أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد الزركاني - صراع الصحراء: النفط وحدود القرار في الخليج















المزيد.....

صراع الصحراء: النفط وحدود القرار في الخليج


نهاد الزركاني

الحوار المتمدن-العدد: 8573 - 2025 / 12 / 31 - 10:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صراع الصحراء: النفط وحدود القرار في الخليج وانعكاسه على اليمن
بقلم نهاد الزركاني
غالبًا ما يُقدَّم الصراع في اليمن ضمن ثنائيات تقليدية، مثل الشرعية والانقلاب! ، أو الصراع الإقليمي بين قوى متنافسة؟. غير أن هذا التوصيف، نضع عليه علامة استفهام ، لا يكفي لفهم تعقيد المشهد ما لم يُقرأ في سياق أعمق، يتعلق ببنية القرار في دول الخليج نفسها، وطبيعة تشكّلها السياسي، وحدود حركتها في النظام الدولي.
فدول الخليج، بوصفها كيانات سياسية حديثة، لم تنشأ نتيجة تطور (اجتماعي ....سياسي) داخلي طويل، كما هو حال كثير من الدول، بل تشكّلت فوق بيئة صحراوية تقليدية، جرى تثبيتها سياسيًا خلال الحقبة الاستعمارية البريطانية، ثم أُعيد دمجها لاحقًا في إطار النفوذ الأمريكي. ومن هنا، لا تُفهم الصحراء بوصفها جغرافيا فقط، بل بوصفها بنية تاريخية أثّرت في نمط الحكم وآليات اتخاذ القرار.
شهدت هذه الدول تحولات اقتصادية وعمرانية كبرى، غير أن هذا التطور سبق، في جوانب عديدة، تشكّل وعي سياسي مؤسسي متكامل. فالدولة سبقت المجتمع، والعمران سبق الإنسان، والاقتصاد الريعي سبق بناء العقد الاجتماعي. وقد أفرز ذلك نموذجًا سياسيًا يعتمد على الريع أكثر من اعتماده على المشاركة، وعلى الأمن أكثر من اعتماده على السياسة.
في هذا السياق، تبرز حقيقة مفادها أن القيمة المحورية لدول الخليج في النظام الدولي ترتبط بموقعها النفطي. فالنفط لا يمثل موردًا اقتصاديًا فحسب، بل عنصرًا محددًا لطبيعة العلاقات الدولية، ومصدرًا للحماية الخارجية، وأحد العوامل التي ترسم سقف القرار السياسي. وبهذا المعنى، يصبح القرار السيادي محكومًا باعتبارات الاستقرار الطاقوي العالمي، لا باعتبارات الاستقلال السياسي الكامل.
هذا الواقع لا يعني غياب الإرادة الوطنية أو انعدام هامش الحركة، لكنه يضع هذا الهامش ضمن إطار وظيفي واضح، يحدّ من القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية كبرى أو حسم صراعات إقليمية بصورة نهائية، خصوصًا حين يكون الحسم مدخلًا لظهور دول قوية أو قرارات مستقلة خارج التوازنات المرسومة.
وعند إسقاط هذا الإطار على الحالة اليمنية، يمكن فهم التباين في مواقف السعودية والإمارات بوصفه اختلافًا في إدارة الأدوار داخل فضاء جغرافي واحد. فالسعودية تنظر إلى اليمن، ولا سيما مناطقه الصحراوية، من زاوية الأمن والعمق الحدودي وضبط الاستقرار، فيما تركز الإمارات على الأبعاد البحرية واللوجستية والممرات الاستراتيجية. هذا التباين لا يعكس بالضرورة صراعًا سياديًا مباشرًا، بقدر ما يعكس اختلافًا في الأولويات ضمن منظومة إقليمية واحدة.
وبناءً على ذلك، يتحول اليمن إلى ساحة إدارة أزمة أكثر منه ساحة حل نهائي. فالحسم الشامل قد يفضي إلى قيام دولة يمنية قوية ذات قرار مستقل، وهو سيناريو يتقاطع مع حسابات إقليمية ودولية أوسع. ونتيجة لذلك، تُدار الجغرافيا وتُضبط التوازنات، فيما يبقى بناء الدولة والإنسان مؤجلًا.
إن ما يمكن تسميته بـ((صراع الصحراء)) لا يتمثل في تنازع جغرافي مباشر، بل في تفاعل بنيوي بين الجغرافيا الريعية، والاقتصاد النفطي، وحدود القرار السياسي في دول الخليج، وانعكاس ذلك على الأزمات الإقليمية، وفي مقدمتها اليمن. وفي ظل بقاء النفط عنصرًا مركزيًا في معادلة القرار، ستظل الصراعات تُدار ضمن هوامش محددة، دون انتقال حقيقي إلى منطق الحلول الجذرية وبناء الدول المستقرة.
بقلم نهاد الزركاني
غالبًا ما يُقدَّم الصراع في اليمن ضمن ثنائيات تقليدية، مثل الشرعية والانقلاب! ، أو الصراع الإقليمي بين قوى متنافسة؟. غير أن هذا التوصيف، نضع عليه علامة استفهام ، لا يكفي لفهم تعقيد المشهد ما لم يُقرأ في سياق أعمق، يتعلق ببنية القرار في دول الخليج نفسها، وطبيعة تشكّلها السياسي، وحدود حركتها في النظام الدولي.
فدول الخليج، بوصفها كيانات سياسية حديثة، لم تنشأ نتيجة تطور (اجتماعي ....سياسي) داخلي طويل، كما هو حال كثير من الدول، بل تشكّلت فوق بيئة صحراوية تقليدية، جرى تثبيتها سياسيًا خلال الحقبة الاستعمارية البريطانية، ثم أُعيد دمجها لاحقًا في إطار النفوذ الأمريكي. ومن هنا، لا تُفهم الصحراء بوصفها جغرافيا فقط، بل بوصفها بنية تاريخية أثّرت في نمط الحكم وآليات اتخاذ القرار.
شهدت هذه الدول تحولات اقتصادية وعمرانية كبرى، غير أن هذا التطور سبق، في جوانب عديدة، تشكّل وعي سياسي مؤسسي متكامل. فالدولة سبقت المجتمع، والعمران سبق الإنسان، والاقتصاد الريعي سبق بناء العقد الاجتماعي. وقد أفرز ذلك نموذجًا سياسيًا يعتمد على الريع أكثر من اعتماده على المشاركة، وعلى الأمن أكثر من اعتماده على السياسة.
في هذا السياق، تبرز حقيقة مفادها أن القيمة المحورية لدول الخليج في النظام الدولي ترتبط بموقعها النفطي. فالنفط لا يمثل موردًا اقتصاديًا فحسب، بل عنصرًا محددًا لطبيعة العلاقات الدولية، ومصدرًا للحماية الخارجية، وأحد العوامل التي ترسم سقف القرار السياسي. وبهذا المعنى، يصبح القرار السيادي محكومًا باعتبارات الاستقرار الطاقوي العالمي، لا باعتبارات الاستقلال السياسي الكامل.
هذا الواقع لا يعني غياب الإرادة الوطنية أو انعدام هامش الحركة، لكنه يضع هذا الهامش ضمن إطار وظيفي واضح، يحدّ من القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية كبرى أو حسم صراعات إقليمية بصورة نهائية، خصوصًا حين يكون الحسم مدخلًا لظهور دول قوية أو قرارات مستقلة خارج التوازنات المرسومة.
وعند إسقاط هذا الإطار على الحالة اليمنية، يمكن فهم التباين في مواقف السعودية والإمارات بوصفه اختلافًا في إدارة الأدوار داخل فضاء جغرافي واحد. فالسعودية تنظر إلى اليمن، ولا سيما مناطقه الصحراوية، من زاوية الأمن والعمق الحدودي وضبط الاستقرار، فيما تركز الإمارات على الأبعاد البحرية واللوجستية والممرات الاستراتيجية. هذا التباين لا يعكس بالضرورة صراعًا سياديًا مباشرًا، بقدر ما يعكس اختلافًا في الأولويات ضمن منظومة إقليمية واحدة.
وبناءً على ذلك، يتحول اليمن إلى ساحة إدارة أزمة أكثر منه ساحة حل نهائي. فالحسم الشامل قد يفضي إلى قيام دولة يمنية قوية ذات قرار مستقل، وهو سيناريو يتقاطع مع حسابات إقليمية ودولية أوسع. ونتيجة لذلك، تُدار الجغرافيا وتُضبط التوازنات، فيما يبقى بناء الدولة والإنسان مؤجلًا.
إن ما يمكن تسميته بـ((صراع الصحراء)) لا يتمثل في تنازع جغرافي مباشر، بل في تفاعل بنيوي بين الجغرافيا الريعية، والاقتصاد النفطي، وحدود القرار السياسي في دول الخليج، وانعكاس ذلك على الأزمات الإقليمية، وفي مقدمتها اليمن. وفي ظل بقاء النفط عنصرًا مركزيًا في معادلة القرار، ستظل الصراعات تُدار ضمن هوامش محددة، دون انتقال حقيقي إلى منطق الحلول الجذرية وبناء الدول المستقرة.



