أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - وسام فتحي زغبر - غزة بين مخلفات حرب الإبادة وصمت العالم














المزيد.....

غزة بين مخلفات حرب الإبادة وصمت العالم


وسام فتحي زغبر

الحوار المتمدن-العدد: 8564 - 2025 / 12 / 22 - 00:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


صحفي من شمال غزة| عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين

في قطاع غزة، لا تنتهي الحرب بانتهاء القصف، ولا يُطوى فصل الموت مع صمت الطائرات. فبعد كل عدوان، تترك إسرائيل وراءها إرثًا أكثر خبثًا وأطول عمرًا: الذخائر غير المنفجرة، والمباني المدمَّرة جزئيًا، والبنية التحتية الهشّة التي تتحول مع الوقت إلى أدوات قتل صامتة. هنا، يصبح المشي فعل مخاطرة، والعيش اليومي مواجهة مفتوحة مع آثار حرب إبادة لم تتوقف فعليًا، بل غيّرت شكلها.
الذخائر غير المنفجرة، المنتشرة في الشوارع وتحت الأنقاض، ليست «مخلفات حرب» بالمعنى التقني البارد، بل قنابل موقوتة تواصل حصد الأرواح، خصوصًا بين الأطفال. إلى جانب ذلك، تشكّل المنازل المتصدعة خطرًا لا يقل فتكًا. فمنذ مطلع الشهر الجاري، توفي 20 مواطنًا في قطاع غزة جراء انهيار 22 منزلًا، في مشهد يلخص كيف يتحول الركام إلى قاتل متربص، وكيف تصبح البيوت، التي يُفترض أن تكون ملاذًا آمنًا، مصائد موت جماعي.
في غزة، لا يحتاج الموت إلى طائرات أو صواريخ؛ يكفي جدار متآكل، أو سقف مهدد بالسقوط، أو ذخيرة مدفونة تحت التراب، لتقع الفاجعة. إنها جريمة مستمرة، تطيل زمن الإبادة، وتحوّل ما يُسمّى «ما بعد الحرب» إلى مرحلة أكثر قسوة، لأن الخطر فيها غير مرئي، لكنه دائم الحضور.
في هذا السياق، تبرز مسؤولية المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها الصليب الأحمر ومكتب دائرة الأمم المتحدة المعنية بالأعمال المتعلقة بالمخلفات والذخائر. فحين يخيّم الصمت على مواقف هذه الجهات، يصبح هذا الصمت أقرب إلى التواطؤ منه إلى الحياد. اتفاقيات جنيف وملحقاتها واضحة: حماية المدنيين بعد النزاعات، وإزالة الأخطار المتبقية، واجب قانوني وأخلاقي لا يقبل التأجيل. تجاهل غزة ليس تقصيرًا إداريًا، بل خرقًا فاضحًا للقانون الدولي، وإهانة لمبادئ الإنسانية التي تُرفع كشعارات في المحافل الدولية.
ولا تتوقف المسؤولية عند حدود المنظمات الأممية. فالأطراف الضامنة لخطة وقف الحرب، والموقعة على «إعلان شرم الشيخ»، والدول الثماني العربية–الإسلامية، مطالَبة اليوم بتحمّل دورها الكامل. الضغط الجدي على إسرائيل للسماح بإدخال المعدات والخبرات اللازمة لإزالة الذخائر غير المنفجرة، وتقييم سلامة المباني، ودعم جهود الإيواء والترميم، ليس خيارًا سياسيًا، بل واجبًا أخلاقيًا وقانونيًا. كل تأخير يعني مزيدًا من الضحايا، ومزيدًا من فقدان الثقة في نظام دولي يثبت عجزه أو انحيازه.
وفي ظل هذا الواقع القاتم، تتعالى نداءات فرق السلامة والدفاع المدني، مناشِدةً سكان المباني غير الصالحة للسكن إخلاءها فورًا، والالتزام بالتعليمات الصادرة عنها، تفاديًا لمآسٍ جديدة. غير أن هذه المناشدات، على أهميتها، تبقى محدودة الأثر ما لم تُرفق بحلول حقيقية، تضمن بدائل سكنية آمنة، وتمنع تحوّل الفقر والحصار إلى عامل إضافي يدفع الناس للمخاطرة بحياتهم.
غزة اليوم لا تحتاج إلى بيانات إدانة ولا إلى خطابات تضامن موسمية، بل إلى فعل ملموس يزيل الموت من تحت أقدام أهلها. إن ترك المدنيين يواجهون مخلفات حرب الإبادة الإسرائيلية، من ذخائر قاتلة ومنازل آيلة للسقوط، بلا حماية حقيقية، هو جريمة مضاعفة، يتحمل وزرها كل من يملك القدرة على التدخل ويختار الصمت. ففي غزة، الصمت ليس حيادًا، بل شريكًا خفيًا في استمرار المأساة.



