عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8573 - 2025 / 12 / 31 - 16:38
المحور:
قضايا ثقافية
ظاهرة تتكرر في نهاية كل عام، تشير إلى ضبابية كثيفة تنيخ بكلكلها في الأذهان على جدلية العلاقة بين الإنسان والزمن. فهذا الأخير ليس مسؤولاً عن إخفاقات أحد لكي يلعنه، ولا علاقة له بشقاء الإنسان حتى يوجه إليه سهام غضبه. ولا ذنب للعام الذي يتهيأ للرحيل كي نصب جام غضبنا عليه، ونستبق القادم بالتضرعات والتمنيات بأن يكون أفضل من سابقه. الزمن لا يصنع السعادة وليس مسؤولاً عن التعاسة، ولا شأن له بالتقدم والنجاح أو التخلف والإخفاق. المسؤول عن هذه كلها، هو الإنسان الفاعل في الزمن والمنفعل فيه والمتحرك في المكان والمتمكن فيه. الزمن هو سجل مسيرة الإنسان، وأداته لتوثيق حركته في التاريخ وعلى مسرح الجغرافيا في اليوم والشهر والعام. فلا معنى للزمن من دون الإنسان، ولا وجود للإنسان من دون تفكير وبلا فكر. وعليه، فالإنسان هو الذي يملأ الزمن ويشغل المكان بالتقدم أو عكسه وبالسعادة أو نقيضها. من هنا نفهم لماذا قسَّمَ الإنسان الزمن إلى ماض وحاضر ومستقبل. وعلى هذا الأساس تتحدد المعاني الكامنة في معادلة "الشمس تشرق كل يوم" وما يشاكلها ويحاكيها. وكلها تصب في مجرى الحقيقة الناصعة، ومفادها أن التغيير هو الثابت الوحيد في الحياة. فهذه الأخيرة، لا تتوقف عن الحركة إلى الأمام والإتيان بالجديد المستجد في كل زمان وأوان. والحياة هي الإنسان، الذي لا حياة من دونه. إذن، الإنسان هو الزمن ولا معنى للزمن من دون الإنسان. الإنسان، هو الذي حدد ماهية الزمن. فقد كان العلماء قبل إينشتاين يعتقدون أن الزمن ثابت، أما بعد ظهور النظرية النسبية فقد انقلبت مفاهيم الفيزياء لجهة تحول الزمن من الثابت إلى نسبي تتأثر مدته بسرعة الكُتلة. وفق النظرية النسبية، أصبح الزمن بُعداً رابعاً للكون بالإضافة إلى الطول والعرض والإرتفاع. والأهم، ربط الزمن بالتغيير إذا توقف الأول يتوقف الثاني. لكن التغيير لا يحدث من تلقاء ذاته، بل يصنعه الإنسان الذي يشكل مع الزمن وحدة الوجود.
أيها الإنسان، لا تسب الزمن وتحمله مسؤولية هفواتك وسقطاتك وأخطائك وخطاياك. تأمل العام الذي يستعد للإنقضاء واستعرض حركتك خلاله، فأنت المتحرك الفاعل خلال الثواني والدقائق والساعات والأيام والشهور والأعوام. أنت لونتها بلون حركتك، أنت المسؤول عن الأبيض خلالها وعن نقيضه الأسود. غَيِّر نفسك في الإتجاهات الإيجابية وطَوِّر أنماط تفكيرك، سيحالفك الزمن وستسعدك الأعوام.
وداعاً عام 2025 ، وكل عام ونحن جميعاً والإنسانية بخير.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