صراع العشائر


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 8508 - 2025 / 10 / 27 - 17:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

الخبر:

"استمرار معارك طاحنة بين عشيرتي "ال هصاصرة وال مصدگ" في قضاء سيد دخيل وحرق مضيف أحد شيوخ العشائر وقتل امرأة وطفل واصابة رجل كبير بالسن في الناصرية".

لا جديد في هذا الخبر، فالعشائر هي القانون والسلطة في مدن الجنوب والوسط، لا صوت يعلو على صوتها، الإسلاميون مثل البعثيين جعلوا من هذه العشائر مادة ممتازة لمساعدتهم في عملية تخلف الناس ونشر الجهل، فالعشائر هي لعبة ممثلي القوى الحاكمة، عندما تدخل في ازمة معينة فأنها تختلق صراعا عشائريا او تسمح للعشائر بفرض سلطتها، قد تكون الناصرية في زمن الإسلاميين نموذجا خاصا.

معروف ان اغلب الصراعات التي تحدث بين العشائر أسبابها تافهة جدا، بل في بعض الأحيان مضحكة، لكن السلطة الإسلامية تستغل هذه الخصومات التافهة بين العشائر، لتحولها الى مجازر متبادلة.

لنأخذ صراع العشائر المندلع منذ يومين في قضاء سيد دخيل في مدينة الناصرية، فحسب الاخبار ان النزاع بسبب ان حكما صدر ضد فرد من عشيرة "ال هصاصرة"، وهؤلاء قاموا بحرق مضيف شيخ عشيرة "ال مصدگ"، احدى هاتين العشيرتين هي من ينتمي لها محافظ الناصرية، لكن لنأخذ تفصيلا آخر: هاتين العشيرتين هما الأداة التنفيذية لقوى الإسلام السياسي ضد المتظاهرين في الناصرية، فعمار الحكيم وهادي العامري مسؤولان عن العشيرتين، وهاتين العشيرتين استخدمتهما السلطة في قمع تظاهرات تشرين-أكتوبر، وهما متهمتان باختطاف المغيب سجاد العراقي، بل ان 400 من افراد هاتين العشيرتين مطلوبين للقضاء بأحكام مختلفة.

مدير شرطة الناصرية القذر، الذي تحت إمرته أكثر من 60 ألف شرطي، هذا الشخص التافه لا يسمح لقوات الشرطة بالتدخل في قضايا النزاعات العشائرية، خصوصا تلك التي يعرفها موالية له، او التي تعد ذراعه المسلح، بل انه يأمر أحد قادة الشرطة بحل النزاع العشائري بالطرق العشائرية، والانكى انه يمنع أية وسيلة اعلام او صحافة لدخول تلك المناطق.

كيف تستفيد السلطة الإسلامية من النزاعات العشائرية؟


سيد دخيل قضاء في الناصرية، فيه حسب بعض الاحصائيات أكثر من 100 ألف نسمة، عندما تدخل الى هذا القضاء يصدمك المنظر، مشاهد الخراب والفقر والبؤس والحرمان والجهل وتفشي الامية بشكل كبير، لا يمكن ان تتخيل ذلك الواقع، منطقة بائسة جدا، لا توجد فيها مدرسة مكتملة البناء، جميعها اما طينية او كرفانات، الزراعة توقفت بسبب شحة المياه، وحتى مياه الشرب ففي الكثير من مناطقها لا زالت تعيش على الابار.

هذا الواقع هو الوحيد الذي يخدم سلطة النهب والخراب، الإسلاميون يعيشون فقط على جهل الناس وخراب المدن، فأهالي قضاء سيد دخيل لا تتظاهر على الخدمات او تشغيل المعطلين عن العمل او الزراعة او الامن والاستقرار او تحسين حياة الناس، انهم مشغولون بصراعاتهم العشائرية التافهة، فهم يجب ان يهبوا بكل أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة لمقاتلة تلك العشيرة التي أحرقت مضيف الشيخ، وهكذا تستمر الحال في تلك المدن والاقضية البائسة.

قضاء سيد دخيل ليس الا نموذجا منتشرا في اغلب مدن الجنوب والوسط، الذين تحكمهم وتتحكم بهم "العمامة والعگال"، ومن تحكمه "العمامة والعگال" فلن يرى الحياة الامنة والمطمئنة ابدا، انهما سبب الخراب والجهل والاقتتال والصراع في العراق.

صدام حسين استخدم العشائر في التسعينات لكبح الانتفاضات والاحتجاجات؛ لقد سلح شيوخ العشائر وأغدق عليهم "مكارمه السخية"، وقربهم اليه وجعل لهم اليد الطولى في مدنهم؛ ذات الشيء فعله الإسلاميين، بنفس الخطوات تلك، فالإسلاميين هم الأبناء البررة لصدام وزمرته.

طارق فتحي