أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 813 - إيران في قبضة التناقضات الكبرى














المزيد.....

طوفان الأقصى 813 - إيران في قبضة التناقضات الكبرى


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8569 - 2025 / 12 / 27 - 21:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي


28 ديسمبر 2025


مقدمة: إعتراف نادر في نظام لا يحب الإعتراف

نادراً ما يصدر عن رئيس إيراني حديثٌ بهذه الدرجة من الصراحة القاسية، بل والمكاشفة الذاتية، كما يفعل الرئيس مسعود بزشكيان منذ توليه السلطة. ففي مقال تحليلي لافت نشره المؤرخ والكاتب الروسي فاليري بورت 26 كانون الاول/ ديسمبر 2025 في مؤسسة الثقافة الاستراتيجية، نقرأ صورة لإيران مختلفة عن الخطاب التعبوي المعتاد؛ إيران منهكة، محاصرة، ومتعبة من ذاتها قبل أعدائها.
يكتب بورت أن بزشكيان، وهو جرّاح قلب سابق إعتاد إجراء العمليات المعقدة، إعترف على نحو غير مسبوق بعجزه عن “صنع المعجزات” في إدارة الدولة، قائلاً بوضوح: «مشاكل إيران ليست من صنع الولايات المتحدة أو إسرائيل… المشكلة فينا نحن».
هذا التصريح، بحد ذاته، يشكل خرقًا في جدار الخطاب الرسمي الإيراني الذي طالما حمّل الخارج مسؤولية كل إخفاق داخلي.

أولاً: من خطاب المقاومة إلى خطاب المحاسبة الذاتية

يلاحظ الكاتب أن بزشكيان كسر تقليدًا راسخًا حين رفض تحميل العقوبات أو المؤامرات الخارجية كامل المسؤولية، وذهب إلى تسمية الأسباب الداخلية بأسمائها: «الفساد، الصراع بين الأجنحة، والسياسات المالية العبثية التي تشبه ما يفعله المجانين».
هذه اللغة، كما يشير بورت، لم تكن زلة لسان، بل توجهاً متكرراً عبّر عنه الرئيس أمام الطلاب، والمسؤولين المحليين، وحتى المحافظين، حين دعاهم إلى: «حل مشاكلهم بأنفسهم، وعدم إنتظار الحكومة المركزية».
وهو طرح أقرب إلى تفكيك المركزية الصلبة التي حكمت الجمهورية الإسلامية لعقود.

ثانياً: صمت المرشد… تواطؤ أم حسابات أعلى؟

الأكثر إثارة، بحسب المقال، ليس ما قاله بزشكيان، بل ما لم يقله المرشد الأعلى علي خامنئي. فرغم جرأة النقد، لم يتدخل المرشد لإيقاف هذا السيل من التصريحات، ما يطرح تساؤلاً جوهرياً: هل حصل الرئيس على ضوء أخضر غير معلن؟
لكن خامنئي نفسه، كما يذكّر بورت، لا يزال يتبنى خطاباً نقيضاً تماماً، مؤكداً في نوفمبر 2025: «لقد إنتصر الشعب الإيراني على أمريكا وإسرائيل… عادوا خائبين ولم يحققوا أيًا من أهدافهم».
هنا تتجلى الازدواجية العميقة في قمة السلطة: رئيس يعترف بالأزمة، ومرشد يعلن النصر.


ثالثاً: إنقسام داخل النخبة… وإنهيار في الرؤية

لا يقف التباين عند هذا الحد. فالرئيس الأسبق حسن روحاني يذهب أبعد، معترفًا بأن البلاد: «في مأزق سياسي وإقتصادي بلا مخارج واضحة».
أما التصريح الأخطر، فيأتي من نائب الرئيس السابق إسحاق جهانغيري، الذي قال صراحة: «إيران في طريق مسدود إستراتيجي، ولا أحد في القيادة يعرف ماذا يفعل».
ويشير بورت إلى أن خطورة هذا الكلام لا تكمن في مضمونه فقط، بل في كسره للمحرّم: توجيه النقد الضمني إلى المرشد نفسه. ومع ذلك، لم تقع “عاصفة سياسية”، وكأن النظام قرر تجميد الخلافات العلنية خوفاً من لحظة إنفجار أكبر.

