أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وسام فتحي زغبر - من يصنع المنجّمين في زمن الذكاء الاصطناعي؟ الإعلام بين تجارة الخوف واغتيال العقل














المزيد.....

من يصنع المنجّمين في زمن الذكاء الاصطناعي؟ الإعلام بين تجارة الخوف واغتيال العقل


وسام فتحي زغبر

الحوار المتمدن-العدد: 8574 - 2026 / 1 / 1 - 00:50
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


وسام زغبر
صحفي من شمال قطاع غزة| عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين

في زمنٍ تتسارع فيه الخوارزميات، وتُدار فيه الحروب والاقتصادات عبر البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، يبدو مشهد المنجّمين على شاشات الفضائيات العربية كأنه مفارقة فادحة، أو ارتداد ثقافي إلى ما قبل العلم، لكن الأخطر أنه ليس مجرد ترف تلفزيوني موسمي، بل ظاهرة إعلامية واجتماعية آخذة في الترسّخ.
مع كل رأس سنة ميلادية، تتسابق القنوات الفضائية على استضافة “خبراء الغيب”، يقدّمون أنفسهم بوصفهم عرّافين أو منجّمين، ويغرقون الشاشات بتوقعات عن كوارث طبيعية، أوبئة عالمية، حروب كبرى، اغتيالات، وسقوط أنظمة، بل وأحيانًا غرق دول بأكملها أو هجوم “كائنات غريبة” على كوكب الأرض. الغريب أن هذا يحدث في عصر بات فيه المستقبل يُستشرف عبر نماذج علمية، لا عبر الأبراج وقراءة النجوم.
السؤال الجوهري هنا ليس: ماذا يقول المنجّمون؟ بل: من يصنعهم؟ ومن يمنحهم هذه المنصّات؟
الإجابة المؤلمة أن جزءًا من المسؤولية تتحمّله وسائل الإعلام نفسها، التي تبحث عن نسب مشاهدة مرتفعة، ولو على حساب العقل، فتسوّق الخوف وتحوّله إلى مادة ترفيهية. المنجّم لم يعد ظاهرة هامشية، بل “منتجًا إعلاميًا” تُعاد صياغته وإخراجه بعناية، ليبدو كأنه مطّلع على أسرار كونية أو مرتبط بمراكز قرار خفية.
الخطورة الحقيقية لا تكمن فقط في فجاجة التنبؤات، بل في تعامل قطاعات واسعة من الجمهور معها بوصفها احتمالات واقعية، بل أحيانًا حقائق مؤجلة. هنا يتحوّل التنجيم من استعراض عبثي إلى أداة تضليل جماعي، تُغذّي القلق العام، وتزرع الخوف، وتُضعف الثقة بالعلم والمعرفة.
ولا يقل خطورة عن ذلك، انتشار سرديات تزعم ارتباط بعض المنجّمين بما يُسمّى “الماسونية” أو بدوائر صنع القرار الدولي. هذه المزاعم تمنحهم هالة نفوذ زائف، وتعيد إنتاج عقلية المؤامرة، التي تفسّر العالم لا بوصفه نتاج صراعات مصالح وقوانين سياسية واقتصادية، بل نتيجة أسرار غيبية تُدار في الظل. والنتيجة: وعي مأزوم، عاجز عن الفعل، ومشدود دائمًا إلى انتظار “القدر”.
اللافت – وربما الفاضح – هو انتقائية التنبؤات. فالمنجّمون يتنبؤون بكل شيء، إلا بالقضايا الجوهرية المرتبطة بحقوق الشعوب. لا نسمع توقعًا بتحرير فلسطين، أو بسقوط الاحتلال، أو بانهيار منظومة الهيمنة العالمية. لماذا؟
لأن التنجيم هنا ليس تمرّدًا على الواقع، بل انسجامًا معه. هو يغامر بالكوارث، لا بالثوابت السياسية. يتاجر بالخوف، لا بالأمل. يروّج للصدمة، لا للعدالة.
في عالم الذكاء الاصطناعي، لا يُقرأ المستقبل من مواقع النجوم، بل من اتجاهات العلم، والتحولات الاجتماعية، وصراع المصالح. والمجتمعات التي تسلّم عقلها للمنجّمين، إنما تتخلّى طوعًا عن قدرتها على الفهم والتغيير.
من هنا، يصبح النقاش حول هذه الظاهرة نقاشًا سياسيًا وأخلاقيًا وإعلاميًا في آن واحد. مسؤولية الإعلام ليست فقط نقل ما يثير، بل ما يُنير. ومسؤولية النخب الثقافية ألا تترك الشاشات رهينة لمن يبيعون الوهم في زمن المعرفة.
فالمستقبل لا يُتنبأ به…
المستقبل يُصنع.



