أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وسام فتحي زغبر - حرب الإبادة بالعطش: الماء كسلاح تطهير جماعي في غزة














المزيد.....

حرب الإبادة بالعطش: الماء كسلاح تطهير جماعي في غزة


وسام فتحي زغبر

الحوار المتمدن-العدد: 8375 - 2025 / 6 / 16 - 18:43
المحور: حقوق الانسان
    


✍️ وسام زغبر
عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين

في غزة، لم تعد القذائف وحدها تقتل. هناك سلاح أشد بطئًا لكنه أكثر بشاعة: التعطيش. في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أكتوبر 2023، لم يتحوّل الماء إلى رفاهية فحسب، بل إلى أداة إبادة جماعية تمارس بدم بارد.

فالماء، هذا الحق الطبيعي الأول، جرى تحويله إلى سلاح عقاب جماعي يستهدف الحياة من جذورها. ووفقًا لما أعلنته سلطة المياه وجودة البيئة، فإن أكثر من 90% من البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في غزة قد دُمّرت بالكامل. الآبار نُسفت، الأنابيب فُجّرت، والمياه العادمة أصبحت مشهدًا مألوفًا في الشوارع وبين المنازل، بينما يُجبر الأهالي على الشرب من مياه مالحة أو ملوثة، في ظل انهيار كلي لشبكات المعالجة.

نصيب الفرد من المياه انخفض من 120 لترًا يوميًا إلى أقل من 10 لترات. ليس هذا انخفاضًا طبيعيًا ناتجًا عن أزمة عابرة، بل نتيجة استراتيجية ممنهجة لتجفيف الحياة. ومع هذا التدهور، تنتشر الأوبئة والأمراض الجلدية والهضمية، ويُدفع الأطفال والنساء والنازحون إلى حافة الهلاك.

لكن المأساة لا تتوقف عند العطش. بلدية غزة، عبر تحذير رسمي، كشفت أن نقص الوقود حال دون تشغيل معظم الآبار، بينما يتزايد الطلب مع النزوح الجماعي وارتفاع درجات الحرارة. وهذا يعني شيئًا واحدًا: أزمة مياه حادّة مرشحة للتفاقم إلى مستوى "عطش جماعي" شامل، ما لم يتم كسر هذا الحصار الخانق فورًا.

في هذه الظروف، تتحول غزة إلى بؤرة لكارثة بيئية وصحية. المياه ملوثة، الصرف الصحي منهار، النفايات تملأ الأزقة، والرائحة الكريهة تغلف الحياة اليومية. إنها قنبلة وبائية موقوتة في مدينة محاصرة بموتٍ بطيء وصامت.

في المقابل، تُصدر المؤسسات المحلية والدولية بيانات ونداءات استغاثة تطالب بفتح ممرات إنسانية لإدخال المياه وأدوات التنقية والوقود. لكن الاحتلال يواصل خنق غزة، ويُمعن في سياسة "القتل بالتقنين"، بينما يقف المجتمع الدولي موقف المتفرّج، وكأن الموت البطيء ليس جريمة طالما لا يُبثّ على الهواء مباشرة.

أما المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فاختار تسمية الأشياء بمسمياتها. في بيان غاضب، أكد أن ما يجري هو جريمة حرب ترتقي إلى الإبادة الجماعية باستخدام سلاح التعطيش، وهو انتهاك فجّ للقانون الدولي الإنساني ولقرارات محكمة العدل الدولية. أكثر من مليوني إنسان لا يحصلون على أكثر من 5 لترات يوميًا، ما يعني أن كل ساعة تأخير تُقربهم من الهاوية.

هؤلاء ليسوا أرقامًا، بل بشر: أطفال، مرضى، كبار سن، نساء حوامل، نازحون ينامون في العراء ويشربون من المستنقعات. العطش في غزة لم يعد نتيجة حرب، بل صار شكلاً من أشكال الحرب ذاتها.

