أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ساطع راجي - العشائرية والانتفاع السياسي














المزيد.....

العشائرية والانتفاع السياسي


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2588 - 2009 / 3 / 17 - 01:35
المحور: المجتمع المدني
    


يعرف الزعماء العشائريون بأنهم ليسوا ساسة ولا يمتلكون القدرة على إدارة الدولة كما يعرف الساسة إن الزعماء العشائريين لا يطمحون الى أكثر من إيجاد مكان لهم في مؤسسات السلطة حتى لو كان هذا الوجود هو نوع من الالحاق الشكلي المتسرع تحت وطأة حاجة الدولة أو الحكومة الى طاقات ساندة تعوض هشاشة المؤسسات الرسمية.
هناك إذن تفاهم ضمني على توزيع الادوار يعرف فيه كل طرف حدوده ورغباته ومصالحه، رغم إن كل طرف "الحكومة والعشائر" يحاول أن يبدو في موقع القوة وهذه الصورة هي إستنساخ لعلاقة بدائية بين الدولة العراقية "بمفهومها السلطوي التقليدي" والمجتمع رغم زوال المبررات الواقعية والاسس العملية لإستمرار وجود هذه الصورة.
الدولة العراقية الجديدة يفترض إنها ديمقراطية دستورية وهذا يعني إن الدولة جزء من منظومة الحداثة السياسية وليست إستنساخا لدولة "بني فلان" التي تنشأ على أساس عشائري ملتحف بالكثير من العقائديات الهشة والغامضة وتعيش هذه الدولة على أساس التحالفات العشائرية المبطنة بالولاءات الفكرية والتعيينات في المناصب والصفقات الشخصية وعلاقات المصاهرة التي إستمرت في تزييت عجلة السلطة في العراق حتى أواخر خمسينيات القرن العشرين، حيث عاثت الخلافات والحروب العشائرية بالمنظومة السياسية ليكون "المضيف" سواء من شعر الابل أو من البردي والطين محلا لصنع القرارات وذلك تحت ضغط التهديد بالعصيان القبلي ومهاجمة القوافل وإيواء العصاة وكل ذلك يمرر بشعارات مبهرجة لكنها لا تكفي لإخفاء طبيعة الصراع بين الدولة والقبيلة.
جميع عناصر الوجود السياسي للعشيرة إنتهى وما تبقى هو لعبة إجتماعية تقوم على التخادم والانتفاع المتبادل قد يحقق تأثيره في مصالح ضيقة لكنه أبعد ما يكون عن تأسيس إدارة دولة حديثة والتي تحتاج الى أحزاب ونقابات وقوة سوق ومؤسسات أكاديمية تتشكل فيها الافكار ومجموعات الضغط ويعيش فيها قادة الرأي وهذه هي منظومة الحداثة السياسية وإن كان هناك مكان للعشائرية فهو محصور بالبقاع التي يصعب على مؤسسات الدولة الوصول إليها وبالتالي هناك علاقة عكسية بين قوة الدولة وقوة العشيرة.
ما يجري في العراق هو إستمرار للفكر السياسي التلفيقي القائم على فكرة جمع محاسن كل العصور والمناهج والاتجاهات وهي فكرة مستحيلة تغطي على نفعية ضيقة تقترب من الانتهازية لإنها تحاول جمع منافع وليس محاسن وهي منافع تعني تقديم تضحيات، فكل تعزيز لدور العشيرة هو تهميش لدور النخب المدينية الحديثة وكذلك هدر للكثير من الحقوق الدستورية والقانونية التي أقرها النظام السياسي الجديد سواء ما يتعلق بسلطة القضاء وحقوق المرأة وسيادة الدولة وحرية التعبير والممارسة السياسية، وكل ذلك يمر تحت حجة تحقيق الامن والاستقرار وتعزيز الانتماء الاجتماعي.
لقد إنتهى عصر العشائرية من الناحية السياسية وما يجري من إستخدام لها هو ترميم لجسد يقبع خارج الزمن تحاول أطراف عديدة الانتفاع مما تبقى منه معتمدة على رغبة الزعماء العشائريين في البقاء على قيد السلطة وهم يطرحون ولاءات وتهديدات في نفس الوقت تختصر على السلطويين مشاريعهم وتقلص من تكاليفها.
القوة العشائرية لا يمكنها أن تقيم عود الدولة ولا حتى عود حزب سياسي لأسباب تتعلق بآليات التعامل التي يعتمدها العشائريون في عقد وتنفيذ إتفاقاتهم وإنتقالهم من طرف الى آخر، مدركين إنهم توابع للسلطة وأدوات لها أكثر مما هم شركاء فيها وقد تقبل العشائريون هذا الوضع منذ إنطلاق محاولة إيحاء الدور السياسي للعشائرية في بداية التسعينيات عبر الوظيفة الامنية للزعيم العشائري الذي يعوض عن المسؤول الامني وذلك بصفقة مع الحكومة تعيد للأذهان علاقات الولاة بالشيوخ في العهد العثماني الذي فشل على مدار ما يزيد عن ثلاثة قرون في تأسيس كيان سياسي للعراق أو حتى إيجاد حياة سياسية طبيعية.



#ساطع_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد التصفيق لأوباما
- مستنقع الأمن
- الموازنة وجدلها المتأخر
- الائتلاف الموحد..المعادلات الجديدة
- المجالس الخاسرة
- إدارة الانتخابات
- قانون الاحزاب
- من سيعتزل؟
- ما لم يحدث في الانتخابات
- دروس في التغيير
- تجاوز الانتخابات
- شرعية المخاوف من الدكتاتورية
- دعاية تغيير الدستور
- المال العام وتكريس السلطة
- الانتخابات..ظلال من الشك
- مغريات السلطة
- المحاصصة..التقويم والمزايدات
- الديمقراطية في الأحزاب
- شؤون المنطقة بعيون عراقية
- أزمة رئاسة


المزيد.....




- ألمانيا تعاود العمل مع -الأونروا- في غزة
- المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل ...
- مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها ...
- أبو الغيط يُرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول الأونروا
- الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين لاستئناف تمويل الأونروا بعد إ ...
- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...
- مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي ...
- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ساطع راجي - العشائرية والانتفاع السياسي