هدى زوين
كاتبة
(Huda Zwayen)
الحوار المتمدن-العدد: 8573 - 2025 / 12 / 31 - 00:06
المحور:
الادارة و الاقتصاد
في عالمٍ تتسارع فيه وتيرة التحوّل، لم يعد الاستثمار محصورًا في رأس المال أو المشاريع التقليدية، بل أصبح الإنسان، بعقله ومعرفته وخبرته، الركيزة الأساسية لبناء المستقبل. فالدول التي أدركت قيمة العقول، استطاعت أن تحجز لنفسها موقعًا متقدمًا في خارطة العالم، مهما كانت مواردها المادية محدودة.
اليوم، يشكّل الاقتصاد المعرفي أحد أهم أدوات القوة الحديثة، حيث لم تعد السيادة تُقاس بما يُستخرج من الأرض، بل بما يُنتج من فكر، وما يُصدَّر من خبرات. إن تصدير الكفاءات العلمية، والتقنية، والإدارية، لا يعني خسارة للعقول، بل هو استثمار ذكي يوسّع دائرة التأثير، ويحوّل الخبرة المحلية إلى قيمة عالمية.
ومن خلال التعاون الدولي القائم على الشراكات المتكافئة، يمكن بناء جسور حقيقية بين الداخل والخارج، تسمح بتبادل المعرفة، وتطوير المشاريع المشتركة، وفتح أسواق جديدة أمام المبادرات الابتكارية. هذه الشراكات لا تعزّز النمو الاقتصادي فحسب، بل تسهم في ترسيخ صورة الوطن كمصدر للخبرة والابتكار، لا كمستهلكٍ لهما.
إن حضور الخبرات الوطنية في القطاعات الحيوية كالصحة، والتعليم، والصناعة، والتكنولوجيا، يشكّل أحد أوجه القوة الناعمة التي تعزّز مكانة الدولة على الساحة الدولية. فحين يسهم الخبراء في بناء أنظمة متطورة أو مشاريع نوعية خارج حدودهم، يصبح اسم الوطن مرتبطًا بالكفاءة والثقة والجودة.
غير أن نجاح هذا التوجّه يتطلب رؤية واضحة وسياسات داعمة، تبدأ من الاستثمار في التعليم النوعي، وتشجيع البحث العلمي، وتهيئة بيئة تشريعية مرنة تحفّز الابتكار، وتحمي الكفاءات، وتربطها بمشاريع تنموية طويلة الأمد. فالعقل لا يزدهر في بيئة طاردة، ولا يبدع دون أفق واضح.
ولتحقيق ذلك، تبرز الحاجة إلى:
بناء منصات معرفية للتواصل وتبادل الخبرات.وإطلاق برامج تدريب وتأهيل تواكب متطلبات السوق العالمية.وتعزيز الشراكات مع الجامعات ومراكز الأبحاث الدولية.
إن الاستثمار في العقول والخبرات ليس خيارًا اقتصاديًا فقط، بل هو مشروع حضاري طويل الأمد، يعكس وعي الدول بقيمة الإنسان ودوره في صناعة المستقبل. فحين نصدّر المعرفة، نؤكد أن ثروتنا الحقيقية لا تكمن في الموارد وحدها، بل في القدرة على التفكير، والإبداع، وبناء عالم أكثر توازنًا وعدالة.
#هدى_زوين (هاشتاغ)
Huda_Zwayen#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