اساور الكترونية للسجناء في العراق


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 8313 - 2025 / 4 / 15 - 22:23
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن     

((ان السجن مكان تغمض عنه عين المجتمع وتموت فيه قوة القانون وتختفي فيه المخاوف)) مصلح السجون البريطاني جون هوارد..... 1726-1790

وزارة العدل هي أحد أسوأ الوزارات الموجودة في العراق، الفساد ينخر كل اجزاؤها، تسيطر عليها مجموعة تابعة لأحدى القوى الإسلامية، كانت من حصة جماعة رجل الدين اليعقوبي، ثم تحولت الى القوى القومية الكوردستانية، لكن اغلب مفاصلها بقيت تحت هيمنة جماعة اليعقوبي، خصوصا السجون، فهذه السجون أحد اهم منافذ النهب والفساد.

اليوم تطل علينا وزارة العدل بإعلان انها بصدد "المباشرة بإطلاق خدمة حوالات مالية إلكترونية بين السجناء وعائلاتهم وتنظيم أسعار الحوانيت داخل السجون"، وهذه الخدمة هي تقنين عمليات النهب والسيطرة عليها، فالسجناء يعانون من غلاء الأسعار داخل السجون، "الحوانيت" التي تباع فيها المواد للسجناء ترفع الأسعار ما شاء لها ذلك، هذه "الحوانيت" هي تابعة للقوى الدينية، لهذا هي لا تخضع للرقابة او المحاسبة، من هنا جاءت خديعة "الاساور السلكونية".

لكن لنلقي نظرة على أحد السجون: مثلا سجن التاجي، هذا السجن هو أحد أكبر السجون في العراق، يحوي على أحد عشر "جملونا"، داخل كل "جملون" توجد قاعتان، في هذه القاعات يقبع الالاف من السجناء، يقدر عددهم بين 8-10 الاف سجين، هؤلاء السجناء لا يخرجون مطلقا من هذه القاعات الا عشر دقائق فقط كل شهر، لهذا تنتشر بينهم امراض هشاشة العظام.

لا توجد اسرة منام، فقط لكل سجين مساحة ما بين ال 50-100 سنتمتر في القاعة ينام عليها، وفي بعض الأحيان وعند اكتظاظ السجن تقلص هذه المساحة؛ اغلب الاحكام هي المؤبد؛ التغذية هي الأسوأ، فعمليات السرقة والنهب تكون الأكبر في هذا الملف، لهذا يموت الكثير من السجناء من الجوع، خصوصا العام الماضي 2024.

حراس السجن يرون السجناء على انهم أعداء ويجب الحذر منهم، لهذا يتعرض السجناء لكل أنواع الانتهاكات الجسدية، فمن الطبيعي ان ترى سجينا ما وهو يتعرض للضرب والاهانة، حسب ما يقول بعض السجناء.

الأسعار يضعها صاحب "الحانوت" بالاتفاق مع مدير السجن، فله حصة من المبيعات، اما الحراس فيستفيدون من السجناء بواسطة بعض الحاجات الضرورية من خلال بيعها لهم.

كل شيء هناك بثمن، يستطيع السجين ان يجري اتصالا مع اهله، لكن بمبالغ كبيرة جدا؛ شراء السكائر هو الاخر مكلف جدا؛ الملابس والاغطية والافرشة هي الأخرى موضع تجارة رابحة لإدارة السجن، اما الادوية فهي موضع ابتزاز عال؛ حتى عندما يمون احد السجناء فأن جثته لا تسلم لأهله الا بثمن، لهذا ترى اغلب السجناء يتمنون النقل من هذا السجن الى سجون أخرى، خصوصا سجني "العمارة والسليمانية"، لكن ذلك يكلف أموالا كبيرة.

المأساة الأخرى هي زيارة ذوي السجناء، فهذه قصة وحكاية يطول شرحها، خصوصا أوقات زيارة النساء، فهناك مشهد لا يمكن للمرء ان يتحمله.

بعد كل هذا تأتي وزارة العدل لتقول لنا انها ستلبس السجناء اساور سليكونية؛ لماذا؟ لأن "هذا النظام سيخفف العبء عن عائلات النزلاء فيما يخص تسليم الأمانات، وسيمكننا من السيطرة الكاملة على الحوالات الواردة"؛ يا لقباحة هذه الوزارة وقذارتها، لماذا أصلا على ذوي السجين ارسال مبالغ مالية؟ هل تم خصخصة السجون وبيعها لتجار ورأسماليين؟

ان ما يجري في سجون العراق هو مأساة بكل ما تعني الكلمة، فالقوى الإسلامية لم تترك منفذا او مكانا لم تضع يدها عليه، لنهبه وسرقته وتخريبه، وهم ماضون في ذلك، وما السجون الا صورة جزئية من لوحة الخراب في هذا البلد.

طارق فتحي