أفق التسوية السورية: قراءة في زيارة الجنرال مظلوم عبدي لدمشق واستحقاقات المرحلة الانتقالية

مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8569 - 2025 / 12 / 27 - 21:24
المحور: القضية الكردية
    

مروان فلو - ٢٧/١٢/٢٠٢٥
​في خطوة وُصفت بأنها "الملاذ الأخير" لرأب الصدع الوطني، شهدت العاصمة السورية دمشق مساء السبت، السابع والعشرين من كانون الأول لعام ٢٠٢٥، وصول القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الجنرال مظلوم عبدي، على رأس وفد رفيع المستوى يضم ثقلاً سياسياً وعسكرياً واجتماعياً من شمال وشرق سوريا (١). وتأتي هذه الزيارة، المدعومة بحضور دولي وأميركي رفيع، لتدشين مرحلة حاسمة من المفاوضات مع رئيس الجمهورية السورية للمرحلة الانتقالية، السيد أحمد الشرع، بهدف تفعيل بنود اتفاق "١٠ آذار" وتجاوز عثرات الانقسام التي أرهقت الجسد السوري لسنوات (٢).
​المبادئ السيادية والمطالب المحقة للإدارة الذاتية
​لا تنطلق مفاوضات الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية من موقع المحاصصة، بل من رؤية وطنية شاملة ترى في "اللامركزية" صمام أمان لوحدة التراب السوري. وتتمحور هذه المطالب حول ركائز أساسية لا تقبل التجزئة:
​١. وحدة "قسد" ككتلة عسكرية متماسكة: انطلاقاً من مبدأ "الجيش الواحد للدولة الواحدة"، تصر قوات سوريا الديمقراطية على أن يتم دمجها ضمن هيكلية المؤسسة العسكرية السورية كـ "كتلة واحدة" ومنظمة، تحفظ خبراتها الميدانية وخصوصيتها المهنية التي اكتسبتها في محاربة الإرهاب، بعيداً عن سياسات التذويب التي قد تضعف القدرات الدفاعية للمنطقة (٣).
​٢. اللامركزية وإدارة المنطقة من قبل أهلها: يمثل التمسك بنظام اللامركزية -المستند إلى تطوير القانون ١٠٧ جوهر الحل المستدام؛ حيث يُمنح سكان المحافظات السورية الحق الأصيل في انتخاب محافظيهم ومسؤوليهم المحليين، وضمان إدارة الموارد والثروات الطبيعية بشكل تشاركي يضمن توزيع العوائد بعدالة على كافة السوريين عبر المؤسسات الرسمية (٤).
​٣. الحماية العضوية للأحياء الكُوردية في حلب: تبرز ضرورة قصوى لربط مناطق "روج آفا" إدارياً وأمنياً بحيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب. إن الاعتداءات الأخيرة التي شنتها فصائل تابعة للحكومة الانتقالية -أو تلك المحسوبة على أجندات خارجية وتحديداً تركيا- بآليات ثقيلة على هذه الأحياء، تثبت أن أمن المواطنين الكُورد هناك لا ينفصل عن أمن الشمال والشرق، وأن أي اتفاق لا يضمن حماية هذه المكونات من تغول الجماعات المسلحة سيظل اتفاقاً منقوصاً (٥).
​العقبات الميدانية وتحدي الثقة
​بالتزامن مع أجواء التفاؤل في دمشق، تلبدت غيوم التوتر في حلب، حيث كشف الهجوم بالدبابات والأسلحة الثقيلة على حي الشيخ مقصود عن وجود قوى "عميقة" تحاول تقويض العملية السلمية. وترى الإدارة الذاتية أن هذه التصعيدات، وما رافقها من اتهامات متبادلة حول عمليات القنص، تستوجب وجود "ضمانات دولية" صلبة (٦). وفي هذا السياق، جاءت مطالبة السيد أحمد الشرع بإشراف أميركي مباشر على عملية دمج القوات لتبديد مخاوف انعدام الثقة وضمان التزام كافة الأطراف بالجدول الزمني للتنفيذ.
​آفاق التكامل المؤسساتي
​يتضمن الاتفاق المرتقب خطوات تنفيذية ملموسة تشمل إعادة تفعيل الدوائر الحكومية السيادية (كالسجل العقاري والمدني) في مناطق الإدارة الذاتية، وإدارة المعابر الحدودية بشكل مشترك ينسجم مع نظام الدولة ويحفظ حقوق الكوادر الحالية (٧). إن نجاح الجنرال مظلوم عبدي والوفد المرافق له -الذي ضم شخصيات وازنة مثل إلهام أحمد، وبدران چيا كورد، والشيخ مانع حميدي دهام الهادي- يمثل الفرصة التاريخية الأهم لصناعة سورية جديدة، تعددية، وديمقراطية، تُدار من قبل أبنائها في كافة الأقاليم.
++++++++++++++++++&&&
​المراجع:
​(١) تصريحات مصدر رفيع في الإدارة الذاتية لشبكة رووداو الإعلامية، ٢٧ كانون الأول ٢٠٢٥.
(٢) تقرير خاص من كوردستان ٢٤ حول وصول الوفد الدولي المرافق للجنرال مظلوم عبدي لدمشق.
(٣) إحاطة ياسر سليمان، المتحدث باسم وفد الإدارة الذاتية المفاوض، حول الملف العسكري السوري.
(٤) وثيقة مبادئ اتفاق "١٠ آذار ٢٠٢٥" المتعلقة بالنظام الإداري واللامركزية السياسية.
(٥) بيان قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية حول الهجمات العسكرية على حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب.
(٦) تصريحات العقيد محمد عبد الغني حول التوترات الأمنية في حلب وردود الأفعال الميدانية.
(٧) مذكرات التفاهم المشتركة حول إدارة المعابر والثروات الطبيعية السورية، كانون الأول ٢٠٢٥.

#مروان_فلو (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل