أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - هدى زوين - رجال الظل.. حراس لا تُرى آثارهم














المزيد.....

رجال الظل.. حراس لا تُرى آثارهم


هدى زوين
كاتبة

(Huda Zwayen)


الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 16:47
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


في المساحات التي لا تسجلها الكاميرات، ولا تحفظها التقارير العلنية، يتشكّل نوع آخر من الحراسة. حراسة بلا ضجيج، بلا بيانات رسمية، وبلا أوسمة تُعلّق على الصدور. إنهم رجال الظل، أولئك الذين يمشون في المناطق الرمادية التي تفصل بين ما نعرفه وما لا يجب أن يُعرف، بين ما يُقال وما يجب أن يبقى مكتوماً.

العالم اعتاد أن يؤرّخ البطولات بصور وأسماء ومشاهد استعراضية، لكن هناك رجالاً يؤرّخون أفعالهم بالصمت. لا تُرى خطواتهم على طريقٍ، لأنهم لا يسيرون عليه مرتين. ولا تُحفظ بصماتهم على باب، لأنهم يغلقونه قبل أن ينتبه أحد لفتحه. وجودهم ليس فرضية بل ضرورة، وغيابهم الظاهري هو أثمن أشكال حضورهم.

في أوقات القلق، حين تنحني الأسئلة الثقيلة بلا جواب، تتحرك الكتائب الصامتة بلا ضوء، وتنتشر العيون البعيدة كخيطٍ لا ينقطع، وتظل مراكز الظل نابضة، لا تعرف النوم. إنها منظومة لا تتكئ على الصخب، بل على دقة التوقيت وعمق الفهم وتشابك الخيوط التي لا تبدو مترابطة لعابرين لا يدققون.

ليسوا أشباحاً، بل رجالٌ من لحمٍ ووعي، لكنهم اختاروا أن يكونوا بلا انعكاس على المرايا. لأن مهمتهم ليست أن يُشاد بها بل أن تُنجَز. وهم لا يكتبون قصصهم، لأن القصص تُكتب عنهم بعد أن تنجو المدن، وتستقر الليالي، ويعود السؤال ليتراجع خطوة إلى الخلف.

رجال الظل يحرسون بقانون غير مكتوب: أن لا يحتاج الأمن إلى تفسيرٍ مطوّل بعد تحقيقه. وأن لا يُقلق أحدٌ بوجودهم، لأن القلق الحقيقي يبدأ حين تظهر الحراسة للعلن، وتصبح الحماية عنواناً لعجزٍ لا لاقتدار.

إنهم حراس المناطق الغامضة، يظلون على مسافةٍ واحدة من الخطر ومن النجاة، يرصدون الأول ويمهّدون للثانية. لا يُطلب منهم التصفيق، ولا يلتفتون إليه إن قُدّم. لأنهم يعرفون أن أثقل الهزائم تأتي حين تتكلم الأفعال أكثر من اللازم، وأن أثمن الانتصارات حين تقول أقل مما تفعل.

وحين نبحث عن آثارهم… لا نجدها. لا لأنهم لم يمروا، بل لأنهم مَرّوا كما يجب، دون أن يخلّفوا خلفهم ما قد يتحوّل يوماً إلى ثغرة.
فالظل، لمن يفهم الحراسة، ليس غياباً للضوء… بل طريقة ذكية لاستخدامه.



#هدى_زوين (هاشتاغ)       Huda_Zwayen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية الغامضة بين زمنين
- أعاصير الغربان: نبوءةُ عاصفةٍ تحوّلُ مصير الأوطان
- الرداء الأبيض...من نور البداية إلى سكون الرحيل
- من فلسطين إلى لبنان الجنوب… أرض وهوية لا تنكسر
- أزمة وطن في دائرة مغلقة
- محطات الإنسان في رحلة الحياة
- الفصول تعود... والبشر يرحلون عن أنفسهم
- الإنسانية المنكسرة في زمن السرعة
- الوطن بيتنا الكبير: التآخي طريق الكرامة والحرية
- جوهر الرجولة بين البقاء والاندثار
- بين الغابة والمدينة… ضياع الإنسانية في عصرنا
- الكورد: شعب الجبال وروح الحرية
- السلام ثمرة العدالة
- أصوات الفن المسلوبة: من الإبداع إلى الإهمال
- في حضرة الجنوب… الأرض تكتب أسماء شهدائها...
- الحياة ومعادلة التوازن الإنساني..
- العمل شرف لا ينتظر الوظيفة
- الصفقات الهستيرية: دائرة مفرغة من الفساد والتكرار
- هل فقدنا ثقافة الحوار في بيوتنا؟
- ملفات كتبت بدماء العدالة المؤجلة.


المزيد.....




- For a Green Peace: Restoring the Small Water Cycles to Save ...
- Fascism Is on the Rise, but What About Resistance?
- Venezuela, Wars of Aggression, and Nuremberg Law
- مونديال 2026: أرقام قياسية في كل المجالات.. هل مازالت كرة ال ...
- “Gazafication” of the West Bank
- Frozen Aid, Gaza Shivers, and Trump’s Deal Melts Away
- Deliberate Contradiction: How the West Plays Dumb and Kills ...
- عن نزع السلاح في غزة ولبنان
- Social Strikes: Can General Strikes, Mass Strikes, and Peopl ...
- لأوسع تحرّكٍ سياسي وطني وشعبي، فلا مصلحة للبنان بالدخول بمفا ...


المزيد.....

- [كراسات شيوعية]اغتيال أندريه نين: أسبابه، ومن الجناة :تأليف ... / عبدالرؤوف بطيخ
- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - هدى زوين - رجال الظل.. حراس لا تُرى آثارهم