أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رمزي عطية مزهر - فلسطين أولا: من أنقاض غزة إلى دولة المؤسسات ومستقبل الإنسان














المزيد.....

فلسطين أولا: من أنقاض غزة إلى دولة المؤسسات ومستقبل الإنسان


رمزي عطية مزهر

الحوار المتمدن-العدد: 8573 - 2025 / 12 / 31 - 04:49
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم تعد غزة مجرد جغرافيا منكوبة أو ساحة حرب متكررة، بل أصبحت مرآة تعكس عمق الأزمة الوطنية الفلسطينية. فبين الركام والدمار، يبرز سؤال أكبر من السياسة اليومية ومن الحسابات الفصائلية: أي وطن نريد، وأي مستقبل نصنع لأطفال غزة بعد الحرب؟ هنا، يصبح الانحياز لفلسطين كقيمة جامعة، لا كعنوان تنظيمي أو أيديولوجي، هو المدخل الوحيد للإنقاذ.

لقد وُلدت الفصائل الفلسطينية في زمن غياب الدولة، وحملت أدوارا تاريخية لا يمكن إنكارها. غير أن الخطر الحقيقي بدأ حين تحولت التنظيمات إلى غايات بحد ذاتها، وحين صار الولاء للفصيل مقدما على الانتماء للوطن. في هذه اللحظة، لم تعد القضية في تنوع البرامج أو اختلاف الرؤى، بل في اختزال فلسطين في إطار حزبي ضيق، وكأن الوطن ملكية سياسية لا هوية جامعة.

غزة اليوم تدفع ثمن هذا الخلل بأقسى صوره. فسباق ما بعد الحرب لا يدور حول من يخدم الناس، بل حول من يملأ الفراغ، ومن يفرض نفوذه تحت عناوين مختلفة. غير أن غزة لا تحتمل دولة تنظيمات، ولا إدارة بالغلبة، بل تحتاج إلى دولة مؤسسات قادرة على حماية الإنسان، وضبط القرار، وتوحيد المرجعية، وتحويل المعاناة إلى مشروع بناء لا إلى وقود صراع داخلي.

إن بناء دولة المؤسسات لا يعني إقصاء أحد، ولا محو التعددية السياسية، بل يعني إخضاع الجميع لقواعد واحدة: قانون واحد، قرار واحد، ومسؤولية وطنية لا تتجزأ. الدولة هنا ليست نقيضا للمقاومة، بل إطارها العقلاني والأخلاقي، وهي الضمانة الوحيدة لعدم تحويل التضحيات إلى عبء دائم على المجتمع، وخصوصا على الأطفال الذين يحتاجون إلى مدرسة لا إلى متراس، وإلى أفق حياة لا إلى خطاب تعبئة.

في هذا السياق، تبرز مسؤولية منظمة التحرير الفلسطينية، بوصفها الإطار الوطني الجامع والممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. فما يصدر عن رام الله اليوم يجب أن يتجاوز لغة إدارة الأزمة إلى بناء رؤية واضحة لليوم التالي للحرب، يكون فيها مستقبل أطفال غزة معيارا للسياسة ومرجعا للقرار. فالطفل الفلسطيني لا تعنيه الأيديولوجيات، ولا الصراعات بين علمانية ودينية، بقدر ما يعنيه أن يعيش آمنا، وأن يتعلم، وأن يحلم بمستقبل داخل وطن يحميه.

فلسطين أكبر من كل الفصائل، وأوسع من كل الأيديولوجيات. لا علمانية ولا دينية، لا يمين ولا يسار، حين يكون السؤال هو بقاء الإنسان وبناء الدولة. الانتماء الحقيقي يجب أن يكون للوطن، لفلسطين كهوية جامعة ومشروع دولة، لا كراية حزبية أو برنامج فئوي. وكل خطاب لا ينطلق من هذه القاعدة، مهما بدا صاخبا، يبتعد عن جوهر القضية.

إن غزة، بما تحمله من جراح، تضع الفلسطينيين أمام لحظة تاريخية فاصلة. إما الانتقال من منطق التنظيم إلى منطق الدولة، ومن إدارة الصراع إلى إدارة الحياة، أو الاستمرار في تدوير المأساة بأدوات جديدة. فلا مستقبل لأطفال غزة في ظل فوضى السلاح، ولا كرامة وطنية دون مؤسسات قوية، ولا تحرير بلا دولة قادرة على الصمود والبناء.

في النهاية، ليست فلسطين شعارا يرفع، بل مسؤولية تُدار. ومن أنقاض غزة، يجب أن يولد مشروع وطني جديد، قوامه دولة المؤسسات لا دولة التنظيمات، والانتماء للوطن لا للفصيل، وفلسطين أولا وأخيرا، لأنها وحدها القادرة على جمع الفلسطينيين وحماية مستقبل أبنائهم.



#رمزي_عطية_مزهر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إدارة مرحلة ما بعد الحرب في غزة: إشكالية الكفاءة القيادية وت ...
- منهج القيادة السياسية: وضوح الرؤية، وحدة القرار، وشجاعة التن ...
- تمجيد التافهين في مجتمعنا: أزمة ثقافية أم واقعة اجتماعية
- إدارة الصراع مسؤولية وطنية… وإدارة الخداع طريق الانكشاف
- ثقافة النقد البناء يا احفاد كنعان:
- ما بين زين العابدين بن الحسين وهشام بن عبد الملك: قراءة فلسف ...
- حساسية المرحلة وواقع إدارة الفوضى: غزة نموذجا
- سقوط الأعمدة… حين ينكشف زيف الألقاب وتُعرّي القيم أصحابها
- لا يمكن للمجد أن يستقر حيث يسكن الجوع – غزة شاهدة
- مصر عالية كأهراماتها
- إدارة الفوضى وقيادة مجلس السلام الأمريكي
- الرجل المناسب في المكان المناسب
- ويل للذين يعلمون من الذين لا يعلمون....
- خطة التهجير على طاولة البيت الأبيض
- مصر وفلسطين ... شراكة الدم والتاريخ والمصير
- إلى كل من يملك القرار...
- حين تنادي مآذن القدس وأجراس الكنائس: كفى حرباً
- نحن شعب نريد السلام… لتحيا الأطفال في فلسطين
- الرؤية الاستراتيجية للقيادة الفلسطينية في زمن الحرب
- {أمريكا والرؤية الاستراتيجية ما بين جون بايدن ودونالد ترامب}


المزيد.....




- حصاد 2025.. نظرة على أبرز الاكتشافات الأثرية في الدول العربي ...
- من الأزقة إلى العالمية .. -ملاعب القُرْب- تغيّر وجه الكرة ال ...
- بلغاريا تستعد لاعتماد اليورو رسميا رغم المخاوف من التضخم
- الصين توسع مناوراتها العسكرية حول تايوان وسط قلق أوروبي
- واشنطن تدقق في ملفات هجرة أميركيين صوماليين
- زوال السلام العظيم.. هل تقترب المواجهة بين الدول الكبرى؟
- خبراء أميركيون يفككون التوافق الذي يتحدث عنه ترامب بين سوريا ...
- بسبب خصوصية الأطفال.. تغريم ديزني 10 ملايين دولار
- سرقة القرن في ألمانيا.. 30 مليون يورو تختفي من خزائن بنك
- شرطة لندن في مواجهة الماسونية.. معركة -الشفافية- وصلت القضاء ...


المزيد.....

- قراءة في وثائق وقف الحرب في قطاع غزة / معتصم حمادة
- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رمزي عطية مزهر - فلسطين أولا: من أنقاض غزة إلى دولة المؤسسات ومستقبل الإنسان