ما يحدث في غزة ليس مجرد مأساة إنسانية، بل وصمة عار أخلاقية على جبين العالم. كل دقيقة صمت هي شراكة في الجريمة. كل تردد في كسر الحصار هو تواطؤ معلن. فحين يتحول الماء إلى أداة قمع، تصبح المقاومة حقًا، والصمت خيانة.

الاحتلال يستخدم الماء كرصاصة بطيئة تخترق الحياة، بينما العالم يوزع البيانات على الورق. ولكن غزة – رغم العطش – لا تستسلم. تحتاج إلى وقود، نعم، وماء، نعم، لكنها قبل كل شيء تحتاج إلى عدالة وقرار سياسي جريء يضع حدًا لحرب الإبادة.

غزة لا تموت فقط من العطش... بل من الخذلان الدولي المتواصل.

غزة لا تحتاج إلى الشفقة… بل إلى إرادة توقف الجريمة. الآن.



#وسام_فتحي_زغبر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «أبو شباب»: خنجر الاحتلال المسموم في خاصرة غزة
- «مادلين».. سفينة الحرية التي كسرت حاجز الصمت وفضحت قرصنة الا ...
- مراكز الإغاثة تتحوّل إلى ميادين إعدام: واشنطن تقود المجازر ف ...
- إما وقف العدوان أو استمرار الإبادة: غزة في مواجهة فخ المساوم ...
- صرخة من تحت الركام بعد أكثر من 600 يوم من حرب الإبادة في غزة
- يوم من حرب الإبادة في غزة... وصمة في جبين الإنسانية والعدالة ...
- بأوامر عليا: إسرائيل تحوّل الفلسطينيين إلى أدوات موت في مياد ...
- «ركيفت».. الجريمة المستترة تحت الأرض
- المقاطعة تتقدّم... وإسرائيل تُعزل في عقر دار داعميها
- من التهجير إلى الوصاية: المشروع الاستعماري يُستكمل في غزة
- الصحافة تحت النار: حين تصبح الكاميرا شاهدة على الرحيل الأخير
- التهجير تحت نار الحرب: -ليس مجرد قصف... بل اقتلاع للإنسان-
- غزة تنادي في اليوم العالمي لحرية الصحافة: أوقفوا إبادة الصحف ...
- الفوضى في زمن الإبادة: كيف نحمي ما تبقى من غزة؟
- القاتل الصامت: كيف حوّلت إسرائيل الذكاء الاصطناعي إلى سلاح ف ...
- حين تتحول السجون إلى مقابر للأحياء: معتقلو غزة بين وحشية الا ...
- حسام أبو صفية.. طبيب فلسطيني هز أركان «كيان إسرائيل»
- الاختفاء القسري والتنكيل بالأسرى الفلسطينيين جرائم حرب
- مجرمو الإبادة في غزة دون عقاب
- ما بين حرب أكتوبر ومسار التطبيع.. المطلوب فلسطينياً؟


المزيد.....




- اعتقال جاسوس من الجنسية الأوربية في محافظة همدان
- الأمم المتحدة: بعض هجمات -إسرائيل- على إيران انتهكت القانون ...
- اعتقال 3 إسرائيليين رفضوا إدخال آخرين للملاجئ أثناء صفارات ا ...
- نتنياهو: إعادة الأسرى من غزة ستستغرق وقتا إضافيا
- فيديو متداول لـ-اعتقال جواسيس- في طهران.. هذه حقيقته
- شرطة الاحتلال والشاباك: اعتقال شاب في تل أبيب بتهمة التجسس ل ...
- 4 شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال خيام النازحين في مواصي خان ...
- الأمم المتحدة: الظروف في قطاع غزة -تم إنشاؤها للقتل-
- -هيئة الأسرى-: 500 أسيرة/ة حُرموا من زيارة المحامين ونُحمّل ...
- نداء عاجل: حياة أطفال قطاع غزة في خطر بسبب حرمانهم من الحليب ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وسام فتحي زغبر - حرب الإبادة بالعطش: الماء كسلاح تطهير جماعي في غزة