السياسة..معرفة وسلوك

ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2595 - 2009 / 3 / 24 - 05:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

ردود الافعال على نتائج إنتخابات مجالس المحافظات وعملية تشكيل الادارات الجديدة كشفت إن الكثير ممن يمارسون السياسة يعتمدون على الرغبات والافكار العابرة أكثر من إعتمادهم على معرفة حقيقية بالقوانين والانظمة التي تحدد آليات العمل السياسي، وكذلك دون معرفة بوقائع الارض ومعطيات الميدان التي تكشف عن حجم كل طرف سياسي.
عدة قضايا أثيرت في الآونة الأخيرة بينت إن هناك ساسة وتنظيمات دخلوا الانتخابات وهم لا يعرفون شيئا عن قانون الانتخابات ولا آلية توزيع المقاعد وبدل أن يلوم هؤلاء أنفسهم بسبب جهلهم بقواعد العمل السياسي لجأوا الى الاعلام والمظاهرات والبيانات وهي كلها أدوات كانت ستنفع لو لجأوا إليها قبل الانتخابات لتعديل وتوضيح وتسهيل القوانين والآليات الغامضة والمعقدة التي تمت بموجبها الانتخابات.
لقد وضع الساسة المعترضون على القوانين والآليات الانتخابية أنفسهم في شبهة الجهل وأضعفوا موقفهم أمام خصومهم وشوهوا صورهم عند مؤيديهم فإذا كان هؤلاء الساسة لا يعرفون حقوقهم وواجباتهم وأصول العملية التي يشتغلون فيها فكيف لهم أن يعرفوا حقوق وواجبات وصلاحيات المنصب الذي يريدون تسنمه؟ بل كيف سيعرفون مجمل الواقع السياسي لمحافظاتهم وللبلاد أيضا؟.
الحياة السياسية في العراق ديمقراطية دستورية، ما يعني إن هناك إحداثيات ميدانية متغيرة فيما يتعلق بالرأي العام والعلاقات بين القوى السياسية، وفي نفس الوقت هناك قوانين وآليات ثابتة وكلا الامرين يتطلبان معرفة متخصصة قد لا يمتلكها الناشط السياسي لكن هذا الوضع يتطلب من الناشط السياسي الاستعانة بالخبراء والمختصين ومراكز الابحاث بما يجعل قرارته ومواقفه مبنية على أرضية قانونية واضحة لا أن يلجأ لتفتيش النصوص في آخر لحظة محاولا إستدراك ما فاته من فرص ومقترحا لأفكار غير واقعية ولا قانونية متصورا إن الضغط الاعلامي والتصريحات الصحفية هي أدوات كافية لتحقيق الطموحات والاهداف.
لقد إنتهى عهد السياسي الفرد كما إنتهى عهد المشاريع الفردية في الاقتصاد العالمي، ومع إنتهاء الفردية ظهرت ضرورة التخصص التي تجبر السياسي الفرد وكذلك التنظيم على الاعتراف بمحدودية القدرة المعرفية ومن ثم الاعتراف بضرورة اللجوء الى المختص القادر على كشف الثغرات القانونية والاجرائية قبل الوقوع فيها وكذلك اللجوء الى الخبراء السياسيين المهنيين لإستكشاف الحقائق الاجتماعية والسياسية ووضع البرامج الواقعية بعيدا عن المداهنات والاغواء الذي يمارسه بعض الاعلاميين على القادة السياسيين عبر إسماعهم معلومات مفبركة ترضي مشاعرهم وتدغدغ أحلامهم.
هناك جولات إنتخابية قادمة تحفز الشخصيات والقوى السياسية لمراجعة معرفتها بأدوات وحواكم العمل السياسي في العراق ونقد وتصحيح ما يمكن منها والضغط لتسهيل الاجراءات بما يجعل العمل أكثر وضوحا.

#ساطع_راجي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات