أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - نداء - الدين لله- وعصر الكونالية















المزيد.....

نداء - الدين لله- وعصر الكونالية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7194 - 2022 / 3 / 18 - 14:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد كان لنتائج هذا التطور والتجديد والتحديث أن صارت الكنيسة بما تمثله من أتجاه روحي في الصف المعادي للقوميين الذين يعتمدون رأس المال الصناعي وحركة الآلات وأتباع التقنية ومسايرة التحول نحو قوانين الدولة المعاصرة, وصار الشعار ((الدين لله)) نداء العلمانيين القوميين شعارا مقدسا ومطلبا ضروريا للوجود الحداثي ذاته, وبذلك أسس هذا النداء ضرورة فصل الدين عن الدولة وأطلاق يدها حرة في تنظيم التفاعل الأجتماعي ورفع يد الكنيسة عن التحكم في الكثير من القضايا الحياتية, ونتيجته تحولت الإقطاعية من قوة سائدة إلى قوة تابعة لسلطة الدولة وسلطة القوى المادية الفاعلة بها وفقدت بذلك سيطرتها على الإنسان الأوربي لصالح القوة الصناعية.
هذا التحول الذي أعلنته القومية العلمانية المتحالفة مع رأس المال الصناعي والنقدي, في الحقيقة هو أعلان للانقلاب الحداثي الأوربي في تحول مفصلي في التأريخ الإنساني قادته النخبة العلمية التي تبرمت من العلاقات الإنسانية الشاذة التي سيطرة على الحياة الأوربية واستهانت بالإنسان كقوة وجودية مؤثرة وقادرة على الانفلات منها بتبريرات قدست النزعة الروحية الدينية وما ينشأ عنها من مفاهيم تتعلق بالإنسان وعلاقته بالأخر الحاضر أو الأخر الغيبي.
قاد هذا الفشل الروحي إلى هجران تلك الرؤية بكل تفاصيلها بأعتبارها تمثل حقبة زمنية يراد لها أن تندثر لتحل محلها رؤية حداثية تقودها التقنية الجديد بما أبهرت به العقول وتجاوزت به حد الممكنات والثوابت التي ما كان أحد ليتجرأ عليها تحت غطاء القداسة والتقديس لكل ما هو فهم ديني ولو كان مخالفا لأبسط قواعد العلم المجرد والعقل العملي والعلمي الذي أثبت جدارة خاصة في قيادة هذه التحولات الكونية.
هذا التفسير لحركة الانقلاب لا يمكن عده تفسرا ماديا للتاريخ ولا خضوعا جبريا للمادية لأن من مؤديات هذا التحول والتي كانت من ركائزه الأصلية أيضا والتي بررت لطغيان الصورة المادية لحركة التأريخ وإظهار هذه الصورة, عوامل متصلة بتأصل الفهم الإسرائيلي في الذهنية الأوربية والخانسة في مسارات هذا الفهم ومنها العوامل العنصرية التي لعبت دورا في حسم الصراع((أن الحضارات البشرية ،والمدنيات الاجتماعية ،تختلف بمقدار الثروة المدخورة في صميم الجنس ،وما ينطوي عليه من قوى الدفع والتحريك، وطاقات الإبداع والبناء, فالجنس القوي النقي المحض هو مبعث كل مظاهر الحياة في المجتمعات الإنسانية ،منذ الأزل إلى العصر الحديث، وقوام التركيب العضوي والنفسي في الإنسان وليس التأريخ إلا سلسلة مترابطة من ظواهر الكفاح بين الأجناس والدماء التي تخوض معركة الحياة في سبيل البقاء، فيكتب فيها النصر للدم النقي القوي، وتموت في خضمه الشعوب الصغيرة، وتضمحل وتذوب، بسبب ما تفقده من طاقات في جنسها، وما تخسره من قابلية المقاومة النابعة من نقاء الدم)) .
التأريخ شهد هذا الصراع حقيقيا في أوربا وكان من نتائجه انسلاخ الهوية الجنسية للأعراق الصغيرة في أطار أوسع معتمدة على نفس عناصر الإذابة والاضمحلال من خلال تجميع المفردات على قاعدة الأنتماء للجنس والعراقي ولكن في حدود أوسع من التقسيم السابق بإيجاد المشتركات العرقية بين المجموعات وهكذا نشأت القومية الأوربية, وهنا نعزز القول بأن الجنسية العرقية ساهمت في ذاتيتاها في الاصطفاف القومي لعجزها هي أيضا في مجارات قواعد القوة في أوربا عصر التنوير.
وعجزت هذه الفرديات العرقية في أثبات هويتها التي تستند إلى الذخير من القدرة التفاعلية في المساهمة الفردية وفي تفردها بالقوة المحركة والدافعة للتأريخ ,وكان هذا مناسبا ومعززا للخروج من الإطار الضيق نحو المشاركة والمساهمة مع الغير في تثبيت قواعد جديدة لصنع التأريخ وفق أرادة الضرورة التأريخية نفسها والتي نشأت في ظلها العلمانية أيضا.
