أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياحة والرحلات - محمد بسام العمري - الجزائر: الطبيعة الصامتة، الصحراء الذهبية، وواحات الحياة














المزيد.....

الجزائر: الطبيعة الصامتة، الصحراء الذهبية، وواحات الحياة


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8554 - 2025 / 12 / 12 - 02:38
المحور: السياحة والرحلات
    


حين تترك المدن وراءك، وتمضي نحو القلب البعيد للجزائر، تبدأ رحلة مختلفة: رحلة الهدوء، الامتداد، والتأمل. هنا لا صوت سوى الرياح، لا حركة سوى ظل السحب فوق الرمال، ولا حياة سوى ذلك الانسجام الغريب بين الأرض والسماء. الجزائر هنا ليست مجرد أرض، بل قصة تحكى عبر الجبال والكثبان والواحات.
الصحراء الكبرى الجزائرية – البحر الذهبي بلا شاطئ
تبدأ الرحلة في هضاب الطاسيلي، حيث الصخور الحمراء تحكي أسرار ملايين السنين، والكهوف تحمل نقوش الأجداد، الذين رسموا صور الغزلان والأسود، والرحلات اليومية للإنسان البدائي. الطاسيلي ليس مجرد جبل، بل مكتبة حية للطبيعة والإنسان في آن واحد، كل صخرة فيها صفحة، وكل وادٍ فيها سطر.
الكثبان الرملية الذهبية تمتد إلى ما لا نهاية، تتحرك مع الرياح كما لو كانت أمواجًا صامتة في بحرٍ لا يعرف الميناء. الصحراء تعلم الصبر، وتجعل النظر إلى الأفق تأملًا فلسفيًا في اللامحدود. كل حبة رمل تحمل ذكريات العبور، القوافل القديمة، زقزقة الطيور المهاجرة، ونبض الجمال الذي لا يموت.
في الليل، حين يسدل القمر ضوءه الفضي، تصبح الرمال ساحة للحكايات والنجوم، وكأن كل شهاب يهمس بسرّ قديم، وكل نسيم يحمل ذكرى رحّلٍ رحل ولم يعد.
الواحات – جنة خفية في قلب الصحراء
بين الكثبان، تظهر الواحات، متنفس الحياة وسط الذهب: مرزوقة، تمنراست، تيميمون، والبيض. هنا الماء هو كنز ثمين، والنخيل هو علامة البقاء. النباتات الصحراوية تتعانق مع المياه، فتصبح الواحة نقطة حياة صافية، صامتة، لكنها تنبض بالحركة الداخلية. الطيور المائية تحط على الجداول الصغيرة، والحيوانات الصحراوية مثل الغزلان والثعالب تزور الواحات لتجد الأمان والطعام.
الإنسان في هذه الواحات يعيش بتناغم كامل مع الطبيعة. البدو الرحّل يعرفون كل نبتة، كل شجرة، وكل جدول، ويتحركون كما لو كانت الأرض جزءًا من جسدهم. وهم يزرعون، يحصدون، ويصنعون حياة مستدامة رغم قسوة الطبيعة، تاركين للزائر درسًا في المرونة، الحكمة، والانسجام مع العالم.
الجبال والهضاب – العمق الأخضر والصخور الحمراء
ولم تكتمل الجزائر دون الجبال: هضاب الأوراس، جبال الهقار، الأطلس التلي، وجبال الشريعة. في كل ارتفاع، تنفتح وجهة نظر جديدة للعالم، وكأن الجزائر تقول لك: "انظر إلى عمق الأرض كما تنظر إلى عمق نفسك".
الجبال تحمل أنهارًا موسمية، غابات صنوبر وزيتون، وزهورًا برية نادرة. في فصل الربيع، يتحول كل وادٍ إلى سجاد أخضر من الألوان والروائح، وتنبعث رائحة الزهور البرية، رائحة الأرض المبللة، وصوت الطيور، ليصبح المشهد موسيقى صامتة تتحدث للروح.
الحياة البرية – أصوات الصمت والحركة
الصحراء والجبال ليست صامتة بالكامل. هنا كل كائن يحمل رسالة: زئير الأسد البعيد يذكرك بالقوة، نقيق الضفادع عند الواحات يذكر بعظمة الدقائق الصغيرة، قفز القرود بين الأغصان يعلّم الفرح البسيط، وحفيف الرياح بين الأشجار يذكّر بالانسجام الأبدي بين كل المخلوقات.
كل حركة، كل صوت، كل ظل، هو درس في الانسجام، المرونة، والتقدير للجمال الصامت.
فلسفة الرحلة والتأمل – الجزائر كمعلم للحياة
حين يمشي الزائر بين الكثبان والواحات، وبين الجبال والهضاب، يدرك أن الجزائر ليست مجرد أرض، بل تجربة وجودية. الصحراء تعلم الصبر، الجبال تعلم التواضع، الغابات تعلم التواصل مع الحياة، والواحات تعلم تقدير النعم الصغيرة. كل يوم هنا هو درس في الفلسفة العملية للحياة، حيث الانتباه، التأمل، والتواصل مع الطبيعة يصبحان أداة لفهم الذات والآخر.
الجزائر في الذاكرة والخيال
عند مغادرة هذه المساحات الشاسعة، يحمل المسافر معه:
• رمل الصحراء الذهبي كذكرى للثبات واللامحدود،
• صمت النجوم والقمر كدرس في التأمل،
• واحات الحياة كرمز للأمل،
• جبال الأطلس والهقار كرمز للقوة المتواضعة،
• الحياة البرية كتجسيد للانسجام الطبيعي،
• نسيم الأرض كتذكير بأن الجزائر ليست فقط مكانًا، بل تجربة مستمرة للحواس والعقل والروح.
الجزائر هنا، في صحرائها وهضابها وواحاتها، ليست مجرد جغرافيا، بل روح يمكن للإنسان أن يعيشها ويتعلم منها، أن يتأمل فيها، أن يحلم معها، وأن يحملها في قلبه أينما ذهب.



