أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - رمزي عطية مزهر - إدارة الصراع مسؤولية وطنية… وإدارة الخداع طريق الانكشاف














المزيد.....

إدارة الصراع مسؤولية وطنية… وإدارة الخداع طريق الانكشاف


رمزي عطية مزهر

الحوار المتمدن-العدد: 8566 - 2025 / 12 / 24 - 15:00
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في اللحظات الفاصلة من تاريخ الشعوب، لا يقاس الخطر فقط بحجم العدو، بل بطريقة إدارة المواجهة معه. فالصراع، حين يدار بوعي ومسؤولية، يتحول إلى مسار تحرر طويل النفس، أما حين يستبدل بالخداع، فإنه يصبح وصفة مؤكدة للانكشاف والانهيار، مهما طال زمن التمويه.

إدارة الصراع ليست شعارا ولا خطابا حماسيا، بل فعل سياسي وأخلاقي في آن واحد. هي اعتراف بالحقيقة كما هي، لا كما نحب أن نراها. تعني تسمية الأشياء بأسمائها، وتحديد العدو بوضوح، ورسم الأهداف بواقعية، وبناء الأدوات بما يتناسب مع حجم التحدي. في إدارة الصراع لا مكان لتخدير الوعي، ولا لبيع الأوهام، ولا لتحويل الشعب إلى جمهور تصفيق. الشعب شريك في القرار، يتحمل الألم لأنه يفهم الغاية، ويصبر لأنه يرى أفقا، ويضحي لأنه يثق بالقيادة.

أما إدارة الخداع، فهي الوجه الآخر للهروب من المسؤولية. هي إدارة تقوم على التلاعب بالعقول لا مواجهة الوقائع، وعلى تسويق اللغة بدل الفعل، وعلى تضخيم الإنجاز الوهمي لإخفاء الفشل الحقيقي. في هذا النمط، يصبح الإعلام بديلا عن الاستراتيجية، والشعار بديلا عن الخطة، والصوت العالي بديلا عن الموقف الصلب. ويجري تحميل الشعب كلفة كل شيء، بينما تعفى مراكز القرار من أي مساءلة.

الخداع لا يحرر أرضا، ولا يحمي دما، ولا يبني دولة. قد يؤجل الانفجار، لكنه لا يمنعه. بل يراكم الغضب، ويهشم الثقة، ويصنع فجوة خطيرة بين الناس ومن يفترض أنهم يقودونهم. وعندما يحين وقت الحقيقة، يكون الثمن مضاعفا، لأن الانكشاف لا يطال الخطاب وحده، بل يطال كل النظام القائم.

في الحالة الفلسطينية، تصبح إدارة الصراع واجبا وطنيا لا خيارا سياسيا. صراعنا ليس عاطفيا ولا ظرفيا، بل وجودي وتاريخي. وإدارته تتطلب وحدة في المرجعية، وانسجاما بين الفعل السياسي والميداني، ومؤسسات تحكمها الكفاءة لا الولاءات، وقيادة تملك شجاعة الصدق قبل مهارة المناورة. لا يمكن لشعب تحت الاحتلال أن يتحمل عبء الخداع الداخلي فوق عبء القمع الخارجي.

إن أخطر ما يمكن أن يصيب قضية عادلة هو أن تدار بعقلية مراوغة، لأن عدالة القضية لا تعوض غياب الحكمة في إدارتها. الصراع الواضح يمكن احتماله، أما الخداع فيقتل المعنى من الداخل. الأول يبني مناعة وطنية، والثاني يستنزف الروح العامة حتى العجز.

الخلاصة أن إدارة الصراع، مهما كانت كلفتها، هي الطريق الوحيد لصون الكرامة وحماية الوعي وبناء المستقبل. أما إدارة الخداع، فمهما بدت ذكية أو ناعمة أو مؤقتا ناجحة، فهي طريق قصير نحو الانكشاف، وحين ينكشف الزيف، لا تنفع كل الشعارات في ترميم ما انهار.

في القضايا الكبرى، الصدق ليس رفاهية، بل شرط بقاء. ومن لا يملك شجاعة إدارة الصراع، لا يحق له أن يدير مصير شعب.



#رمزي_عطية_مزهر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة النقد البناء يا احفاد كنعان:
- ما بين زين العابدين بن الحسين وهشام بن عبد الملك: قراءة فلسف ...
- حساسية المرحلة وواقع إدارة الفوضى: غزة نموذجا
- سقوط الأعمدة… حين ينكشف زيف الألقاب وتُعرّي القيم أصحابها
- لا يمكن للمجد أن يستقر حيث يسكن الجوع – غزة شاهدة
- مصر عالية كأهراماتها
- إدارة الفوضى وقيادة مجلس السلام الأمريكي
- الرجل المناسب في المكان المناسب
- ويل للذين يعلمون من الذين لا يعلمون....
- خطة التهجير على طاولة البيت الأبيض
- مصر وفلسطين ... شراكة الدم والتاريخ والمصير
- إلى كل من يملك القرار...
- حين تنادي مآذن القدس وأجراس الكنائس: كفى حرباً
- نحن شعب نريد السلام… لتحيا الأطفال في فلسطين
- الرؤية الاستراتيجية للقيادة الفلسطينية في زمن الحرب
- {أمريكا والرؤية الاستراتيجية ما بين جون بايدن ودونالد ترامب}
- -الصراع المحموم بين صنّاع اللقاحات-
- أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ
- جامعة القدس المفتوحة رائدة التعليم الإلكتروني
- الاقتصاد الإسرائيلي وتداعيات الوباء


المزيد.....




- -ناقلات الزومبي-.. كيف تتهرب فنزويلا من حصار واشنطن النفطي؟ ...
- تراجع طفيف في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار
- حاكم مصرف لبنان المركزي يتحفظ على مشروع قانون سداد الودائع
- الصين تنجح في تطوير نموذج أولي لآلة إنتاج رقائق الذكاء الاصط ...
- ريبورتاج- كأس الأمم الأفريقية: الجمهور الجزائري يلهب أجواء ا ...
- تجاوزت صادرات تركيا إلى سوريا 3 مليارات دولار
- أفريقيا.. طفرة المدفوعات الرقمية في 2025 تعيد رسم ملامح الاق ...
- الذهب يحطم الأرقام القياسية متجاوزا 4500 دولار للأونصة
- الذهب يتجاوز 4500 دولار للأوقية للمرة الأولى في التاريخ
- أسواق السلع.. مستويات قياسية للذهب والفضة والنحاس في أفضل أد ...


المزيد.....

- الاقتصاد السوري: من احتكار الدولة إلى احتكار النخب تحولات هي ... / سالان مصطفى
- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - رمزي عطية مزهر - إدارة الصراع مسؤولية وطنية… وإدارة الخداع طريق الانكشاف