أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - العصبيةُ والعمرانُ (2)














المزيد.....

العصبيةُ والعمرانُ (2)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4220 - 2013 / 9 / 19 - 08:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يؤدي حكمُ العُصبة القبلية أو الدينية إلى انهيار واسع في العلاقات البضاعية، فبدلاً من أن تتصاعد العلاقات السلعية نحو تكون الرساميل وتبدل قوى الانتاج يحدث العكس وتتدهور العلاقات الاقتصادية الاجتماعية بشكل شامل.
(فهو يقول- أي ابن خلدون- إن الناس ذوي المكان الاجتماعي الرفيع (الجاه) هم الأغنياء ويصبحون أغنى لأنهم قادرون على أن يحصلوا على خدمات الآخرين دون مقابل)، ابن خلدون وتاريخيته، عزيز العظمة، دار الطليعة، ص .147
يتحول مركزُ السلطنةِ إلى أداةِ تحللٍ للعلاقات البضاعية، فرغم أنه يقومُ بنشرِ المعاملات التجارية والمالية وإفادة فئات عدةٍ لكن ذلك يتم حسب تبعيتها السياسية له، وهدرها للأموال العامة التي لا تتوجه للمشروعات كإصلاح السدود التي تغدو حيوية لمجمل البناء الاقتصادي وقتذاك، بل تتوجه الأموال للبذخ ومظهريات السلطان وتنحرفُ تدريجياً حتى عن الأسواق العامة وفائدتها.
التناقض بين العلاقات السياسية السائدة والعلاقات البضاعية الرأسمالية لا يُلحظُ إلا بشكلٍ تاريخي مديد، وحين تتضاءل الأموالُ العامة الموجهة لقوى الانتاج الزراعية لا يعد بالامكان ظهور السلع الكمالية، ثم تتأثر السلع الاستهلاكية الشعبية.
عدم تحول أشكال الوعي إلى سلع كالكتاب والشعر والقصة والفلسفة يصيبها بالعطب كذلك، رغم مكانتها الأدبية الرفيعة. إن التكسب بالثقافة يدمرها في حين إن تنامي السوق يغذيها.
(ترتفع الأسعارُ بفضل ما يفرضه الحكامُ من ضرائب، لأن الصناع والمنتجين الزراعيين يضيفون هذه الضرائب على حساب المستهلك)، المقدمة.
مع تدهور العلاقات البضاعية التاريخي تتدهور قوى الانتاج، وهذا يحدث في العصرين الوسيط الماضي والعربي الراهن، فالانتاجُ الزراعي يُصاب بأزمات مستمرة، وتتصحر الحقول، وترتفع أسعار المواد الأولية الغذائية، فيما تكون البدائلُ الانتاجية مصانع مواد أولية تابعة للعُصبة القبلية أو الدينية أو العسكرية أو الحزبية حسب التطور التاريخي، فتغدو مستبدلةً عن قوى الانتاج الزراعية والحِرفية المتدهورة، ويصيبها ما أصاب العلاقات البضاعية في الزمن العربي الوسيط.
ينعكس التدهور التاريخي على العلاقات السياسية المهيمنة التي تتعرض للتدهور هي الأخرى، فتتشكل جماعاتٌ تخرقُ خرائطَ البلدان، والأمثلة في عصر ابن خلدون هي المدن- الدول القصيرة العمر، فيما تعبر الحركات الدينية والأنظمة الشمولية عن ذات النموذج في العصر الراهن.
التحلل السياسي يقود كذلك إلى تدهور الخدمات وانتشار الأوبئة وتصاعد الفقر وغير هذا من الظاهرات المختلفة.
اضمحلالُ الدول لا يتم بمعارك حاسمة بل عبر تدهور تدريجي تستغله القوى الصاعدة الهامشية بتثبيت أقدامها في المناطق الضعيفة التطور فتتحلل الدول.
لم تقم الدولُ والجماعات العربية والدول الاستعمارية الحاكمة في زمن ما قبل الاستقلال بتغيير علاقات الانتاج الإقطاعية الموروثة بل غيرت بعض الجوانب في قوى الانتاج والأشكال الحادة من تلك العلاقات الانتاجية كبقايا الرق والسخرة.
استمرار العلاقات الاقطاعية أعاد البناءات القديمة فغدت العصبةُ القرابية أو السياسية أو الدينية أو العسكرية هي التي توزع الدخول، على الفئات المقربة منها، وتتم تبعية السوق لآليات عملها، الأمر الذي يعيدُ هيمنةَ السياسي البيروقراطي المضاد لتطور التسليع ويؤدي لتوقف تطور العلاقات الرأسمالية التحولية.
رغم أن العصر الحديث عرف توسعاً كبيراً للعلاقات البضاعية، وتغلغلت أشكالها المتجددة في البُنى العربية حسب تطورها التاريخي إلا أن العلاقات ما قبل الرأسمالية حدتْ ومنعتْ تطورها نحو الاكتمال البنيوي. أي أن تقوم بالقطع مع بُنى الاقطاع الموروثة.
هذا يُرى على مدى القرن العشرين حيث ضُربت العلاقات المالية الصناعية الواعدة ثم تفاقمت الأنظمة العسكرية والدينية في عمليات تآكل ضارية للتطورات الاقتصادية الحرة، ثم توسعت الأزمة في القرن الواحد والعشرين وظهر الوقوف على مفترق الطرق العالمية وتدهور الأوضاع وعجز الحلول عن فهم البُنى وسيرورات التاريخ.
العُصبة السياسية القرابية العسكرية وغيرها تجعل الانتاج تابعا للقرابة أو الهيمنة الحزبية بشكل مضاد لقوانين التطور السلعي، مما يؤدي إلى تدهور مصادر الانتاج كما لاحظنا في خراج الزراعة في العصر الوسيط وخَراج المؤسسات الصناعية والمعملية في العصر الراهن، وهذا يصيب كافة العلاقات الاقتصادية بالتدهور والأزمات والشلل.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العصبيةُ والعمرانُ (1)
- هيكل والقومية
- النكوصُ الحضاري
- عوائقُ التغييرِ
- ضياعُ المقاييس والعدالة
- الذكورةُ والصحراءُ
- تيارات اجتماعية وليست فقط جماعات
- المسيحيةُ والإسلامُ تجريداً وتحليلاً
- الوعي والتغيير
- صراعٌ غيرُ بناءٍ
- المذهبيةُ في الفكر
- المرجعيةُ الفكريةُ ل«حزبِ الله»
- مهزلةُ أوباما السورية
- نموذجانِ مأزومان
- جمودٌ مطلقٌ
- المثقفون والتحولات
- رأسماليةُ الدولةِ العسكرية
- تذبذبٌ حارقٌ
- قراءةٌ غيرُ موضوعية للتاريخ
- مسرحُ الخليجِ والديمقراطية


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - العصبيةُ والعمرانُ (2)