لقد كانت العرقية هدفا لسهام النقد العلماني وضرورة زوالها كانت ضرورة حتمية بالقدر الذي يساهم في دفع العلمانية للمجتمعات الأوربية الكبيرة نحو الحداثة والتجديد القائم على ترابط قوى الإنتاج ومتطلبات هذا القادم وفرض شروطه التوسعية نحو البحث عن الأسواق ومصادر الثروة الأولية التي هي عند الماركسية وهي الصورة المادية الأكثر ألتصاقا في تفسير التأريخ بقواعدها ترى فيها((بأن وسائل الإنتاج هي الأدوات التي يستخدمها الناس في إنتاج حاجاتهم المادية ذلك أن الإنسان مضطر إلى الصراع مع الطبيعة في سبيل وجوده، وهذا الصراع يتطلب وجود قوي وأدوات معينة، يستعملها الإنسان في تذليل الطبيعة واستثمار خيراتها)) .
هنا تبرز القيمة الحقيقية للتفسير المادي للتأريخ ولكن ليس على أعتبار أن العامل الأقتصادي وحده هو الذي قادر حركة التأريخ بل تظافر قوى ذاتية يمثلها العرق والجغرافية والدين أيضا لتساهم جمعيا من خلال فرض العامل الأقتصادي ودفعه للمقدمة ليفسر هذه الحركة ولولا تلك العوامل لم يكن للمادية أن تطرح نفسها بهذا الشكل الفاعل ,فالصراع الحضاري بين القيم والمتغيرات الفكرية والأجتماعية لها ارتباطات بالماهية الإنسانية أيضا.
وهذه الماهية الذاتية للإنسان الأوربي هي من مجموع خواص ومميزات لها مقدمات تكوينية ذات أمد تأريخي كانت الروحية طاقة كامنة فيه ومحركة للخارج الوجودي ,وهو ما يمثل في أحد جوانبه دور الدين والتفاعل الحضاري والفكري والمعرفي له في تحديد عوامل الإنتاج ,فهي خاضعة له ومستحكمة بقوانينه أيضا, فالأثنية الدينية لليهود مثلا هي التي تصيغ الضمير المعرفي الذي حدد ترابط الوجود الإسرائيلي القائم على دور المال كقوة مؤثرة.
وحتى في علاقة بني إسرائيل مع الله بنيت العقيدة الإسرائيلية فهما لها على أساس المال{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة247 .هذا الفهم نراه متكررا في الوجدان الإسرائيلي ولم تفرضه قوانين عوامل الإنتاج ولكن هي التي فرضت نفسها من خلال الإيمان المطلق بها.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض من تاريخ المادية
- التعصب الحضاري في مواجهة الكونالية
- الكونالية وعالم متعدد الأقطاب
- الحرب والسلام ... مقاربة تضاد أم مقاربة وجود
- السياسة من منظور فعل القوة
- الكونالية وما بعد العولمة
- تناقضات الكونالية والعولمة
- العولمة والكونالية
- هل يمكن التجرد من الهوية الكونية
- أنا والآخر من منظور كوني
- الإنسان الكوني هوية أم وجود؟
- صراع الفسلفة ومبدأ الحرية
- وعي الحرية وحرية الوعي معادلة غير منصفة بين الشرق والغرب
- حلم الإنسان الأول
- الكونية وحاجة الإنسان للعودة لنقطة الإنطلاق الأولى
- هل يمكن التوافق بين الفكر الديني ومبدأ الديمقراطية التعددية
- حق الإنسان في الحرية والديمقراطية من منظور ديني حقيقي
- وهم انظرية الأقتصادية للدين
- الخروج من الدين ح2
- الخروج من الدين


المزيد.....




- آخر تطورات مفاوضات غزة.. وفد حماس يسلم رده ويغادر القاهرة وم ...
- نائب مستشار ألمانيا: التعدي على السياسيين مشكلة تخصنا جميعاً ...
- -زعموا أنه يدعو للإلحاد-.. تحذير أزهري من مركز -تكوين- في مص ...
- بوتين يحقق أمنية الطفلة ماشا من ماكييفكا ويهديها جروا صغيرا ...
- غالانت يعلن تأييده للمقترح المصري بشأن صفقة وقف الحرب في غزة ...
- سيناتور روسي يتحدث عن أهمية بلدة أوشيريتينو في دونيتسك في تق ...
- لافروف: لا أحد في الغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب في أوكرا ...
- جدل حول إجراءات قمع الطلاب في أمريكا
- لافروف يوضح سبب مشاركة بعض الدول في مؤتمر سويسرا لبحث الأزمة ...
- بمشاركة نخبة من المفكرين والأكاديميين العرب.. انطلاق منتدى ت ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - نداء - الدين لله- وعصر الكونالية