أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - هدى زوين - بين الغابة والمدينة… ضياع الإنسانية في عصرنا














المزيد.....

بين الغابة والمدينة… ضياع الإنسانية في عصرنا


هدى زوين
كاتبة

(Huda Zwayen)


الحوار المتمدن-العدد: 8479 - 2025 / 9 / 28 - 21:31
المحور: حقوق الانسان
    


هل نحن نعيش في غابة مليئة بالحيوانات المفترسة، أم في عصرٍ غارقٍ بالشر والحقد؟ أسئلة تلاحقنا كل صباح، ونحن نشاهد أيامنا تمر، وسنين تتوالى بلا رحمة، وكل شيء من حولنا يتغير بلا توقف.
لقد تبدلت الحياة، وصارت معاييرها ضبابية، فلم يعد للصدق مكان، ولا للرحمة عنوان، ولا للصبر قيمة إلا عند من ندر وجودهم.

في هذا الزمن، صار كثيرون يتحدثون عن بطولات مزعومة، يتباهون بأفعال منفرغة من الحقيقة، وكأن الفخر أصبح مجرد صدى فارغ، دون معدن أو جوهر. تحوّل الكلام عن العظمة إلى لغة تزييفية، والإنجازات الحقيقية اختفت بين ضجيج الأصوات الفارغة، بين من يتحدث عن نفسه ويضخم صورته، ليغطي على فراغ روحه.

لقد فقدت الإنسانية جزءًا كبيرًا من حضورها، وبدت القيم كأنها رماد في الرياح. الأخلاق الصلبة التي كانت تربط بين الناس، والوفاء الذي كان يصنع الثقة، والرحمة التي كانت تمنح العالم جماله، كلها تلاشت أمام مزيج من الأنانية، والطمع، والحقد المستتر. أصبح كل شيء مباحًا إذا لم يره القانون أو لا يراقبه أحد، وصارت القلوب مغلقة على ذاتها، والعيون لا ترى إلا مصالحها الضيقة.

والأسوأ من ذلك، أننا نعيش عصر المعلومات والسرعة، حيث كل لحظة تحمل خبرًا جديدًا، وصورةً جديدة، وكلمةً جديدة، لكن الإنسان الحقيقي، الذي يحمل قلبًا نابضًا بالصدق، صارت أصواته تتلاشى وسط هذا الصخب.
وفي الوقت نفسه، يبدو الصبر كالمنقرض، فلا صبر على الفقد، ولا على التحديات، ولا على الآخرين، ولا حتى على أنفسنا. كل شيء صار سريعًا، كل شيء صار لحظة عابرة، وكل إنسان يتحدث عن نفسه وكأنه محور الكون، من دون أي تقدير للآخر، أو وعي بأن الحياة أكثر من بطولات فردية فارغة.

لكن، رغم كل هذا، ما زال الأمل موجودًا. الأمل في أن نجد من يحمل قلبًا إنسانيًا صادقًا، ومن يقيم الرحمة فوق الحقد، والصبر فوق التسرع، والصدق فوق التزييف. الأمل في أن يعود الإنسان إلى جوهره، إلى معدن روحه، إلى القيم التي صنعته فريدًا في هذا العالم، وأن يعي أن البطولة الحقيقية لا تأتي من الكلام، بل من العمل الصادق، من التضحية، من العطاء دون انتظار مقابل، ومن حماية الإنسانية قبل أي شيء آخر.

في النهاية، الحياة لن تتوقف بسبب هذا الضياع، لكنها تحتاج منا أن نعيد النظر في أنفسنا، لننقذ ما تبقى من قيم، لنصنع مجتمعات صالحة، ولنثبت أن الإنسان، مهما ضاع في الضباب، قادر على أن يستعيد نور الإنسانية التي فُقدت.



#هدى_زوين (هاشتاغ)       Huda_Zwayen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكورد: شعب الجبال وروح الحرية
- السلام ثمرة العدالة
- أصوات الفن المسلوبة: من الإبداع إلى الإهمال
- في حضرة الجنوب… الأرض تكتب أسماء شهدائها...
- الحياة ومعادلة التوازن الإنساني..
- العمل شرف لا ينتظر الوظيفة
- الصفقات الهستيرية: دائرة مفرغة من الفساد والتكرار
- هل فقدنا ثقافة الحوار في بيوتنا؟
- ملفات كتبت بدماء العدالة المؤجلة.
- أزمة بشر...
- السلطة التي ترقص على أنغام الشعب.
- أرصفة الروح: ممرات ضائعة في المدن الداخلية
- العنف الأسري… جرح صامت في قلب المجتمع.
- بين الحرية والمسؤولية:حين تتقاطع الحقوق مع الواجبات وتُختبر ...
- متى تزهر يا وطني؟
- بطالة الشباب: أزمة مجتمع أم فشل سياسات؟
- الفتاة العربية: بين الحرية والمسؤولية:حين تتقاطع الحقوق مع ا ...
- وحدة الوطن… صمام الأمان وبوابة المستقبل
- بعيدك يا حامي الوطن... رفعتَ رأسنا بشجاعتك يا لبنان
- رجل نزيه في مؤسسة فاسدة… هل ينجو؟


المزيد.....




- هيئتان حقوقيتان: مصادقة الكنيست على إعدام أسرى فلسطينيين توح ...
- لجنة بالكنيست تصدق على طرح مشروع قانون لإعدام أسرى فلسطينيين ...
- مدينة غزة تباد.. إسرائيل تدمر -برج مكة- وتشرد آلاف النازحين ...
- قراءة أولى.. لجنة بالكنيست تمرر مشروع قانون -إعدام الأسرى-
- عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى وإصابات واعتقالات بمدن الضفة ...
- مصرع صوماليتين أثناء محاولة لعبور المانش وإنقاذ عشرات المهاج ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى وإصابات واعتقالات بمدن الضفة ...
- الكنيست يناقش قانونا لإعدام الأسرى الفلسطينيين وسط سجال داخل ...
- انهيار 93% من خيام النازحين في غزة وسط حصار ومعاناة إنسانية ...
- حكم بالإعدام مع وقف التنفيذ لوزير صيني سابق في قضية رشوة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - هدى زوين - بين الغابة والمدينة… ضياع الإنسانية في عصرنا