أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الكونالية وعالم متعدد الأقطاب















المزيد.....

الكونالية وعالم متعدد الأقطاب


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7191 - 2022 / 3 / 15 - 21:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العالم الكوني اليوم يعيش القطبية المزدوجة بين عالم أبيض نقي متفوق قادر على أن يفرض ما يريد وقادر على أن يصل حيث يشاء لا تحده حدود ولا تمنعه خطوط حمر أو سود, هذه ليست نظرة تشاؤمية بقدر ما هي بسط لنوع من الواقعية السياسية وإقرار بما في العالم اليوم من حقائق مؤلمة ,حقائق تنتهك باسم الحق المقدس الأبيض ضد العالم الأسود العالم الشرير الذي يسكنه الشيطان والذي يضمر الشر للعالم الأبيض النقي فعلى الأخير أن يستبق ويضرب حيث يشك أن هناك رائحة مزعجة تهدد أنف الأمريكي المعتاد على أن يشم أرقى العطور من أندر الماركات.
نظرية الردع الإيجابي من هذا النوع الردع المستبق المبني على مجرد الاحتمالية بوجود تهديد على الغرب أن ينقل الحرب ونتائجها ومسارها لدار الخصم سواء أكانت ظنونه بمحلها او لمجرد شك , يكفي للرجل الأبيض أن يشك حتى يكون مبرره شرعي هو يسميه الردع بالشك، نظرية سياسية عسكرية جديدة، ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية، في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي.
وهي تعني الضربة الاستباقية، وشن الحرب ضد ما من شأنه أن يهدد الأمن القومي الأمريكي أو السلم العالمي على حد تعبير الإدارة الأمريكية, هذا التعبير المستحدث غير مرتبط بقواعد عامة يتفق عليها المجتمع الدولي بل هي أصلا تقدير خاص من الادارة الامريكية مستند إلى مبرراتها الذاتية حتى لو تم تكن هذه المبررات واقعية أو تتسق مع منطق قوة المصالح, وقد شهد العالم كيف أن إرادة أمريكا وحدها لم تنصاع لإرادة كل المجتمع الدولي , وعندما ما مارست العدوان ضد العراق كانت تتبجح أنها تمثل إرادة المجتمع الدولي , هذا يعني مقولة أنا العالم والعالم أنا ,أنا القوة والقوة أنا , جورج بوش لأبن يقول أن الرب بعثني لأحارب الشيطان.
إن التناقض الحاد ما بين الخلاف حول مشروعية الحرب الاستباقية ومبدأها من وجهة نظر أخلاقية كأداة ردع تتجاوز الإنجاز الحضاري لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي يحاول قدر الإمكان الحد من النزاعات، ثم محاولة ربطها بمقولة خلق عالم أكثر أمنا أو بتحقيق "السلام والديمقراطية دون ان نسأل الأمن لمن وكيف تكون القوة صانعة للديمقراطية.
هذا التناقض حولها داخل الخطاب السياسي الأمريكي إلى حالة "تبشيرية" يقودها اليمين المسيحي الصهيوني محتكر للحق ولأساليب ممارسته وطريق فرضه مستندا على مبدأ كونه الأبيض النقي الذي مجرد إيمانه بالمسيح يسقط عنه كل جريمة وجناية ضد الإنسانية، الله مع أمريكا، الله يريد أن تقود أمريكا العالم . وأصبح العالم خاضع لخارطة جديد في التقييم رسمها منطق مصلحة القوة وسيادة هذه المصلحة حتى لو تعارضت مع الإيديولوجية الدينية أو سياسيه ضد العالم الأسود, وبالطبع فنحن لسنا أمام محاكم تفتيش" لكننا نواجه إيديولوجيا متطرفة عنصرية بثوب إنساني السلام العالمي وحقوق الإنسان بعد أن تباهي طويلا المفكرون الليبراليون بسقوط الإيديولوجية.
