الحدث الديني وجوقة المثقفين


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 22:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

مظهر محمد صالح واحمد عبد الحسين نموذجا

بما اننا نعيش في منطقة تحيا وتتنفس على وقع الاحداث الدينية، السلطة في اغلب دولها هي ذات ميل ديني، الحروب التي تقع ترتدي الثوب الديني، رجل الدين هو رجل دين ورجل سياسة، اغلب الممارسات "الثقافية" هي ممارسات دينية، السياحة هنا طابعها ديني، التربية والتعليم ديني، التشريعات والقوانين دينية صرف، كل شيء تم تغليفه بالدين، لهذا فأن الكلام يجب ان يكون حذر جدا.

الحدث الديني هو بحقيقة امره أو وجهه الاخر هو حدث سياسي، هذا الحدث تحتاج له السلطة القائمة على الدين، فبه تتأبد وتدوم هذه السلطة، انها تدرك ذلك جيدا، ما يعني ان يكون الحدث الديني "خطا احمر" لا يمكن المساس به او نقده أو التهاون مع من يريد التعرض له، ليس لأنه حدث ديني فقط، لكن بسبب ان قيام السلطة واستمرارها يكون الحدث الديني جزء اصيل من هذه الديمومة، لهذا تجد رموز السلطة يشاركون بفعالية في الحدث الديني.

المشكلة لا تكمن في السلطة، فهذا واجبها تجاه نفسها في الدفع والتهويل من رمزية الحدث الديني، المشكلة في جوقة "المثقفين"، الذين يظهرون للناس انهم يدافعون عن الديموقراطية وعن حرية التعبير، يظهرون للناس انهم بالضد من السلطة الى هذا الحد أو ذاك، يظهرون للناس انهم ليبراليين "كيوت" جدا؛ لكن ما أن تحل مناسبة الحدث الديني وتراهم سباقون لتدبيج المقالات التي تعزز من هذا الحدث الديني وترسخه في مدارك الناس، يخلعون اقنعة الديموقراطية والحرية والليبرالية، ويتحولوا الى روزخونات، ويشاركون في عملية تجهيل وتحميق الناس.

يقال كانت الرسائل المتبادلة بين كامو وسارتر لها أثر بالغ في فرنسا، فقد أصبح اختلافهم في الرأي يمثل انشقاقا في صفوف الفرنسيين، خصوصا الموقف من الشيوعية والاتحاد السوفيتي؛ كانت نقاشات وجدالات مثمرة للعالم الى حد ما، كان ذلك في زمن سعيد، على الأقل على المستوى الفكري، لم يكن فيه الدين عنصرا فاعلا، بل كانت الثقافة والمثقفين هي العناصر الفاعلة في المجتمع؛ تراجعت الحياة كثيرا على مستوى العالم كله، خصوصا في هذه المنطقة، فقد لفها الظلام وسادت الرجعية والتخلف، وبات "المثقف" جزء اصيل من تخلف المجتمع ومساعدة ودعم الأنظمة الدينية الرجعية.

طارق فتحي