أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - البرد يحاصر غزّة... والصمت يكمّل الجريمة














المزيد.....

البرد يحاصر غزّة... والصمت يكمّل الجريمة


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8569 - 2025 / 12 / 27 - 23:34
المحور: القضية الفلسطينية
    


لا يموت الغزّيون برداً لأنّ الطقس قاسٍ فحسب، بل لأنّ القسوة صارت نظاماً، ولأنّ البرد تحوّل إلى أداة من أدوات الحرب. في غزة لم يعد الشتاء فصلاً عابراً، بل حكماً بالإعدام البطيء، يُنفَّذ على أجساد أنهكها الحصار، وأرواحٍ تُركت بلا حماية.

في خيامٍ لا تقي من الريح ولا تصدّ المطر، يرتجف الأطفال تحت أغطية رقيقة، إن وُجدت أصلا.ً السماء مثقوبة، والأرض مبتلّة، والبرد يتسلّل إلى العظام كما يتسلّل الصمت إلى الضمير العالمي. في غزة لا تُقاس درجات الحرارة بمقاييس الأرصاد، بل بعدد الأجساد التي لم تحتمل ليلةً أخرى بلا دفء.

ليست المأساة في انخفاض الحرارة وحده، بل في غياب أبسط مقوّمات النجاة. لا وقود للتدفئة، ولا كهرباء، ولا منازل تؤوي أصحابها. يُحاصَر الغزّيون حتى في حقّهم بالاحتماء من البرد، بينما تُغلَق المعابر، وتُمنَع المساعدات، ويُترك الناس في مواجهة الطبيعة بلا أي وسيلة دفاع.

المفارقة القاتلة أنّ العالم يراقب. تُنقَل الأرقام، وتُبَثّ الصور، وتُعقَد المؤتمرات، لكنّ الأغطية لا تصل، والمدافئ لا تدخل، والخيام تبقى هشّة أمام الريح. يُحصى عدد الصواريخ، ولا يُحصى عدد الأطفال الذين قضَوا ليلهم يرتجفون حتى توقّف القلب.

ما يجري في غزة ليس كارثةً طبيعية، بل جريمة سياسية. البرد في غزة نتيجة مباشرة للحصار، ولقرارٍ دولي غير معلَن بترك الناس يموتون ببطء، بعيداً عن ضجيج القصف، وقريباً من صمت العالم. حين يُمنَع الدفء عن الضحية، وتُمنَح النار للجلّاد، يصبح الشتاء شريكاً في القتل.

يموت الغزّيون برداً، والعالم يتدفّأ بالبيانات الباردة. تموت العائلات في الخيام، بينما تُؤجَّل العدالة، ويُرحَّل الألم إلى نشرات الأخبار. وفي كلّ ليلة باردة، يتكرّس السؤال نفسه: كم جسداً آخر يجب أن يرتجف حتى يتحرّك هذا العالم؟

محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهمُ الرِّهاناتِ… وحقيقةُ الدّمِ في غزّة!
- حين يصبح الصمت شراكة في الجريمة: غزّة تحت إدارة الموت
- ميلادٌ في زمن الجراحِ: حين يعلو الأَذانُ في الكنائس من أَجل ...
- غزة… حين يشبه البردُ الغياب
- القضية الفلسطينية في لبنان: صراع سلطة أم تصفية حقوق؟
- البيت الذي بُني لفلسطين… ولم يعد لها!
- أملاك منظمة التحرير في لبنان: الكنز الذي يتبخر بصمت!
- حين تُباع الذاكرة: من خوّلهم بيع أملاك الشعب الفلسطيني في لب ...
- حين يُغيب الشعب الفلسطيني عن القرار… حزن الوطن يزداد!
- الكتابة عن فلسطين: بيان الموت المؤجَّل
- فلسطين… حين تسقط الإنسانية من جدول الأعمال
- حين تُنجب الأمهات للوطن وحده
- حين تُفتحُ الأبوابُ لحميرِ غزّة… وتُغلَقُ في وجهِ أطفالِها
- غزّة تحت العاصفةِ… وحدها في مُواجهةِ البردِ والموتِ
- منتخب فلسطين… كرةٌ تركل الظلام وتنهض من تحت الركام
- حين يُنزلون العلم… ولا يستطيعون إنزال الحقيقة
- باسل الأعرج… حين تصنعُ الأُمُّ بوصلة المُقاومةِ الأُولى
- من جنين إلى الأمتين العربية والإسلامية… فصلٌ جديدٌ من النذال ...
- ترابُ فلسطين لا يحتضنُ الخونة!
- أُم غازي… آخرُ زهرةٍ من بلد الشّيخ


المزيد.....




- -خلقت ثروة طائلة-.. ترامب يعدد فوائد الرسوم الجمركية على زيا ...
- بوتين يقول إنه غير مستعجل وزيلينسكي يوضح -الخطوط الحمراء-
- أوغندا تضيع فوزا ثمينا بعد هدر ضربة جزاء وتكتفي بالتعادل 1-1 ...
- الاتحاد الأوروبي يحث على احترام -وحدة وسيادة- الصومال إثر اع ...
- شاهد.. انتشال جثمان طفل غرق في بئر بعد محاولات لإنقاذه بغزة ...
- ما مصلحة إسرائيل من الاعتراف بأرض الصومال؟
- ما تداعيات الاعتراف الإسرائيلي الرسمي بـ-جمهورية أرض الصومال ...
- مخيمات النزوح في السودان.. ولادة بلا تجهيزات وتعليم بلا أدوا ...
- رئيس وزراء الصومال: إسرائيل تسعى لموطئ قدم بالقرن الأفريقي
- البرهان: لن نقبل هدنة ما دام الدعم السريع في شبر واحد من الس ...


المزيد.....

- قراءة في وثائق وقف الحرب في قطاع غزة / معتصم حمادة
- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - البرد يحاصر غزّة... والصمت يكمّل الجريمة