#وسام_فتحي_زغبر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة بين مخلفات حرب الإبادة وصمت العالم
- القرار 2803… بين الحماية والوصاية: سباق فلسطيني لتحديد المسا ...
- السوق السوداء في غزة: حين يصبح البقاء سلعةً في زمن الإبادة
- غزة بعد وقف النار – اختبار جديد للإرادة الفلسطينية والمجتمع ...
- في الذكرى الثانية لحرب الإبادة في غزة: حين يصبح البقاء فعل م ...
- حرب الإبادة بالعطش: الماء كسلاح تطهير جماعي في غزة
- «أبو شباب»: خنجر الاحتلال المسموم في خاصرة غزة
- «مادلين».. سفينة الحرية التي كسرت حاجز الصمت وفضحت قرصنة الا ...
- مراكز الإغاثة تتحوّل إلى ميادين إعدام: واشنطن تقود المجازر ف ...
- إما وقف العدوان أو استمرار الإبادة: غزة في مواجهة فخ المساوم ...
- صرخة من تحت الركام بعد أكثر من 600 يوم من حرب الإبادة في غزة
- يوم من حرب الإبادة في غزة... وصمة في جبين الإنسانية والعدالة ...
- بأوامر عليا: إسرائيل تحوّل الفلسطينيين إلى أدوات موت في مياد ...
- «ركيفت».. الجريمة المستترة تحت الأرض
- المقاطعة تتقدّم... وإسرائيل تُعزل في عقر دار داعميها
- من التهجير إلى الوصاية: المشروع الاستعماري يُستكمل في غزة
- الصحافة تحت النار: حين تصبح الكاميرا شاهدة على الرحيل الأخير
- التهجير تحت نار الحرب: -ليس مجرد قصف... بل اقتلاع للإنسان-
- غزة تنادي في اليوم العالمي لحرية الصحافة: أوقفوا إبادة الصحف ...
- الفوضى في زمن الإبادة: كيف نحمي ما تبقى من غزة؟


المزيد.....




- وتيرة غير مسبوقة.. إسرائيل خطّطت لبناء 28 ألف وحدة استيطانية ...
- -جاسوس- .. خبراء يكتشفون ثغرات أمنية في ساعة ذكية للأطفال
- كأس الأمم الأفريقية: ساحل العاج تفوز بصدارة المجموعة السادسة ...
- روبوتات وحصار شامل.. هكذا تستعد بكين لغزو تايوان
- مقتل عنصر أمن وإصابة آخرين في تفجير وسط حلب
- 243 مستوطنا يقتحمون الأقصى وإبعاد أسير محرر عنه
- أسامة حمدان: إسرائيل تخطط لتهجير الفلسطينيين إلى أرض الصومال ...
- فنلندا تحتجز سفينة قادمة من روسيا للاشتباه بتخريب كابل اتصال ...
- وزير الدفاع التركي: لن نسمح لقسد بفرض أمر واقع بالمنطقة
- الجيش السوداني والدعم السريع يعلنان السيطرة على مناطق بشمال ...


المزيد.....

- ألمانيا..الحياة والمجهول / ملهم الملائكة
- كتاب : العولمة وآثارها على الوضع الدولي والعربي / غازي الصوراني
- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وسام فتحي زغبر - من يصنع المنجّمين في زمن الذكاء الاصطناعي؟ الإعلام بين تجارة الخوف واغتيال العقل