وسام فتحي زغبر
الحوار المتمدن-العدد: 8338 - 2025 / 5 / 10 - 22:25
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
في مشهد يبعث الأمل ويعيد الاعتبار لقوة الشعوب أمام صمت الأنظمة، تتصاعد في العواصم الأوروبية موجات تضامن جماهيري هادرة، رافعةً راية الحرية للشعب الفلسطيني، ومؤكدةً أن معركة عزل الاحتلال الإسرائيلي لم تعد محصورة بين جدران المؤسسات، بل باتت عنواناً رئيسياً في شوارع أوسلو ومدريد ودبلن وغيرها من العواصم.
هذه الانتفاضة الشعبية العالمية، التي تأخذ شكل تظاهرات مليونية وقرارات مؤسساتية ونقابية داعمة لحركة المقاطعة (BDS)، تعبّر عن تحول نوعي في المزاج الأوروبي. فقد خرج عشرات الآلاف في العاصمة النرويجية أوسلو في ذكرى نكبة فلسطين الـ77، استجابة لدعوة أكثر من 80 مؤسسة وحزباً ومنظمة شبابية، مطالبين بوقف حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة، ومعلنين بصوت عالٍ دعمهم الكامل لمقاطعة دولة الاحتلال.
لا شك أن هذه الفعالية جاءت تتويجاً لموقف نرويجي بالغ الأهمية، تمثل في تصويت الأغلبية في اتحاد النقابات العمالية على توصية تاريخية تدعو لمقاطعة "إسرائيل" إن لم تنهِ احتلالها قبل سبتمبر القادم. إنه موقف يعكس عمق التحول الشعبي والمؤسساتي في أوروبا، ويمنح حركة المقاطعة دفعة استراتيجية في معركتها ضد الاحتلال.
أما في مدريد، فقد تحوّلت العاصمة الإسبانية إلى ساحة غضب شعبي، اجتاحها أكثر من مئة ألف متظاهر من مختلف المدن والمقاطعات، رافعين شعار "أوقفوا العدوان، قاطعوا إسرائيل". هذا الطوفان الشعبي، المنظم من قبل أحزاب ونقابات ومؤسسات داعمة لفلسطين، لم يكتف بالمطالبة بوقف العدوان، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، مطالباً بفرض عقوبات وقطع العلاقات مع "إسرائيل"، في مشهد يؤكد أن الشعوب الأوروبية لم تعد تصمت على جرائم الاحتلال، بل تسعى بجدية لمحاسبته ومقاطعته.
وفي إيرلندا، التي طالما عُرفت بتعاطفها مع نضال الشعوب المستعمَرة، لم تتأخر دبلن عن المشهد، إذ تصاعدت فيها الأصوات الشعبية والنقابية الرافضة للتطبيع، والداعية إلى فرض إجراءات حقيقية لعزل الاحتلال، سياسياً واقتصادياً. هذا التفاعل الإيرلندي العميق، بما يحمله من رمزية تاريخية، يؤكد أن نضال الفلسطينيين يلقى صدىً لدى شعوب خَبِرت الاستعمار وقاومته.
ما يجمع بين هذه العواصم هو إيمانها بعدالة القضية الفلسطينية، ورفضها للمجازر المستمرة بحق أهل غزة، ووعيها المتزايد بأن بقاء الاحتلال دون محاسبة، هو وصمة في جبين الإنسانية جمعاء. هذا التحول الجماهيري يُلزم القيادة الفلسطينية بمضاعفة الجهد على صعيد توحيد الصف الوطني، واستثمار هذا المد التضامني في تعزيز حملات الضغط والمقاطعة.
خلاصة القول: إن الجماهير الأوروبية تكتب اليوم فصلاً جديداً في تاريخ التضامن مع فلسطين. من أوسلو إلى مدريد، ومن دبلن إلى باقي عواصم العالم، تتشكل جبهة عالمية لعزل الاحتلال ومقاطعته، وعلى القوى الفلسطينية أن تكون بمستوى هذا الطوفان، وتعمل على تحويله إلى طاقة نضالية متواصلة، حتى نيل الحقوق الوطنية كاملة: بالحرية، والعودة، وتقرير المصير.
#وسام_فتحي_زغبر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