أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رمزي عطية مزهر - حساسية المرحلة وواقع إدارة الفوضى: غزة نموذجا














المزيد.....

حساسية المرحلة وواقع إدارة الفوضى: غزة نموذجا


رمزي عطية مزهر

الحوار المتمدن-العدد: 8558 - 2025 / 12 / 16 - 00:05
المحور: القضية الفلسطينية
    


تمر القضية الفلسطينية، وغزة على وجه الخصوص، بمرحلة هي الاكثر حساسية وتعقيدا منذ عقود. ليست مجرد حرب عسكرية او مواجهة مفتوحة، بل حالة مركبة من الاستنزاف المنهجي، حيث تتقاطع السياسة مع الامن، والاقتصاد مع الانسان، والاعلام مع الوعي الجمعي. في هذا السياق، لا يمكن فهم ما يجري في غزة بمعزل عن مفهوم اخطر واشد دهاء، هو مفهوم إدارة الفوضى.
إدارة الفوضى لا تعني غياب التخطيط، بل تعني توجيه الفوضى والتحكم بمساراتها. هي حالة يتم فيها تفكيك البنى القائمة، واضعاف مراكز القرار، وخلق واقع مشوش، بحيث يصبح المجتمع منشغلا بالبقاء اليومي بدل التفكير بالمستقبل او بالمشروع الوطني. وغزة اليوم تقدم نموذجا صارخا لذلك، حيث الحصار، والدمار، وتفكك الخدمات، وانهيار المنظومة الصحية، وتراجع الامن الغذائي، كلها عناصر لا تعمل منفصلة، بل ضمن سياق واحد متكامل.
في ظل هذه الفوضى المدارة، يتم استهداف الانسان الغزي في وعيه قبل جسده. حين يصبح الجوع هو الهم الاول، والدواء حلما، والماء والكهرباء استثناء، تتراجع الاسئلة الكبرى، ويضيق افق التفكير، وتتحول الازمة من قضية تحرر وطني الى معركة بقاء فردي. هنا تكمن خطورة المرحلة، فالفوضى لا تقتل فقط، بل تعيد تشكيل الاولويات وتكسر الروح الجمعية.
حساسية المرحلة تتجلى ايضا في محاولات اعادة رسم المشهد السياسي والاجتماعي في غزة. تهميش القيادات، تشويه الرموز، تعميم الفشل، وبث اليأس، كلها ادوات تستخدم لدفع المجتمع نحو حالة من الانهاك الكامل، تمهيدا لفرض حلول جاهزة او مسارات لا تعبر عن الارادة الحقيقية للشعب. فالفراغ لا يترك فارغا، والفوضى حين تطول، تفتح الباب امام مشاريع مشبوهة تحت عناوين انسانية او امنية او دولية.
غزة اليوم ليست فقط ضحية عدوان مباشر، بل ساحة اختبار لنماذج جديدة من السيطرة غير التقليدية. السيطرة التي لا تعتمد فقط على القوة العسكرية، بل على كسر المعنى، وتفريغ الصمود من مضمونه، وتحويل المعاناة الى امر اعتيادي. وهذا اخطر ما في إدارة الفوضى، انها تطبع الالم وتجعله جزءا من الحياة اليومية.
ورغم قسوة المشهد، تبقى الحقيقة الثابتة ان وعي الشعوب هو السد الاخير. فحين يدرك الناس ان ما يمرون به ليس قدرا عشوائيا، بل سياسة مقصودة، تتغير زاوية النظر، ويعود السؤال الكبير: من يدير هذه الفوضى؟ ولماذا؟ ولصالح من؟
توصية وعي وإدراك:
ان المرحلة الراهنة تتطلب من الشعب الفلسطيني، في غزة وفي كل اماكن وجوده، اعلى درجات الوعي والانتباه. المطلوب هو عدم الانجرار خلف الفوضى النفسية والاعلامية، وعدم تحويل الغضب المشروع الى اقتتال داخلي او تخوين متبادل. الوحدة في الوعي، والحفاظ على البوصلة الوطنية، وادراك ان المعركة ليست فقط على الارض بل على العقل، هي مفاتيح العبور من هذه المرحلة الحساسة. فالفوضى لا تنتصر الا حين نفقد قدرتنا على الفهم، والوعي هو اول اشكال المقاومة.



#رمزي_عطية_مزهر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يمكن للمجد أن يستقر حيث يسكن الجوع – غزة شاهدة
- الرجل المناسب في المكان المناسب
- ويل للذين يعلمون من الذين لا يعلمون....
- خطة التهجير على طاولة البيت الأبيض
- مصر وفلسطين ... شراكة الدم والتاريخ والمصير
- إلى كل من يملك القرار...
- حين تنادي مآذن القدس وأجراس الكنائس: كفى حرباً
- نحن شعب نريد السلام… لتحيا الأطفال في فلسطين
- الرؤية الاستراتيجية للقيادة الفلسطينية في زمن الحرب
- {أمريكا والرؤية الاستراتيجية ما بين جون بايدن ودونالد ترامب}
- -الصراع المحموم بين صنّاع اللقاحات-
- أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ
- جامعة القدس المفتوحة رائدة التعليم الإلكتروني
- الاقتصاد الإسرائيلي وتداعيات الوباء
- إدارة الأزمة ومعركة الوعي في زمن الجائِحة
- نظرة في اقتصادات الصين والدول العربية


المزيد.....




- تداول فيديو لـ-فيضانات تغمر أطفالا داخل خيمة في غزة-.. ما حق ...
- ما معنى أن تضم إسرائيل الضفة الغربية، وهل يمنعها ترامب من ذل ...
- 340 إعدامًا في السعودية هذا العام.. رقم قياسي جديد
- محكمة فرنسية تأمر سان جيرمان بدفع 60 مليون يورو إلى مبابي
- فرنسا: عصابات المخدرات اخترقت سناب شات وتيك توك لنشر عروض عم ...
- ليبيا: بيوت منحوتة في الصخور.. إرث معماري وثقافي صامد على ال ...
- دونالد ترامب: المزيد من الدول ترغب في الانضمام لقوة تحقيق ا ...
- فولوديمير شوماكوف: من قال إن تنازل أوكرانيا عن أراضيها سيوقف ...
- الكاريبي: ضربات أمريكية جديدة على قوارب مشتبه بتهريبها المخد ...
- المملكة العربية السعودية.. تسارع وتيرة الإعدامات رغم الوعود ...


المزيد.....

- قراءة في وثائق وقف الحرب في قطاع غزة / معتصم حمادة
- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رمزي عطية مزهر - حساسية المرحلة وواقع إدارة الفوضى: غزة نموذجا