عزيز الخزرجي
الحوار المتمدن-العدد: 8506 - 2025 / 10 / 25 - 01:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ميسان تلتحق بآلمدن المتعطشة :
لماذا فشلت مشاريع العراق !؟
أزمة المياه و الخدمات في ميسان ليست وليدة اليوم فهي قائمة و مستمرة منذ سنوات طويلة و لم تتحرك الحكومات المتعاقبة لحلّها و تركت أهل ميسان يواجهون مصيرهم لوحدهم كما أكثر مدن العراق و إنشغل النواب و الوزراء و الرؤوساء - لا أستثني أحداً - ببناء بيوتها و بنوكها و نفوسها على حساب خراب الوطن و هدر المال العام, حيث تعاني هذه المحافظة و ضواحيها كما معظم مدن العراق , خصوصا مدن الشيعة المساكين السّذج منذ مدّة طويلة من نقص كبير و حاد في الخدمات و السكن و المستشفيات و العلاج و الدواء بالإضافة إلى تعاظم أزمة المياه القاتلة و التي دفعت بالعديد من أهلها إلى النزوح لمناطق أخرى و الأستجداء لراتب أو مساعدة من الحكومة التي تضحك على ذقون الناس و جعلتهم كآلعبيد يركضون وراء المسؤول الفاسد الذي بإمكانه بناء مؤسسات و دوائر مختصة ليأخذ كل مواطن حقه بشكل قانوني و هو يحافظ على كرامته .. لا كما هو السائد الآن للأسف بسبب موت ضمير المسؤوليين .
لقد باتت أزمة المياه في ميسان(العمارة) كما في الناصرية و السماوة و البصرة و غيرها من مناطق الجنوب و الوسط, بل و في كل آلعراق هي أزمة وجودية وصلت حدّ سدّة الموصل , لأن أغلب نشاط السكان مرتبط بالأرض والزراعة و الثروة الحيوانية التي تعتمد بشكل تامّ على توفر المياه كما أن العديد من الأحياء باتت تشكو من نقص مياه الشرب!
إنّ إهمال ميسان مستمر منذ سنوات طويلة و تراكمات سوء الإدارة المحلية كانت سبب في هذا الإهمال كما أن الحكومة المركزية همّشت هذه المحافظة بشكل كبير و متقصّد طوال السنوات الماضية لأن محافظها كان يميل للتيار الصدري المستهدف أصلاً من قبل الأطار, الفاشل على مدى 6 حكومات فاسدة و الجميع خصوصا الذين أسموا أنفسهم بدولة القانون أو العدل .. بضمن و ظلال الأطار عموماً جهلاء بفنون الأدارة و دراسات الجدوى و التصاميم الإسلامية إلى جانب الغربية, فهؤلاء الذين إعتبروا أنفسهم "قادة" و "نواب"و "وزراء" و "مدراء" و تسنموا المناصب و الأموال و الرواتب الحرام بالمحاصصة دون إستحقاق أو أية معرفة أولية حتى بأبجديات مسؤولياتهم, و جهلهم الكامل ببناء و إقامة المشاريع الأساسية حتى بناء طريق سليم حسب المواصفات العالمية,!
هذا إضافة إلى مسألة هامة للغاية لم يلتفت لها أي مسؤول - أكرّر أيّ مسؤول - و هي إن وقوع خطأ مُعيّن في أساس مشروع أو حتى جانب من مشروع أساسي حتى لو كان صغيراً و محدوداً؛ فأن مردوداته السلبية و آثار خسائره ستكون مكلفة و تساوي و تعادل أضعاف أضعاف القيمة المحدّدة سلفاً, لأنّ الذي يحدث هو أن ذلك الخطأ مهما كان صغيراً أو جانبيّاً من قبل ألمنفذ و المسؤول؛ فأنه يكون مكلفاً و هادماً, حيث يتطلب إصلاحه ؛ هدمه أولاً و إرجاعه إلى نقطة الصفر ثمّ البدء بإصلاحه من نقطة البداية .. من الصفر مرة أخرى و البدء مجدداً بآلمقدمات وبآلتخطيط لأنجاز الأمر من جديد, و هذا ما يسبب أضرار كبيرة على سير الحياة و هدر الأموال من كل جانب و بآلتالي التكلفة المالية و الزمانية و المكانية و الخسائر البشرية و تعريض آلنظام و البلد للكثير الكثير من الخسائر مادياً و زمانياً و بشرياًَ .
