أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - ضربة حظ














المزيد.....

ضربة حظ


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8573 - 2025 / 12 / 31 - 01:46
المحور: الادب والفن
    


قالتها مرارًا، رغم يقينها العميق بحقيقة حظها العاثر:
"ولو أني أعرف حظي، لكن سأخوض التجربة!"
كانت أمها تحذرها من التعلق بأي أمل، فالإحباط يوجع أكثر حين يكون السقوط من علٍ. لكن الإعلان عن مسابقة لأفضل قصيدة أشعل في قلبها رغبة لم تستطع كبحها. كتبت بأفضل ما لديها، وضعت روحها على الورق، لكن يدها كانت ترتجف وهي تسلّم النص. في مخيلتها، سمعت أصوات التصفيق تخترق أذنيها، تحاول استيعاب المشهد، لكن عبثًا...

في الجامعة، وقفت أمام ورقة امتحان مادة النثر الأمريكي، تلك المادة التي لطالما بدت كجدار شاهق لا يمكن تسلقه. الخوف يعتريها، الكلمات تتراقص أمام عينيها، لكنها رغم ذلك أمسكت بالقلم، تجر حروفها جرا. السؤال الأول؟ تكتب بما تعرفه، ولكن هل يكفي ذلك؟ نظرت حولها، زميلاتها ينهين امتحانهن واحدة تلو الأخرى، يسلّمن الأوراق ويخرجن.
"لا، لن أخرج، ربما يحالفني الحظ وأجتازها."
أنهت امتحانها أخيرًا، خرجت من القاعة، وعند الباب سمعت بكاءً خافتًا. لم تلتفت، لم تجرؤ.

الحياة دائمًا تختبر صبرها...
في كل مرة تخرج لقضاء حاجة، تجد نفسها واقفة عند موقف الحافلة، تشاهد الجموع تتدافع للصعود. واحدة تعلق رجلها محاولةً التسلق، بينما هي تتراجع خطوة إلى الوراء. أين ستجد لها موضعًا في هذه الزحمة؟ تتنهد، تتراجع، وتنطلق الحافلة مبتعدة.
حافلة أخرى تقترب، تركض، تلوّح بيدها، خطوة واحدة فقط، لكنها تتوقف، تعود أدراجها وهي تتمتم:
"أعرف، لا حظ لي... منذ أن وُلدت، وأمي تردد: لا حظ لكِ، فقد حملت بكِ وأنا في خصام مع والدك."
تعبر الشارع بخطوات متثاقلة، تحمل يقينًا بأن الحظ لم يكن يومًا في صفّها.

انتظرت نتيجة الامتحان بصبر مثقل بالشكوك. سمعت همسًا هنا وهناك عن إعادة النظر في الدرجات، فعمادة الكلية غير موافقة على النتائج الأولية. هل يعقل أن تنجح؟
تقترب زميلتها فجأة، تحتضنها بحماس:
"مبارك! لقد نجحتِ!"
لم تصدق أمل ما تسمعه. بالكاد تمتمت:
"مستحيل..."
لكنها نجحت بالفعل، بنسبة ضئيلة، فقط لأن عدد الناجحين كان قليلاً، فقرر الدكتور رفع النسبة! لم تستطع كتم فرحتها، تماسكت واتصلت بأمها فورًا:
"أمي! تعالي أبشرك، صار لي حظ!"
ضحكت أمها وهي تردد بسخرية معتادة:
"الحظ يأتي مرة واحدة!"

