وسام فتحي زغبر
الحوار المتمدن-العدد: 8358 - 2025 / 5 / 30 - 21:16
المحور:
القضية الفلسطينية
بقلم: وسام زغبر
عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
في ظل المراوغة المكشوفة التي تمارسها الإدارة الأميركية عبر ما يُسمى بالمفاوضات غير المباشرة، بات واضحاً أن واشنطن لا تسعى لوقف العدوان، بل لتجميله مؤقتاً بما يضمن استمرار المشروع الصهيوني في تدمير غزة وقتل أهلها. هذه ليست وساطة، بل مشاركة فعلية في الجريمة، عنوانها التغطية السياسية الكاملة على آلة الحرب الإسرائيلية التي ما زالت تحصد الأرواح بدمٍ بارد.
وإذ نؤكد ثقتنا بأن الإخوة في قيادة حركة حماس يدركون حجم المؤامرة وتعقيد اللحظة، فإننا نناشدهم – لا مجاملة بل من قلب النار – بضرورة التعامل مع هذه الورقة المسمومة بوعي استثنائي، ومضاعفة الجهود مع الإخوة الوسطاء العرب لانتزاع اتفاق على وقف إطلاق نار فوري، حتى لو كان مؤقتاً لمدة 60 يوماً، يفتح المجال لتحرك فلسطيني وإقليمي ودولي يُربك المشروع الإسرائيلي ويكسر حلقة الإبادة المفتوحة.
لكن لنعترف بوضوح: الفشل في بلوغ اتفاق على وقف العدوان سيمنح نتنياهو الفرصة الذهبية التي ينتظرها على أحر من الجمر، ليطلق العنان لعملية "عربات جدعون" على قطاع غزة دون هوادة، في استثمار خبيث لـ"كلمة لا" الفلسطينية التي يحاول جرّنا إليها، حتى يلبس رداء الضحية ويتابع حرب الإبادة من دون حرج دولي.
الورقة الأميركية، المعروفة بورقة ويتكوف، ما هي إلا إملاء إسرائيلي مكرّر، تحدد مواعيد الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين بينما تغض الطرف تماماً عن المجازر اليومية، ولا تحتوي على أي ضمانة أميركية لوقف الحرب، بل تفتح المجال أمام استئناف العدوان بذريعة جديدة. من يتوهم أن الولايات المتحدة قادرة أو راغبة في وقف شلال الدم الفلسطيني، لم يتعلم شيئاً من دروس أوسلو ولا من عقود التبعية السياسية التي ما جلبت سوى الخسائر.
نقولها بصراحة: الموافقة على الاتفاق بصيغته المطروحة انتحار سياسي، أما رفضه دون بديل، فمعناه إعطاء الضوء الأخضر للمجزرة القادمة. خياران لا يسرّان صديقاً، ولا يحفظان كرامة، لكن الصمت أو التردد جريمة أكبر.
وما يزيد خطورة اللحظة، أن الرهان على الوقت صار عبثاً مدمراً. الوقت لم يعد محايداً، بل أضحى سيفاً بيد الاحتلال، يقطّع أوصال غزة ويزيد مآسي شعبها. إسرائيل تتعامل مع 2.2 مليون إنسان كرهائن، والعالم يتواطأ بالصمت أو يشارك بالذخيرة.
لقد آن الأوان لكسر الحلقة المفرغة. إننا أمام استحقاق وطني لا يحتمل التأجيل أو المجاملة. إن لم نتمكن من بناء صيغة فلسطينية موحدة تمثل الكل الوطني في إدارة المفاوضات، فعلينا على الأقل ألا نكون أداة في تبرير الانقسام أو استمرار الإبادة.
الصمود العظيم لأبناء شعبنا يجب أن يُترجم إلى مواقف سياسية بحجم التضحيات. وقف العدوان لا يُنجز بالتمنيات، بل بقرار وطني موحّد لا يساوم على الدم ولا يستسلم للابتزاز.
https://t.me/wisamzoghbr
#وسام_فتحي_زغبر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