الإسلاميون والمشروبات الكحولية


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 8331 - 2025 / 5 / 3 - 01:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

وسأل نفسه: أهو مدمن على الخمرة حقا؟ أهذا العطش الذي يحسه أدمان؟ وهل شرب الخمرة كل مساء ادمان؟
ورد على نفسه: لا، ليالي بغداد دون خمرة موحشة وجهماء. ذلك معروف من عهد النواسي.
غائب طعمة فرمان..... خمسة أصوات

لا توجد قصة يتنافس بها الإسلاميين فيما بينهم ويستعرضون قوتهم ونزاهتهم وشرفهم وتقواهم مثل قصة المشروبات الكحولية، فمنذ ان أتى بهم بسطال المارينز بعد احداث 2003 وهم دائما، وخصوصا عندما يمرون بأزمات خانقة تهدد وجودهم، دائما يلجؤون لقضية المشروبات الكحولية.

فيما مضى، وفي بدايات صنعهم، شكل الاسلاميين ما سمي لجان "الامر بالمعروف والنهي عن المنكر"، كانت هذه اللجان تابعة للميليشيات، عملها تفجير دور السينما وحرق المسارح وغلق صالونات تجميل النساء ومطاردة النساء السافرات، لكنها برزت بقوة في تفجير محلات بيع المشروبات الكحولية وقتل أصحابها، وأيضا تنفيذ احكام الجلد والتكسير بحق شاربي الخمر، واخذت أسماء الات تعذيب شاربي الخمر صدى واسعا، خصوصا في مدينة الثورة المنورة " هنگلانة الزهرة وتوثية العباس".

بعد ان استتبت الأمور للإسلاميين الاشاوس وصاروا دولة عصابات منظمة، بدأوا بلعبة المشروبات مرة أخرى، لكن هذه المرة تختلف، فقد انتهى العصر الذهبي ل " هنگلانة الزهرة وتوثية العباس"، فقد عرفوا ان هذه المشروبات تدر ارباحا كبيرة، هنا بدأ التنافس فيما بينهم وجرى تقسيم عمل من نوع ما على من يؤسس النوادي والملاهي، وعلى من يستورد ويصنّع، وعلى من يوزع ويقسم، وعلى من يحرم ويحلل، وعلى من يمنع ويبيح.

استمر الإسلاميين بلعبتهم القذرة-وكل الاعيبهم وسياساتهم قذرة-، الى ان تسلم السلطة الوجه الأكثر قذارة وقباحة وخسة في الإسلاميين كلهم "الإطار التنسيقي"، تصاعدت عمليات النهب والفساد، ازداد منسوب العمالة والذيلية والتبعية، رهنوا مصير البلد بقضايا خارجية، صعّدوا من نبرة الخطاب الطائفي والقومي القذر، تحولت مؤسسات وهيئات -مستقلة نوعا ما- الى العوبة بيدهم "مجلس القضاء الأعلى، اغلب النقابات، المحكمة الاتحادية، دائرة المنظمات، هيئة الاتصالات"، تم تسخيفها الى حد الابتذال.

سلطة القذارة هذه سنت قانون رقم 14سيء الصيت، والذي بموجبه منعت استيراد الخمر وتصنيعه؛ وعندما اعترض الكثير ممن يعملون في هذه المهنة، ورفعوا اعتراضهم للمحكمة الاتحادية، وهذه المحكمة هي العوبة بيد الإطار هي وقضاتها المرتشين والفاسدين، ردت الدعوى وابطلتها، وقالت ان القانون لا يتعارض مع الدستور، ولكننا نعلم بأن يوما ما سيبطل مجلس القضاء الأعلى هذا القانون، فالجميع يعلم انها لعبة قذرة وقبيحة يمارسها الإسلاميين السفلة.

"وبغداد كلها مثل جزيرة حوافيها ترابية هشة متخاذلة، وشوارعها بلا تخطيط، وبيوتها ترابية كالحة متكورة على نفسها، مفصولة بعضها عن بعض بخنادق متعرجة ضيقة هي الازقة التي يسير فيها كل يوم".

هذه صورة بغداد كما يصفها غائب في بدايات الخمسينات، وهذه الصورة هي ذاتها اليوم، مدينة موحشة، خالية من أي حياة، قلبها متوقف، مظلمة مقفرة، فمن يستولي عليها هم خفافيش القرون الوسطى من الظلاميين والرجعيين والمتخلفين والقذرين من الإسلاميين.

طارق فتحي