لم تكن نظرية الحرب الاستباقية نظرية حديثة كما يرى كثير من الباحثين وإن كانت هذه النظرية لاقت رواجًا كبيرًا في الآونة الأخيرة مع الحملة العسكرية على العراق وأفغانستان إنها أمتداد تأريخي للعقيدة المسيحية ذات الجذور الصهيونية, تعود ولادتها إلى الإمبراطورية الرومانية خلال عمرها الذي وصل إلى أربعة قرون, حيث استطاعت أن تحافظ على سلامة وجودها بفضل الحروب الاستباقية التي كانت تشنها بوجه أية دولة تتوجس منها خيفة, إلا أن هذه النظرية كانت ولا تزال الخيار الاستراتيجي الدائم في فكر الساسة الصهاينة, فقد قامت إسرائيل بتطبيق هذه النظرية في حرب 67 وبضربها المفاعل النووي العراقي عام 1981م.
تلقف اليمين الأبيض الأمريكي المتصهين ومع قدوم المحافظين الجدد إلى البيت الأبيض [ريتشارد بيرل وبول وولفووتيز وكوندوليزا رايس ورونالد رامسفيلد وديك تشيني] وخصوصًا بعد 11 أيلول 2001م أصبحت هذه النظرية أساس عملي في السياسة الأمريكية في علاقاتها مع الدول التي تصفها بمحور الشر محور الشيطان الأسود, كان لا بد من وجهة نظرهم يجب معاقبتها وإجبارها عسكريًا على الانصياع والدوران في الفلك الغربي التي تقوده الولايات المتحدة الرجل الأبيض لنقي المتسلح بإرادة الله كما عبره نكسن سابقا وبوش الأبن معاصرا, ولعقد من الزمان نجحت الآلة الأمريكية القوية في فرض أسلوب الحياة الأمريكية في أنحاء كثيرة من العالم, مستغلة ما لديها من قوة اقتصادية وتكنولوجية وعسكرية لتفرض مصلحة القوة حيث أدت.
لقد أعلنت السياسة الأمريكية تبنيها هذه النظرية في 11-9-2002م, أي بعد سنة من أحداث الحادي عشر من أيلول, والتي كشف النقاب عنها في وثيقة تحت عنوان استراتيجية الأمن القومي الأمريكي , حيث تبرر الوثيقة استخدام القوة العسكرية ضد أي طرف يتصور أنه عدو حالي أو مستقبلي أو يهدد مصالحها الاستراتيجية في العالم على المدى المنظور أو غير المنظور, وهذه الاستراتيجية طبقت في كل من العراق وأفغانستان, وتجب الوثيقة: إن على الولايات المتحدة أن تحتفظ وتظل محتفظة بقدرتها على إحباط كل مبادرة يقوم بها أو يفكر في القيام بها أي عدد من أعدائنا للنيل من قوتنا, سواء أكان هذا العدو دولة أم غيرها كالشبكات الإرهابية , وأن ننتزع منه القدرة على فرض إرادته علينا أو على حلفائنا أو أصدقائنا في العالم, بل ستبقى قوتنا القوة الكبرى التي (تروع جميع خصومنا) وتشل قدراتهم سواء أكانوا خصومًا بالفعل أم خصومًا محتملين أم من أولئك الذين يسعون إلى التسابق إلى التسلح ليصبحوا معادلين لنا أو أقوى من قوة الولايات المتحدة .
كما أن الإملاءات الكنسية العقدية لا تقبل الرفض أو النقض، إذ هي بمنزلة (حكم إلهي) يعتقد المنظرون الجدد في البيت الأبيض من المحافظين والإنجيليين أن الولايات المتحدة صاحبة رسالة ومكلفة بأدائها(لقد انتصرنا على العدو الشيوعي، ولم يبق لنا عدو إلا الإسلام ), وأنه بناء على ذلك يشرع للولايات المتحدة استخدام كل الوسائل للوصول إلى غايتها بلا حرمة ولا عذاب ضمير ولا ينبغي الاعتذار مما تقوم به أو الخجل لأنه الحل والخلاص الذي لا بد منه, كما كان خلاص البشرية بصلب المسيح, فلا بد من خلاص العالم الحر المتمثل بالحضارة الغربية وقيمها الليبرالية بصلب العالم أجمع إنها أنتصار حقيقي للعالم العنصري العالم الأبيض الذي بمجرد كونه أمن بالمسيح فهو في حل من إنسانيته لأنه سيحيا بدون حساب.
