أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بسام العمري - بعد الانفصال… أثر الطلاق على قلب الإنسان ومستقبله














المزيد.....

بعد الانفصال… أثر الطلاق على قلب الإنسان ومستقبله


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8549 - 2025 / 12 / 7 - 02:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حين يختفي الحب بين الزوجين، لا يختفي أثره فجأة مع الطلاق، بل يبقى مختبئًا في القلب، يرافق كل خطوة، ويعيد تشكيل كل علاقة لاحقة.
الطلاق ليس مجرد نهاية علاقة، بل بداية رحلة من الآثار النفسية والاجتماعية التي قد تطيل أمدها سنوات طويلة.
على المستوى العاطفي:
الأفراد الذين عاشوا الطلاق غالبًا يكتسبون شعورًا بالشك، الخوف من الالتزام، والخوف من الحب نفسه. أبحاث علم النفس الاجتماعي والنفسي التطوري تشير إلى أن الطلاق يزيد من احتمالية المعاناة من الوحدة، انخفاض الرضا العاطفي، وصعوبة بناء ثقة متبادلة في العلاقات المستقبلية. الأطفال الذين كبروا في بيئة طلاق يعكسون هذا النمط لاحقًا في حياتهم العاطفية، حتى لو لم يعيشوا تجربة الطلاق مباشرة.
على المستوى الاجتماعي:
الطلاق قد يعزل الفرد عن شبكة الدعم التقليدية: الأقارب، الأصدقاء، المجتمع. الدراسات الاجتماعية الحديثة تظهر أن الانفصال يؤدي إلى انخفاض المشاركة المدنية، تراجع الالتزام المجتمعي، وزيادة الضغوط الاقتصادية والنفسية. فالطلاق لا ينتهي عند الباب المغلق للمنزل، بل يترك أثره على العلاقات المجتمعية بشكل واسع.
على المستوى الديني والفلسفي:
القرآن الكريم يحث على الصبر، الحكمة، والحفاظ على الأسرة قدر المستطاع:
"وَالصُّلحُ خَيْرٌ" (النساء: 35)
فالطلاق، رغم كونه جائزًا في بعض الحالات، لا يُعتبر الحل الأول، بل الوسيلة الأخيرة بعد استنفاد كل طرق الصلح والحوار.
الفلاسفة مثل دي بوفوار يرون أن الإنسان يعيش صراع الحرية مع الالتزام، وأن فشل هذا التوازن لا يضر الفرد فقط، بل يترك آثارًا طويلة على الآخرين، خاصة الأبرياء الصغار. الطلاق يصبح إذًا تجربة وجودية، يكتشف الفرد خلالها حدود حريته، وضرورة تحمل المسؤولية، وتأثير اختياراته على محيطه.
صور رمزية للأثر النفسي والاجتماعي:
• قلب شخص يمشي بين الناس، لكنه يشعر بالفراغ، يبحث عن الحب لكنه يخاف الاقتراب.
• أم تقف على عتبة بيتها القديم، تحاول إعادة بناء حياتها، بينما صور الأطفال تلمع في ذهنها كذكريات مؤلمة.
• طفل أو شاب يتساءل عن معنى الالتزام بعد أن شاهد أم وأبًا يختبران الفشل في الحب، ويشعر بالخوف من الارتباط.
الدراسات تدعم هذا الواقع:
• أبحاث الأكاديمية الأمريكية لعلم النفس أظهرت أن الطلاق يزيد من احتمالية الاكتئاب واضطرابات القلق لدى البالغين والأطفال، ويؤثر على مهارات التواصل العاطفي المستقبلية.
• دراسات سوسيولوجية عن الطلاق والمجتمع تشير إلى أن الأسر المفككة تؤدي إلى ضعف الروابط الاجتماعية وانخفاض الدعم المتبادل، وهو ما ينعكس سلبًا على فرص النجاح في الحياة المهنية والاجتماعية للفرد.
توجيه القارئ بشكل غير مباشر:
الطلاق ليس نهاية مجردة، بل انعكاس لفشل التواصل وفقدان التوازن بين الحرية والمسؤولية. قبل اتخاذ خطوة الانفصال، يجب تقييم آثارها على القلب، على الأطفال، على الأسرة، وعلى المجتمع. كل قرار يحمل مسؤولية أخلاقية تجاه نفسك والآخرين، وكل لحظة صبر وحوار قد تكون هي التي تحمي الأرواح من الألم الطويل.

يمكن للحب أن يعيش، إذا فهمنا أنفسنا قبل الآخر، إذا تعلمنا الحوار قبل الصمت، إذا حاولنا الإصلاح قبل الانفصال. الطلاق ليس الحل الأمثل، بل الخيار الأخير، ويجب أن يكون مدروسًا بعقلٍ حي وقلب رحيم، ليبقى الأثر محدودًا ولا يتحول إلى موجة تجرح كل من حولنا.



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العائلة والمجتمع بين الانفصال والوحدة
- الأطفال بين شظايا الحب
- حين يتحول الحب إلى صمت
- غويانا الفرنسية – نهاية الحوض وبداية الرحلة الجديدة
- : فنزويلا – الأنهار المتقاطعة ومرتفعات غويانا
- : الإكوادور – نقطة التقاء خط الاستواء مع الغابة
- بوليفيا – حيث تتصارع الهضاب والمناخات
- كولومبيا – الغابة التي تحرس أسرارها
- البرازيل – قلب الحوض، عندما يصبح الوطن نهراً
- حين يبدأ النهر بالهمس… وتستيقظ الأرض من الماء
- «حين يُصغي القلب إلى حكمة الكون»
- علمني حبك سيدتي أن أحزن وأنا محتاج منذ عصور لامرأة تجعلني أح ...
- رحلة النفس الإنسانية بين الصراع والسلام الداخلي: من النفس ال ...
- من نظر إلى الناس بعين العلم مقتهم، ومن نظر إليهم بعين الحقيق ...
- من وهم الظنون إلى يقين الحقائق: نظرة أخلاقية وفكرية
- رحلة الروح نحو النور
- حين يتصوّف الأدب الفرنسي: رحلة من الرمز إلى الكشف
- مراثي الكرسي رقم 7
- أنشودة الضوء – إفريقيا التي لا تموت
- غناء الضوء في الغابة العتيقة


المزيد.....




- كالاس لـ-يورونيوز-: ما زلنا حلفاء واشنطن ولا نتفق في كل شيء ...
- في أول زيارة له إليها.. ميرتس يؤكد التزام ألمانيا حيال إسرائ ...
- فنزويلا تجند آلاف المقاتلين وسط توتر متصاعد مع أميركا
- غزة مباشر.. شهداء بنيران الاحتلال وقطر تتفاوض لرسم مسار المر ...
- -وحش- نتفليكس.. كيف تحوّل القتلة الحقيقيون إلى ظاهرة جماهيري ...
- محللون: هذه العقبات تواجه الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق ...
- -مسار الأحداث- يناقش العقبات التي تواجه المرحلة الثانية من ا ...
- اليمن.. مقتل 4 من القوات الحكومية بانفجار في حضرموت
- زيلينسكي يكشف تفاصيل مكالمته مع ويتكوف وكوشنر
- يوم الهاتريك في بوندسليغا: بايرن يحافظ على صدارته يليه لايبز ...


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بسام العمري - بعد الانفصال… أثر الطلاق على قلب الإنسان ومستقبله