لكن الأمل كان أكبر من أن يتوقف عند هذا الحد. كانت واثقة أن مسابقة الشعر ستكون محطتها الحقيقية نحو التغيير. اجتمعت الأسرة، ارتدت أمل أجمل ما لديها، وقفت أمام المرآة تراقب انعكاسها. كان قلبها يضج بفوضى عارمة:
"ماذا لو فزت؟ يا الله! لن يتّسع الكون لفرحتي!"
كانت القاعة تعجّ بالحضور، شعراء كبار، ممثلون عن منتديات أدبية، نظرت أمل حولها، تساءلت:
"أين سأكون أنا وسط هذا الزخم؟"
هدأت القاعة، بدأ العد التنازلي لإعلان الفائزين. التوتر يزداد، وأمل تشعر وكأن قلبها يدق بعنف يكاد يسمعه الجالسون قربها. نظرت إلى أمها، كانت تحدق بها بنظرة غريبة، لم تفهم مغزاها، لكنها تجاهلتها. المهم أنها خاضت التجربة، سواء ربحت أم لا.
الإعلان عن الأسماء بدأ. الأول، الثاني، الثالث... كلما مرّ اسم، زادت ضربات قلبها. بقي اسمٌ واحد.
"بالتأكيد أنا!"
لكن الاسم الأخير لم يكن اسمها.
سقطت أمل مغشيًا عليها.
عندما أفاقت، كانت أصوات التهاني تتردد حولها، لكن لم يكن أحد يهنئها. علمت أنها خسرت.
نصف درجة فقط فصلتها عن الفوز.
"حظًّا أوفر، يا أمل."
خرجت من القاعة بوجه شاحب، وجدت أمها تنتظرها عند الباب. نظرت إليها طويلاً قبل أن تقول، بصوت لم يخلو من مرارة:
"أرأيتِ؟ الحظ يأتي مرة واحدة."
لكن أمل، رغم كل شيء، ابتسمت. ربما كانت ضربة الحظ مجرد استثناء، لكنها كانت كافية لتمنحها يقينًا بأن المحاولة تستحق العناء.



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الاستجارة والرجوع
- ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا& ...
- المرأة في العصر الحديث – السياسات، العولمة، النقد، والمستقبل
- المرأة بين التاريخ والتحوّل – من الجذور القديمة إلى لحظة الت ...
- الموارد الطبيعية في منظور الجغرافيا السياسية والجيوبوليتك
- الثورة البيولوجية وعلم البلوچينوم: من الشفرة الوراثية إلى ال ...
- مقامة حانة الأقدار
- الأمة المثلى والأخلاق المفقودة
- رحاة الضياء
- حين تنعكس الشمس على ملامحها
- المقامة الهمذانية في الزمنِ المهزوم
- **الزمن بوصفه قدرًا: قراءة في مأساة الوعي والاغتراب في «أهل ...
- «حين يتحرّك السكون»
- النيجر: قلب الصحراء الذي يمشي بين ضوءين
- – ليبيا: الأرض التي تمتدّ من زرقة المتوسط إلى قلب الصحراء ال ...
- مالي: المملكة التي مشت فوق الذهب، ونامت على ضفاف النيجر، وظل ...
- موريتانيا: بلاد البيضان والمحيط والرمل الذي يتكلّم
- الجزائر: أنغام الماضي، إبداعات الحاضر، ونكهات الحياة
- الجزائر: الطبيعة الصامتة، الصحراء الذهبية، وواحات الحياة
- الجزائر: أنفاس الإبداع وروح الجمال


المزيد.....




- الممثل جورج كلوني وعائلته أصبحوا مواطنين فرنسيين.. إليك التف ...
- فعاليات مهرجان “سينما الحقيقة” الدولي للأفلام الوثائقية في ط ...
- من دفاتر الشياطين.. سينما تحكي بعيون الأشرار
- -خريطة رأس السنة-.. فيلم مصري بهوية أوروبية وجمهور غائب
- الجزيرة تضع -جيميناي- في سجال مع الشاعر الموريتاني -بن إدوم- ...
- سيمفونية-إيرانمرد-.. حين تعزف الموسيقى سيرة الشهيد قاسم سليم ...
- الممثل الأمريكي جورج كلوني وزوجته وطفلاهما يصبحون فرنسيين
- فن الترمة.. عندما يلتقي الابداع بالتراث
- طنين الأذن.. العلاج بالموسيقى والعلاج السلوكي المعرفي
- الممثل الأمريكي جورج كلوني أصبح فرنسياً


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - ضربة حظ