#وسام_فتحي_زغبر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القرار 2803… بين الحماية والوصاية: سباق فلسطيني لتحديد المسا ...
- السوق السوداء في غزة: حين يصبح البقاء سلعةً في زمن الإبادة
- غزة بعد وقف النار – اختبار جديد للإرادة الفلسطينية والمجتمع ...
- في الذكرى الثانية لحرب الإبادة في غزة: حين يصبح البقاء فعل م ...
- حرب الإبادة بالعطش: الماء كسلاح تطهير جماعي في غزة
- «أبو شباب»: خنجر الاحتلال المسموم في خاصرة غزة
- «مادلين».. سفينة الحرية التي كسرت حاجز الصمت وفضحت قرصنة الا ...
- مراكز الإغاثة تتحوّل إلى ميادين إعدام: واشنطن تقود المجازر ف ...
- إما وقف العدوان أو استمرار الإبادة: غزة في مواجهة فخ المساوم ...
- صرخة من تحت الركام بعد أكثر من 600 يوم من حرب الإبادة في غزة
- يوم من حرب الإبادة في غزة... وصمة في جبين الإنسانية والعدالة ...
- بأوامر عليا: إسرائيل تحوّل الفلسطينيين إلى أدوات موت في مياد ...
- «ركيفت».. الجريمة المستترة تحت الأرض
- المقاطعة تتقدّم... وإسرائيل تُعزل في عقر دار داعميها
- من التهجير إلى الوصاية: المشروع الاستعماري يُستكمل في غزة
- الصحافة تحت النار: حين تصبح الكاميرا شاهدة على الرحيل الأخير
- التهجير تحت نار الحرب: -ليس مجرد قصف... بل اقتلاع للإنسان-
- غزة تنادي في اليوم العالمي لحرية الصحافة: أوقفوا إبادة الصحف ...
- الفوضى في زمن الإبادة: كيف نحمي ما تبقى من غزة؟
- القاتل الصامت: كيف حوّلت إسرائيل الذكاء الاصطناعي إلى سلاح ف ...


المزيد.....




- بيونسيه وكيتي بيري.. نجوم ومشاهير أمريكيون واجهوا لحظات حرجة ...
- بيان من الجيش المصري بشأن ما أثارته وثائق منسوبة له حول منح ...
- تفاؤل في ميامي .. تقييمات إيجابية لمحادثات السلام بشأن أوكرا ...
-  *”في خندق جمهوريّة فنزويلا البوليفاريّة في مواجهة العدوان ا ...
- نيجيريا: السلطات تعلن تحرير 130 تلميذا اختطفهم مسلحون من مدر ...
- السودان: مقتل 10 أشخاص بضربة طائرة مسيرة استهدفت سوقا مزدحمة ...
- الناشر المصري إبراهيم المعلّم: مؤسسات عربية تحتفي بالمزورين ...
- السودان.. نزوح أكثر من 107 آلاف شخص من الفاشر
- 3 سيناريوهات وراء إعلان الاحتلال إنهاء -التمشيط- خلف الخط ال ...
- العليمي يحذر مسؤولين يمنيين من استغلال المناصب لمكاسب سياسية ...


المزيد.....

- قراءة في وثائق وقف الحرب في قطاع غزة / معتصم حمادة
- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - وسام فتحي زغبر - غزة بين مخلفات حرب الإبادة وصمت العالم