يقول تشارلز كروثامر الكاتب في مجلة التايم: ليست أمريكا مجرد مواطن عالمي.. إنَّها السلطة المهيمنة في العالم، وأكثر هيمنة من أية قوة أخرى منذ عهد روما. ووفقاً لذلك، فإنَّ أمريكا في وضع يؤهِّلها لإعادة تشكيل المعايير وتغيير التوقعات وخلق حقائق جديدة, أمّا كيف يكون ذلك؟! فيكون ـ برأيه – عن طريق إظهار إرادة غير اعتذاريه لا سبيل إلى تغييرها . ولذلك يجب على أمريكا أن تفعل أي شيء لتحقيق مآربها دون أن تعتذر فالاعتذار بحسب هذا الاعتقاد، يتعارض مع إيمانهم وخلاصهم بالإيمان بالمسيح الذي وحده يتحمل خطايا الرجل الأبيض النقي، ولا يشكل ذلك إخلالاً في شبكة المعايير والمفاهيم العنصرية لأنهم يحاربون الشر والشيطان , العالم الأسود عالم الشر والشيطان.
هذه العقيدة للمحافظين الجدد ليست بغريبة أو بعيدة عن عقيدة البابا راعي لكنيسة ورمز الرجل الأبيض الموعود بالخلود والموعود أيضا بالعصمة الحسابية, بل أن البابا بنفسه يرى أن عقيدة المحافظين الجدد في البيت الأبيض ليست إلا صدى لتوجهات وأفكار الكنيسة التي وحدها ها حق الإبراء والإدانة لأن الله غائب بعيدا عن الأرض أنه يسكن السماء وما يهم الأرض هو شغل لكنيسة وتدبير البابا, فهو يعتقد أيضا أنه ينبغي على الأوروبيين تبني هذا التوجه وإبعاد العلمانيين عن صناعة القرار في السياسة الأوروبية .
هذه المقتطفات هي ما تهم صانع قرار مصلحة القوة بعيدا عن مصلحة الإنسان ولا ضير أن يستخدم كل الأسلحة وببراغماتية بارعة لتمرير مفهوم العالم الأبيض, العالم الذي يعيش الأنا الذاتية بأبشع صورها وأمراضها المتضخمة لمجرد أنه أمن بالمسيح ,وإذا أمن العالم الأسود بنبيه أو رسوله أو بدين يكون بربريا أميا ,لأن ربه شيطان وليس هناك رب أخر غير رب المسيح الرب الظالم الذي أعطى صكوك الغفران للعالم الأبيض ومنحه سلطة تأديب العالم وتنظيم مشروعية عن التماثل الإنساني المستحيل فأنا أن تكون معي أو ستكون لا محالة ضدي, وعند ذك لا يهم ما سأفعل بك أو ما يترتب على ذلك.
إنها نظرية العالم الحر والعالم المستعبد عالم يريد أن يثبت عنصريته المتأصلة في فكره الديني المتوارث حتى لو كان عنوانه خلاص العالم عالمهم من الأخر رفضا ومزاحمة وعدم قبول به وأقصاء لكل قيمة تنوع, حتى إن البابا الحالي يريد أن يرتبط اسمه بانهيار الإسلام السياسي كمدخل لمحاربة الإسلام الحقيقي طالما أن كل شيء فيه يشير إلى مبدأ المساواة وتحمل الشخص لأخطائه ومحاسبته عليه{وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة120,الإسلام الذي تم توصيفه بأنه العدو الأول للعالم الحر المتمدن .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب والسلام ... مقاربة تضاد أم مقاربة وجود
- السياسة من منظور فعل القوة
- الكونالية وما بعد العولمة
- تناقضات الكونالية والعولمة
- العولمة والكونالية
- هل يمكن التجرد من الهوية الكونية
- أنا والآخر من منظور كوني
- الإنسان الكوني هوية أم وجود؟
- صراع الفسلفة ومبدأ الحرية
- وعي الحرية وحرية الوعي معادلة غير منصفة بين الشرق والغرب
- حلم الإنسان الأول
- الكونية وحاجة الإنسان للعودة لنقطة الإنطلاق الأولى
- هل يمكن التوافق بين الفكر الديني ومبدأ الديمقراطية التعددية
- حق الإنسان في الحرية والديمقراطية من منظور ديني حقيقي
- وهم انظرية الأقتصادية للدين
- الخروج من الدين ح2
- الخروج من الدين
- الى صديقي ...أخي فراس معلا
- حرب إعادة التموضع
- مقتطفات من وحي الروح


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الكونالية وعالم متعدد الأقطاب