محمد بسام العمري
الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 02:51
المحور:
الادب والفن
هل أنا الذي أتقدّم، أم أن الطريق هو الذي ينهض بي خطوةً خطوة؟
كلما حسبتُ أني بلغت السكون، اكتشفتُ أن السكون نفسه يمشي، وأن قلبي لا يعرف الوقوف إلا كي يغيّر جهة الخفق.
أفتح عينيّ فلا أرى الأشياء كما هي، بل كما تُريد أن تُفصح عن سرّها.
الجدار لا يكون جدارًا، والنافذة لا تكون نافذة؛
كل شيء يستعير وجهًا آخر حين ألمسه بالانتباه،
كأن العالم يتدرّب على البوح، وأنا متدرّبٌ على الإصغاء.
لا أبحث عن المعنى،
المعنى يسبقني، يجلس على عتبة اللحظة، ويبتسم.
أمرّ به فلا يناديني،
لأنه يعرف: ما خُلِق لي لا يضيع.
في صدري حركة خفيّة،
ليست فرحًا خالصًا ولا وجعًا صريحًا،
بل ذلك الارتعاش الذي يحدث حين تتجاور الحقيقة والحنين
ولا يقرّر أيّهما سيبدأ الكلام.
أمدّ يدي إلى الضوء،
فلا أقبض عليه،
لكن يدي تعود أخفّ،
كأنها تخلّت عن ثقلٍ قديم لم أكن أعلم بوجوده.
أذكر الاسم…
لا بوصفه نداءً،
بل كمسافة دافئة بين نبضتين.
حين أحضر، يحضر على هيئة سكينة،
وحين أغيب، يغيب كأثر عطرٍ لا يزول.
الجري؟
نعم، أجري،
لكن ليس نحو غاية،
أجري كي لا يبرد الشوق،
كي لا تتحوّل النار إلى فكرة،
ولا تتحوّل الرغبة إلى ذكرى مهذّبة.
أقف فجأةً،
فإذا بالامتلاء يفيض.
ليس في السماء فقط،
بل في تجاويف الروح التي لم أزرها من قبل.
كأن داخلي اتّسع لي… أخيرًا.
هل أنا في الأعالي؟
أم أن الأعالي انخفضت قليلًا لتفهمني؟
التمييز يتلاشى،
ويبقى هذا الإحساس العاري:
أنك في موضعك الصحيح،
حتى لو لم تعرف أين هو.
أسمع جسدي يفكّر،
وأفكاري تتنفّس.
الدم لا يجري، بل يُنشد،
والضلوع لا تحمي القلب، بل تُصغي إليه.
البياض من حولي ليس فراغًا،
إنه فسحة احتمال،
مساحة تقول لك:
كن، كما لم تكن من قبل.
أسير…
لا في خطٍّ مستقيم،
بل في انحناءةٍ تشبه الدعاء.
كل دائرة تفتح دائرة،
وكل سؤال يلد سكونًا أعمق.
ولستُ متأكدًا:
هل العالم يتحرّك بي،
أم أنني—في لحظة صدقٍ نادرة—
أتحرّك أخيرًا معه، لا عليه.
#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