هل سياسة المقاطعة واحدة؟


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 8473 - 2025 / 9 / 22 - 21:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

فقدت العملية السياسية مجالها الاجتماعي و "شعبيتها" منذ انتفاضة 2011، كانت هذه الحركة الاحتجاجية تعبير صادق عن قطع العلاقة بالكامل مع سلطة الإسلام السياسي، حركة اخذت طابع مدني وحضاري، طالبت بشكل صريح بإسقاط النظام، الا انها جوبهت بحالة من القمع الشديد، هذا القمع كان أحد أسباب مقاطعة تامة لهذه العملية البغيضة، وقد تمثلت هذه المقاطعة بالنسب المتدنية بالانتخابات، الى ان وصلت الى أدني مستوياتها في الانتخابات الأخيرة 2021.

في تلك الانتخابات 2021 صار الوضع أكثر تعقيدا، فقد دخل النظام بأزمة خانقة هددت وجوده، اختلف طرفا الحكم "الإطار والتيار"، اختلفا على السلطة، وصلت بهم الأمور الى التقاتل بالأسلحة الخفيفة، أدت لمقتل العديد من أنصار التيار، بما سمي "احداث المنطقة الخضراء".

التيار انسحب من العملية السياسية، وقرر المقاطعة وعدم المشاركة بها، والتزم بهذه المقاطعة على مدى فترة حكم الإطار، ووضع شروط للعودة، لكن الجانب الاخر لم يوافق على تلك الشروط، والى الان الجانبان يرفضان حل مشاكلهما، فهم في ازمة داخلية عميقة جدا.

مع قرب موعد الانتخابات 11-11-2025، أعلن التيار الصدري عن رفضه المشاركة فيها، وحث اتباعه على المقاطعة التامة، ومعاقبة كل من يشترك بها، ونزلوا في بعض المدن للتعبير عن رفضهم المشاركة، وهم الى الان باقون على موقفهم، ولا أحد يعلم كم سيصمدون، او ما هي سيناريوهاتهم في الفترة المقبلة؟ خصوصا وان الإطار مصمم على مواقفه السياسية.

سياسة المقاطعة التي يتبعها التيار الصدري هي ليست للإطاحة بالعملية السياسية، فهذا التيار هو جزء اصيل منها، فهو أحد اقوى تيارات الإسلام السياسي الحاكم في العراق، بالتالي فلا يفرح أحد-من العلمانيين واليساريين- بهذه المقاطعة، انها سياسة يتبعها التيار منذ سنوات عدة، فهي ليست جديدة، انه يريد بها الضغط على شركاؤه بالحكم للحصول على السلطة بالكامل، وهو ما يرفضه الجانب الاخر.

الانتخابات -إذا جرت- ونقول إذا جرت فلا أحد يعلم ما يخبئه المستقبل لهذه المنطقة، فهي على صفيح ساخن؛ نقول إذا جرت الانتخابات فستكون نتائجها معترف بها، رغما عن الكل، سواء كانت المشاركة قوية او ضعيفة او معدومة، فهذه هي الديموقراطية المرسومة لهذا البلد، وستكون الوجوه ذاتها من تتصدر المشهد السياسي، وستبقى الأوضاع على حالها من النهب والفساد والخراب، فأي انتخابات تجري لا تغير من الامر شيئا، هي مجرد ممارسة شكلية تجري كل اربع سنوات لتجديد العقد مع قوى النهب والخراب والدمار، والمتحدثين عن الإصلاح من داخل العملية السياسية هم مجموعة تريد ان تجد لها موطئ قدم فيها، لينالوا حصة من الكعكة، هذا كل ما في الامر.