أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - هدى زوين - السلطة التي ترقص على أنغام الشعب.














المزيد.....

السلطة التي ترقص على أنغام الشعب.


هدى زوين
كاتبة

(Huda Zwayen)


الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 00:47
المحور: الفساد الإداري والمالي
    


السلطة في جوهرها مسؤولية، وفي حقيقتها عقد ثقة بين الحاكم والمحكوم. لكن حين تنقلب الموازين، وتتحوّل هذه السلطة إلى راقصة تتمايل على أنغام الجماهير، يغدو المشهد أقرب إلى عرضٍ مسرحي منه إلى ممارسة حقيقية للقيادة.

فحين تُتقن السلطة فن "الإيقاع السياسي"، فإنها تعرف كيف تلتقط أصوات الناس لا من أجل الاستماع إليها، بل من أجل تطويعها. تصرخ الشعوب من وجع الفقر، فترد السلطة بأغنية عن "النهضة القادمة". يطالب المواطن بالعدالة، فترد بخطاب عن "الصبر والمستقبل المشرق". وحين يعلو صوت الحرية، تُقابلها برقصةٍ جديدة على أنغام الشعارات البراقة.

إنها رقصة بارعة تُبقي الجماهير مأخوذة بالمشهد، لكنها لا تقدّم لهم الخبز ولا العدالة. السلطة هنا لا تخاطب جوهر الاحتياجات، بل تُغطيها بموسيقى تُلهي العقول لحين.

ومن هنا يأتي السؤال
هل الشعب هو المايسترو الغائب؟

المفارقة الكبرى أن الشعب هو من يُفترض أن يكون المايسترو، قائد السيمفونية، وصاحب الصوت الأقوى. لكن حين يُغيب وعيه، ويتحول إلى "جوقة تصفيق"، يفقد دوره الطبيعي. السلطة التي ترقص لا تستطيع أن ترقص إلا إذا وجدت من يصفق، ومن يقبل بأن يكون مجرد متفرج في مسرحية سياسية طويلة.
إن غياب الوعي الشعبي يمنح السلطة مساحة أكبر لممارسة الاستعراض بدلًا من الحكم الرشيد. وهنا يتحوّل الوطن إلى مسرح، والمواطن إلى كرسي فارغ لا يُسمع له صوت إلا في لحظات التصفيق.

لكن متى تتحول الرقصة إلى سقوط؟
قد تنجح السلطة لبرهة في خداع الناس بالألحان والوعود، لكن الشعوب بطبيعتها لا تنام طويلًا. يأتي وقت يصبح فيه الصمت صرخة، والتصفيق صفعة، والأغاني هتافًا غاضبًا. عندها تتحوّل الرقصة التي بدت متوازنة إلى سقوطٍ مدوٍّ.

فالسلطة التي تعيش على التمثيل السياسي تفقد مصداقيتها بمرور الوقت، لأن الشعوب حين تجوع، أو تُهان كرامتها، أو تُسلب حقوقها، لا تعود تنظر إلى الرقصات والخطابات، بل تبحث عن حلول حقيقية تحفظ لها إنسانيتها.

القيادة الحقيقية ليست رقصًا على أنغام الناس، ولا استعراضًا في الميادين الإعلامية، بل هي مسؤولية أخلاقية أولًا، وسياسية ثانيًا. القائد الحق لا يتمايل مع صوت الشعب ليتزين به، بل ينصت إليه ليترجمه إلى سياسات عادلة.

فالسلطة التي تفهم أن قوتها من الشعب، لا عليه، تدرك أن وظيفتها أن تكون مرآة لآماله لا راقصة على جراحه. إن أعظم الأنظمة هي التي تحترم وعي الناس، وتحوّل أصواتهم إلى قرارات، لا إلى موسيقى استعراضية عابرة.

حيث ان السلطة التي ترقص على أنغام الشعب قد تُبهر البعض، لكنها لا تخدع التاريخ. فالتاريخ لا يسجل الخطابات ولا الألحان، بل يسجل العدالة والإنجاز. والشعوب مهما صمتت، ستظل يومًا ما هي المايسترو الذي يُسقط الرقصة، ليعيد التوازن بين الحاكم والمحكوم.



#هدى_زوين (هاشتاغ)       Huda_Zwayen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرصفة الروح: ممرات ضائعة في المدن الداخلية
- العنف الأسري… جرح صامت في قلب المجتمع.
- بين الحرية والمسؤولية:حين تتقاطع الحقوق مع الواجبات وتُختبر ...
- متى تزهر يا وطني؟
- بطالة الشباب: أزمة مجتمع أم فشل سياسات؟
- الفتاة العربية: بين الحرية والمسؤولية:حين تتقاطع الحقوق مع ا ...
- وحدة الوطن… صمام الأمان وبوابة المستقبل
- بعيدك يا حامي الوطن... رفعتَ رأسنا بشجاعتك يا لبنان
- رجل نزيه في مؤسسة فاسدة… هل ينجو؟
- على دوّامة الزجاج المكسور....
- -الإعلاميون في الظل... حين تصبح الشهادة عارًا والصورة جواز ع ...
- على دوّامة الزجاج المكسور..
- المواطن آخر الهموم… في جمهوريات الشعارات!
- حين تمرض العقول... يُصاب الوطن..
- الحياة تعيد نفسها...لكن الوجوه تتبدل...
- المهرجانات المزيفة: حين تتحوّل المنصات إلى مسارح للتفاهة
- بين وعود السماء ووعود الأرض... أتى الوعد الصادق
- بين الذاكرة الموروثة والذاكرة المبرمجة: صراع الإنسان في زمن ...
- من دفء العلاقات إلى برودة الشاشات..
- غرباء ..في زمن كنا نعرفه.


المزيد.....




- مسار الأحداث يسأل ماذا وراء فشل عمليات -جدعون- المتتالية؟
- أوتشا: تكثيف الهجوم على مدينة غزة سيؤدي إلى كارثة أعمق
- -لم نهزم حماس-.. وثيقة مسرّبة تُقر بفشل نتنياهو
- هل تنذر الخلافات الإسرائيلية بانهيار إستراتيجية الاحتلال الع ...
- ترامب محذرا بوتين: -سترى ما سيحدث- إذا لم تكن أمريكا راضية ب ...
- بعد استهداف قارب فنزويلي.. وزير الدفاع الأميركي يؤكد استمرار ...
- نائب ندّد بـ-سياسة الغرب الابتزازية- يتسلم قيادة جهاز الأمن ...
- محاكمة بولسونارو في البرازيل تثير الجدل.. محاموه يؤكدون تقيي ...
- أردوغان: لا يمكن أن نبقى متفرجين أمام جرائم نتنياهو
- محللون: مواجهة -ضم الضفة الغربية- المحتلة يتطلب تعاونا فلسطي ...


المزيد.....

- The Political Economy of Corruption in Iran / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - هدى زوين - السلطة التي ترقص على أنغام الشعب.