لهذا قلنا و كرّرنا بأنّ إستمرار الوضع و على ذلك المنوال الخاطئ مع وجود هذه الأحزاب الجاهلية بغطاء إسلامي و دعوي أو وطني و علماني و قومي و عشائري فارغ إلا من الأعلانات و التصريحات الخادعة؛ سيؤدي إلى تحطيم كل شيئ و فرار الأدمغة و نزيفها, و بآلتالي رجوعنا لزمن الجاهلية الأولى و المشتكى لصاحب الزمان(ع) من فعال كل مَنْ تسنّم منصباً برلمانياً أو وزاريا أو رئيساً لمؤسسة أو محافظاً أو مديراً لقضاء أو ناحية!
و هذا الواقع المرير يفرض على الشعب أن يعي و يتّخذ موقفه المبدئي لمعاقبة هؤلاء السفلة المنافقين الذين جاؤوا للأغتناء و تأسيس البنوك و القصور و الأمبراطوريات الماليةكهدف مركزي بغطاء خدمة الناس كإصدار كتاب او هاتف لتسهيل أمر محتاج للتوظيف أو دخول الجامعة كواسطة لقبولهم و هي حرام في حرام, لأن الحق هو أن يتأسس دوائر مختصلة لأداء تلك الأعمال و بشكل قانوني يقبله العقل و آلشرع بدل كل تلك الدروب الشيطانية الملتوية!
هذا هو كل ما جرى و يجري في عراق الكفر و النفاق و الظلم, ليركن الوزير و النائب بعد كل ذلك للتقاعد المليوني بعد بضع سنوات فوق كل ذلك و يتمتع بأموال الفقراء الجهلاء الذين لا يفقهون من الحياة و الآخرة سوى إسميهما!؟
هذا مع ملاحظة أخيرة هامة للغاية, هي :
حين طلقت الساحة العراقية المعارضة و مآسيها بعد إنتهاء الحرب العراقية - الأيرانية, كنت متيقناً بتفاهة الساحة و نفاق القائمين عليها .. إستخرت الله تعالى و تفرّغتُ لخدمة الناس بعيدا عنها .. عن طريق إختصاصي في مجال الهندسة الكهربائية و بناء المصانع و الشركات و التأسيسات الكهربائية الصناعية و المنزلية و إصلاح الأجهزة الدقيقة المستخدمة في البناء الصناعيّ و التي تحتاج تعميرها إلى دقة و تكنولوجيا عالية, أثناء ذلك إتصل بي مدير (مؤسسة التوسعة الصناعية) في منطقة الغرب في الدولة الأسلامية و التي كانت تغطي ثلث مساحة إيران تقريباً, وطرح علينا مشروعا كبيراً بعد تنفيذي لعشرات المشاريع من قبلها بنجاح , و هي شركة كبيرة لصناعة الماطورات و المولدات الكهربائية الثقيلة و التي تصل بعضها لـعشرين ميكا واط , و تعهّدوا بتزويدي بكل المال و الأمكانات و الدعم اللازم, و حقاً كان مشروعاً عملاقا, لهذا طلبت وقتها من المدير العام مهلة شهر لأعلان موافقتي .. لدراسة الكليات و المقدمات قبل الدخول في التفاصيل!
