القضاء في العراق .. الشكل الكاريكاتيري للعملية السياسية


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 8563 - 2025 / 12 / 21 - 22:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

"كتابنا وكتابكم... الموضوع تحويل تفكير"

هذه العبارة هي ثيمة أساسية تتردد في رواية غائب طعمة فرمان "آلام السيد معروف"، تشير الى القلق الذي ينتاب بطل الرواية، فهو يبدأ بطباعتها على كل كتاب يصدر من الدائرة، وقد التفت مديره الى هذه القضية ووبخه بالقول "في مكاتبة رسمية تسمح لنفسك بأن تكتب تحويل تفكير.. تفكير من هذا الذي تريد تحويله؟ الدائرة؟ الدولة، المجتمع؟"
.
بعد القرار الذي اتخذته بعضا من الفصائل المسلحة بالتجرد من السلاح، في خطوة عدها الكثير انها جاءت نتيجة الخوف من المستقبل، قام رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان بنشر عبارة أحدثت الكثير من الجدل، على المستوى الداخلي "المحلي" وعلى المستوى الخارجي؛ هذه العبارة قد نالت ايضا نصيبا كبيرا من التعليقات الساخرة والمضحكة جدا، ولا نعرف لماذا يقحم السيد فائق نفسه بقضايا أكبر من القضاء ذاته.
العبارة تقول "فائق زيدان يشكر قادة الفصائل بالاستجابة لنصيحته بالتعاون لفرض سيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة"... حقا انها عبارة ساخرة جدا، فقضية تجريد السلاح من الميليشيات هي قضية دولية، تأتي ضمن المتغيرات في الشرق الأوسط، قضية تتبناها الولايات المتحدة الامريكية؛ ثم ان الفصائل والميليشيات هي تتبع دولة إقليمية كبرى، هي مسؤولة ملف هذه الميليشيات، فمن السخافة ان يقول فائق ان الميليشيات "استجابت لنصيحته"، هذه نكتة فجة وسمجة جدا.

الشق الاخر والادهى من عبارته انه "شكر قادة الميليشيات"، وهذه الشق لمم ينتبه له من في الداخل، انما من اثار الجدل حوله هو أحد نواب الكونكرس الأمريكي حيث قال بالنص:

(لا تعكس هذه اللغة سلوك مؤسسة حكومية ولا سلوك قضاء محايد. بل تُظهر بوضوح قناة اتصال وعلاقة مستمرة بين القيادة القضائية وفصائل الميليشيات).

رغم ان هذا الكلام هو نفاق سياسي امريكي بامتياز، فالجميع يعرف الصلة والعلاقة بين القوى المسلحة والقضاء، وهذه ليست معلومة جديدة ينبه لها هذا النائب الجمهوري، لكنها أيضا رسالة واضحة للقضاء، بأن هناك لوحة جديدة تٌرسم على الجميع تتبع ملامحها.
بعد تغريدة النائب الأمريكي سارع مجلس القضاء الأعلى لتبرير ما صدر عن رئيسه، موضحا انه لا يقصد كذا ولا يعني كذا الخ الترهات.

مجلس القضاء الأعلى في حالة تخبط وفوضوية، فقبل أيام صدر كتاب من رئيسه فائق زيدان يعلن بدء مسار فاشي بالتعامل من يدعو لإسقاط النظام، ثم بعد ذلك يسحب الكتاب، ويقولون ان السكرتير هو من أصدره، وهو مثلما يقال "عذر أقبح من فعل".

القضاء يعيش حالة من القلق خصوصا رئيسه، فالإشارات القادمة من الخارج ليس جيدة عليه، فضلا عن ان هذا المجلس صار مكروها اجتماعيا، فهو قد ارتمى بحض الميليشيات تماما، لهذا تراه بحالة "كتابنا وكتابكم.. الموضوع تحويل تفكير"، قضاء يعيش حالة من الذل، فلا يعرف من تأتيه التوبيخات والتعنيفات.

طارق فتحي