ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 08:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رغم الصورة النمطية التي تروّج لترامب كأكثر الرؤساء الأمريكيين ولاءً لإسرائيل، فإن الوقائع الميدانية والسياسية في فترته الرئاسية الثانية تكشف عن تحولات عميقة قد تفضي إلى شرخ حقيقي في بنية العلاقة بين الطرفين، خصوصًا إذا استمر ترامب أو من يماثله في السلطة.
ففي الملف اللبناني، دفعت إدارة ترامب إسرائيل نحو توقيع اتفاق غير مباشر مع "حزب الله" بشأن ترسيم الحدود البحرية، وهو ما اعتبرته إسرائيل تنازلاً مجانيًا عن أدوات الضغط الاستراتيجي، في لحظة كانت تراهن فيها على تقويض قوة الحزب، لا تثبيت شرعيته كطرف تفاوضي.
أما في العراق، فقد قيّدت إدارة ترامب قدرة إسرائيل على تنفيذ ضربات جوية ضد الميليشيات التابعة لإيران، على الرغم من التصعيد الواضح في تهديد هذه الفصائل لأمن إسرائيل ووجودها في الإقليم. ظهر الموقف الأمريكي وكأنه يسعى لضبط الساحة، لا لحسمها، وهو ما أضرّ بمصالح إسرائيل الاستباقية.
وفي الملف الإيراني، وبعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في رئاسته الأولى، بدا في ولايته الثانية أكثر تردّدًا. فحتى مع تصاعد الخطر، استمر ترامب في منع إسرائيل من شنّ ضربة عسكرية ضد إيران. وعندما اضطرت إسرائيل إلى اتخاذ قرارها بشكل منفرد، واندلعت المواجهة المباشرة، اضطر ترامب للتدخل وتوجيه ضربة محدودة للمفاعلات الإيرانية. غير أن الأيام التالية كشفت أن الضربة كانت محسوبة على نحو ضعيف، اعتمدت السيناريو الأقل قسوة وتأثيرًا، مما أثار استياء تل أبيب.
أما في سوريا، فقد مثّلت أحداث السويداء فرصة استراتيجية لإسرائيل لتوظيف التفكك المحلي لصالح مشروعها الإقليمي متعدد الاتجاهات، غير أن ترامب سارع لإيقاف أي نشاط عسكري إسرائيلي محتمل، في خطوة وُصفت في الإعلام الإسرائيلي بأنها طعنة في الظهر.
بهذه المواقف، لم يكن ترامب نصيرًا أعمى لإسرائيل كما يُروّج، بل على العكس، رسم ملامح جديدة لعلاقة أكثر انكفاءً وانعزالية، تُعيد تعريف المصالح الأمريكية، حتى على حساب حليفتها التاريخية. وإذا ما عادت هذه المقاربة للواجهة عبر إدارة مستقبلية بقيادة ترامب أو تياره، فإننا أمام بداية شرخ بنيوي حقيقي في العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية.
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