و لأن المشروع كان كبيراً و يحتاج لجهود دولة كاملة و ليس شركة صغيرة كشركتي المتواضعة .. لذلك جهّزت نفسي لدراسته من كل الجوانب .. حتى توضّح لي كل الخفايا و المعوقات و الأحتمالات .. إلا مشكلة واحدة لم تعد سهلة الحلّ, و كانت مشكلة عويصة أمامي و هي بُعد المنظقة المخصصة لتأسيس الشركة من منافذ الخليج و المراكز و المنافذ الحدودية الرابطة بآلدول المجاورة الإسلامية و العربية و الأوربية لتصديرها عن طريق الخليج و غيرها في شرق و وسط آسيا, ممّا كان يكلفنا الكثير من المال و الحمل و النقل لإيصالها إلى هناك, و كان تأسيس سكة قطار هو الحل الوحيد , لكنه لم يكن سهلاً لأن الشركة ستقام في منطقة جبلية و حدودية شبه ميتة جغرافياً نهاية جبل حمرين في منطقة محصورة بين محافظة إيلام و دهلران و أطراف كرمنشاه!
فطرحت الأمر على مدير المؤسسة التوسعة الصناعية, و قلت له:
[لقد درست الموضوع و كل جوانب المشروع و كلفني أكثر من شهر و على حسابي الخاص لوجه الله, و كلّ شيئ كان عادياً و ممكناً بآلنسبة لي .. إلا مشكلة الموقع الجغفرافي و أيضال المنتوج لمنافذ النقل عبر الحدود القريبة .. فإن وجدتم يا سيادة المدير حلاً لهذا الأمر فأنا على إستعداد للقبول و بدء المشروع حالاً .. طبعا أبلغته بمسألة تأسيس سكة للقطار لكنه كان مكلفا و تحتاج لسنوات بسبب التظاريس الجغرافية الأرضية و الجبلية الخاصة و المعقدة,!
فقال؛ لا رأي لي في هذا الأمر .. لكني سأطرح الموضوع على الجهات العليا المختصة في الحكومة المركزية و نرى!؟
المهم ما أريد قوله ؛ هو أن أكثر من صديق عراقي و إيراني كان يقيم معنا في دولة الأسلام طلبوا مني القبول بإستلام المشروع و التصرف بتلك الأموال التي كانت تكفي لبناء مدينة كاملة, لكني رفضت المساومة و قبول الرشوة رغم إنها كانت مغرية و تكفي لتغطية عشرة أجيال قادمة و لم يتحقق المشروع .. لخوفي من الفشل, رغم العروص الكبيرة التي طرحت علينا, لكني لم أخن تلك الدولة التي لم أنتسب لها قانونياً !!؟؟
الغاية من هذا الطرح هو إن مشاريع عديدة وصلت كلفتها الأولية لعشرات المليارات من الدولارات بظل الحكومات العراقية المتحاصصة قد تمّ هدرها و سرقتها بسبب كون النواب و الوزراء وقادة الأحزاب في الإطار و غيره من العراقيين الفاسدين المنظمين للأحزاب الأسلامية كحزب الدعوة و المجليس الأعلى و المليشيات و المتحالفين معهم من (الساختجية) و ممّن أكل الحرام بشهوة حتى إشرابّت خلايا أبدانهم و عوائلهم فإنمسخت أروحهم لكون فلسفة الحكم و الرئاسة عندهم هي للأغتناء و الثراء نتيجة لتلك الثقافة المنحطة التي كسبوها من ثقافة البعث و الشيطان, لهذا خسرنا(العراق) و الحاضر و الغائب, و الأَمَرّ من ذلك خسرنا الأنسان العراقي السوي بسبب لقمة الحرام التي دخلت بطون الناس بعد أن أباحتها الأحزاب الفاسدة المتحاصصة بقيادة الأطار و من تحالف معهم و شاركهم في خراب العراق و إفلاسه .. و السلام على العراق أبداً و الحساب الأكبر يوم القيامة و هو قريب.
عزيز حميد مجيد
#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