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزائر: أنفاس الإبداع وروح الجمال
- الجزائر: وجه البحر، ذاكرة الجبال، وأنفاس المدن التي لا تنام
- – الجزائر: القلب العميق للصحراء الكبرى
- الطلاق كدرس… الرحلة نحو الوعي والحكمة
- بعد الانفصال… أثر الطلاق على قلب الإنسان ومستقبله
- العائلة والمجتمع بين الانفصال والوحدة
- الأطفال بين شظايا الحب
- حين يتحول الحب إلى صمت
- غويانا الفرنسية – نهاية الحوض وبداية الرحلة الجديدة
- : فنزويلا – الأنهار المتقاطعة ومرتفعات غويانا
- : الإكوادور – نقطة التقاء خط الاستواء مع الغابة
- بوليفيا – حيث تتصارع الهضاب والمناخات
- كولومبيا – الغابة التي تحرس أسرارها
- البرازيل – قلب الحوض، عندما يصبح الوطن نهراً
- حين يبدأ النهر بالهمس… وتستيقظ الأرض من الماء
- «حين يُصغي القلب إلى حكمة الكون»
- علمني حبك سيدتي أن أحزن وأنا محتاج منذ عصور لامرأة تجعلني أح ...
- رحلة النفس الإنسانية بين الصراع والسلام الداخلي: من النفس ال ...
- من نظر إلى الناس بعين العلم مقتهم، ومن نظر إليهم بعين الحقيق ...
- من وهم الظنون إلى يقين الحقائق: نظرة أخلاقية وفكرية


المزيد.....




- ما تفسير البيت الأبيض لوضع ترامب ضمادة على يده؟
- أوكرانيا تقدم لترامب مسودة من 20 بندا لإنهاء الحرب - ماذا تت ...
- حركة 23 مارس تحكم سيطرتها على بلدة أوفيرا الاستراتيجية وتهدد ...
- خبير عسكري: روسيا تتقدم نحو القلعة الحصينة بدونيتسك عبر بوكر ...
- بلا خيام وبلا مقومات.. الغزيون يواجهون منخفضا جويا فاقم معان ...
- هيئة البث: إسرائيل أعدت خطة لهجوم واسع على حزب الله
- هجمات -الزيرو كليك- تهدد الهواتف عالميا.. ماذا يمكن أن نفعل؟ ...
- دعوى قضائية ضد -شات جي بي تي- بتهمة التشجيع على -القتل-
- البيت الأبيض: ترامب -سئم- اجتماعات أوكرانيا.. يريد أفعالا
- رحلة غامضة لطائرة عسكرية أميركية في اليابان تثير التساؤلات


المزيد.....

- قلعة الكهف / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياحة والرحلات - محمد بسام العمري - الجزائر: الطبيعة الصامتة، الصحراء الذهبية، وواحات الحياة