#نهاد_الزركاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تتحول المعرفة إلى فتنة: قراءة فلسفية في عمى القلوب
- ليست المشكلة في غياب التفسير… بل في حضور الغفلة
- ايام...بدون نت
- حريّة العقل في ... الاحداث العربية
- حياتنا نحن ............ من نصنعها
- يقال الموسيقى لغة الشعوب ؟..... نحن نختلف معهم !
- بهلول زماننا ............؟؟؟
- السياسة العثمانية..... وموقف سوريا
- التناقض السياسي ... لدى المجتمع العراقي
- نجاح المالكي.... قراءة نقدية
- الإسلاميون ...... ونتائج الانتخابات
- أحزاب أسلامية فاقدة للشرعية
- انتخب أو لا انتخب
- شاهد بلا أخلاق ......
- صنمية الفكر.....بجاهلية الحاضر
- العراقيات... الأعلام العربي... وعكس الصورة
- مشكلتنا هي في تربيتنا
- ايجابيات الفساد الإداري والمالي!!!


المزيد.....




- فيديو جديد يثير تساؤلات حول مصير مراهقة أمريكية مفقودة
- ضباب دخاني كثيف و-خطير- يغطي العاصمة الهندية نيودلهي ويعرقل ...
- ناجية وحيدة من تحطم طائرة تروي كيف بقيت على قيد الحياة ثماني ...
- بسبب الأمراض النفسية.. تضاعف عدد أيام الغياب عن العمل في ألم ...
- بيان صادر عن اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية الشعبية
- كأس الأمم الأفريقية: منتخب الجزائر يواجه غينيا الاستوائية بع ...
- مركبات عسكرية مُلّاكها إماراتيون... ما الذي نعرفه عن السفن ا ...
- وساطة عمانية لاحتواء الأزمة بين السعودية والإمارات حول اليمن ...
- اليمن: أزمة حادة بين الجارتين الخليجيتين المنتجتين للنفط الإ ...
- فيديو.. جولة داخل حمام العين بالقدس


المزيد.....

- صفحاتٌ لا تُطوى: أفكار حُرة في السياسة والحياة / محمد حسين النجفي
- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد الزركاني - صراع الصحراء: النفط وحدود القرار في الخليج