الدمِ صرختُ :
شاهيـــــن
اُترك لي منقاراً لغصن الزيتون
شاهيـــــن
اُترك لي جنحاً لرحيلٍ قادم
شاهيـــــن
اُترك لي البيضاء
منديل عذراء
شاهيـــــن
لكنّ شاهين ثردَهنّ جميعاً في طبقِ الهواء
أمسِ
خدعتني الرؤيا
حين تكاثفت المحنةُ
أسلمتُ لشاهينَ حماماتي السبعَ
فلم يُبقِ على واحدة


4 ـ 2 ـ 2000



#صبري_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قال الأفْيُون
- عازف الرباب الجزء الثالث
- عازف الرباب الجزء الثاني
- عازف الرباب الجزء الأول
- لنشوى معبد في الريح
- خُذْ معك ثوباً للموجة
- لا تدخل ضباباً
- آخر الشرفات
- شرفات برلين
- نص خارج من معرض العبيدي
- بماء عين الحمام اغتسلي
- خليل السّحاب
- امرأة المُلك
- أمسية
- سبب للحنين
- مجالس
- مزامير الغربة
- في حضرة الملاك
- حسرة في مقهى
- عدن حانة البحّار الأزلية


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري هاشم - أطياف الندى