رمزي عطية مزهر
الحوار المتمدن-العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 00:07
المحور:
القضية الفلسطينية
إن القيادة السياسية في المراحل المفصلية لا تُقاس بحسن النوايا ولا ببلاغة الخطاب، بل بقدرتها على تحويل الرؤية إلى قرار، والقرار إلى فعل. وفي الحالة الفلسطينية، حيث تتقاطع الضغوط الخارجية مع الانقسام الداخلي، يصبح منهج القيادة هو العامل الحاسم بين مشروع وطني حي، أو قضية تُدار بلا أفق.
أولاً: وضوح الرؤية
لا قيادة بلا رؤية واضحة المعالم. الرؤية ليست شعارات عامة ولا مواقف رمادية ترضي الجميع، بل تعريف دقيق للهدف الوطني، وحدود الممكن، وأدوات الوصول. حين تغيب الرؤية، تتحول السياسة إلى ردود فعل، وتُستنزف التضحيات في مسارات متناقضة. وضوح الرؤية هو ما يمنح الشعب الثقة، ويمنح القرار شرعيته، ويمنع التلاعب بالقضية تحت عناوين إنسانية أو أمنية أو تكتيكية.
ثانياً: وحدة القرار
وحدة القرار ليست ترفاً سياسياً، بل شرط بقاء. تعدد مراكز القرار يعني تعدد الاتجاهات، وتعدد الاتجاهات يعني ضياع البوصلة. لا يمكن إدارة صراع تحرري بعقلية الفصائل المتنافسة أو السلطات المتوازية. القرار الوطني يجب أن يكون واحداً، منبثقاً من إطار جامع، وملتزماً ببرنامج وطني متفق عليه. فالقوة لا تكمن في كثرة الأصوات، بل في انسجامها خلف هدف واحد.
ثالثاً: شجاعة التنفيذ
كم من رؤى صائبة سقطت لأنها بقيت حبيسة الأدراج؟ وكم من قرارات صحيحة أُجهضت خوفاً من الكلفة؟ شجاعة التنفيذ هي الفارق بين قيادة تاريخية وإدارة أزمة. وهي لا تعني التهور، بل تحمّل المسؤولية، ودفع ثمن القرار، ومواجهة الضغوط بثبات. فالتردد يبدد الهيبة، ويُغري الخصوم، ويُربك الحلفاء قبل الأعداء.
إن القيادة التي تمتلك رؤية واضحة، وتوحد قرارها، وتتحلى بشجاعة التنفيذ، هي وحدها القادرة على نقل الشعب من حالة الصمود السلبي إلى الفعل السياسي المؤثر. أما غياب أحد هذه العناصر، فيعني اختلال المنهج، مهما حسنت النوايا أو اشتدت الخطابات.
في هذه المرحلة، لم يعد مقبولاً أن نعرف ما نريد دون أن نقرره، أو أن نقرره دون أن ننفذه. فالتاريخ لا يكتب بالنوايا، بل بالقرارات الجريئة التي تُنفذ في وقتها.
#رمزي_عطية_مزهر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