هدى زوين
كاتبة
(Huda Zwayen)
الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 17:50
المحور:
الادب والفن
في زوايا مظلمة من هذا العالم اللامع، حيث تتلاقى الأضواء مع الصمت، تُدار ألعابٌ لا يراها إلا من قرأ بين السطور. هناك، بعيدًا عن أضواء الكاميرات وتصفيق الجمهور، تُفتح أبواب لا يعلم بها إلا القليل، تُعقد صفقات تُقايض فيها أكثر مما يُظن، وأرواح تُهدَر دون أن يُسمع لها صوت.
خلف الأضواء المتلألئة وصخب الجماهير، يُنسج ما لا يُرى إلا عبر همسات الكواليس وظلالها الطويلة. هناك، بعيدًا عن العدسات، تُقام صفقات لا يعلن عنها، تُفرض فيها شروط أغلى من الأداء: حريةُ التعبير، كرامةُ الذات، ومستقبل الإبداع. ليس الفن وحده ما يُعرَض للبيع، بل استقلالية الروح التي من المفترض أن تحرّكها.
تتسلل الأطراف الخفية، بيدٍ من حديد وقناع من ابتسامة مزيفة، تفرض شروطها ببطء ولكن بثبات، فتُحوّل منصة الاحتفال إلى ساحة لتجارةٍ لا ترحم. هناك، حيث تتحكّم جهات لا تُرى بقرارات تُبدل مجرى المواهب، وتُعيد تشكيل الوجوه بحسب ما تريده لعبة السلطة والمال.
أما من يقف في الظل الأعمق، فهم أولئك الذين يشترون المشاهد ويحركون الحشود عبر بوابات لا تُفتح إلا لمن يدفع الثمن. لا تسمع أصواتهم، لكن تأثيرهم يمتد، يرسّخ قواعد جديدة للنجاح لا تعرف غير لغة المساومة، ولا تعترف بموهبةٍ لم تُزج فيها.
في هذه الخفايا، يتحول الفن إلى سلعة، والمهرجان إلى مزاد يدور خلف ستائر الليل، حيث تُباع الآمال وتُشترى الصفقات على طاولات لا يطأها الضوء. وهنا لا مجال لمن يرفض أن يدفع الثمن، فمصير الموهبة أن تُنسى أو تُغرق في بحر النسيان، بينما تُصنع النجوم من خامات تتماشى مع ما يُطلب منهم.
ومهما علت الأصوات التي تُحاول كشف الحقيقة، يبقى الغموض يتسلل بين الزوايا، وتزداد قوة تلك القوى التي لا تُرى، فتبتلع كل ما يُشبه الحرية، وتحوّل المهرجانات من فضاءات احتفاء بالإبداع إلى حلقات في سلسلة لا تنتهي من المساومات المتبادلة.
في النهاية، ما يُعرض على المسرح ليس سوى جزء صغير من قصة أكبر، قصة تتنقل فيها الأدوار بين من يطلب ومن يُلبّي، حيث لا ينتصر الفن إلا حين يُباع، والكرامة تُقاس بكمية الرضا الذي تُفرَض عليه. وبين ضجيج الأضواء، يُخفي الليل قصصًا لا تُروى، وتظل الحقيقة معلقة بين ما يُرى وما يُختفى..
#هدى_زوين (هاشتاغ)
Huda_Zwayen#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