رابعاً: أزمات بنيوية… من الماء إلى العملة

يسرد المقال سلسلة أزمات تضغط على الدولة الإيرانية من كل إتجاه:
•أزمة المياه التي دفعت الرئيس إلى إقتراح صادم: نقل العاصمة إلى سواحل الخليج وهو إقتراح تراجع عنه لاحقاً بسبب كلفته الكارثية، رغم أنه كان مطروحًا منذ عام 2013.
•إنهيار البنية التحتية ونقص الكهرباء.
•سقوط الريال الإيراني الذي “يدفن تحته آمال السكان”، على حد تعبير الكاتب.
ويستشهد بورت بتوقعات صندوق النقد الدولي (أكتوبر 2025):
•نمو الناتج المحلي في 2025: 0.6% فقط
•التضخم: 43.3% – من الأعلى عالميًا

خامساً: الهجرة والإحتقان الإجتماعي… والجيل القادم

نتيجة هذا الإنسداد، تتسارع هجرة الكفاءات، وهو ما حذر منه بزشكيان علناً، متحدثًا عن: «نزيف العقول».
في الداخل، تتجدد الإحتجاجات، لكنها تبقى: عفوية، غير منظمة، وقابلة للقمع.
غير أن القلق الحقيقي، كما يرى بورت، يكمن في صعود جيل Z «الزومرز»: شباب لا يهتفون، بل:
يغنون في الساحات، ويرقصون في الحدائق، وينشرون فيديوهات ساخرة وناقدة
ويطرح الكاتب السؤال الحاسم: «من يضمن ألا يتحول هذا الغناء غداً إلى إنتفاضة؟»


سادساً: الحرب مع إسرائيل… كلفة قصيرة وندوب كبيرة

يصف بورت المواجهة الأخيرة مع إسرائيل بأنها: «صدمة إستراتيجية حقيقية» رغم قصرها الزمني (أقل من أسبوعين).
النتائج: آلاف القتلى والجرحى، وتدمير مئات المنشآت، وكلفة صاروخية تقدَّر بـ 4.7 مليار دولار (وفق IranWire)، وأضرار جسيمة في البرنامج النووي.
ورغم ذلك، يشير الكاتب إلى أن: إيران تعيد بناء ترسانتها الصاروخية بوتيرة متسارعة
وهو ما يقلق إسرائيل أكثر من الملف النووي ذاته.


خاتمة: نبوءة المطر الأحمر

ينهي فاليري بورت مقاله بصورة رمزية ثقيلة: أمطار حمراء في جزيرة هرمز فسّرتها الصحافة البريطانية كـ”علامة نهاية”.
قد يكون هذا التوصيف مبالغًا فيه، كما يقول الكاتب، لكن المؤكد أن: الشرق الأوسط يقف على عتبة زلزال جديد
وأن عدد المشككين في إندلاع حرب كبرى يتناقص بسرعة.

الخلاصة

ما يقدمه هذا المقال ليس مجرد توصيف لأزمة إيرانية، بل تشريح لنظام عالق بين الإعتراف والإنكار، بين دولة تعرف أوجاعها، ونخبة تخشى مواجهة حقيقتها كاملة.
إنها إيران في قبضة التناقضات…
وتلك، كما يعلم التاريخ، أخطر مراحل الدول.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 812 - في بغداد، القلق لا ينتهي: نظرة على إرث ال ...
- طوفان الأقصى 811 - النفط كقدر جيوسياسي: روسيا وترامب وممالك ...
- طوفان الأقصى 810 - المتاهة السورية: بين وهم التسوية وشبح الح ...
- طوفان الأقصى 809 - «ما هي الكلمة المسيحية في مواجهة الإبادة؟ ...
- في ذكرى عيد ميلاده - ستالين بين ذروة القوة وثمنها الفادح
- طوفان الأقصى 808 - إسرائيل على حافة الهاوية - قراءة في أطروح ...
- طوفان الأقصى 807 - الإمارات في مواجهة السعودية: تفكك معسكر “ ...
- طوفان الأقصى 806 - كيف وضعت إسرائيل والولايات المتحدة نفسيهم ...
- ألكسندر دوغين - يجب تدمير الإتحاد الأوروبي (برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 805 - المستوطنون لن يرحلوا: تفكيك الإستعمار لا ...
- طوفان الأقصى 804 - إيران بين تلقي الضربة والرد - كيف أعادت ط ...
- ألكسندر دوغين - الاتحاد الأوروبي إلى مزبلة التاريخ: كيف سيقس ...
- طوفان الأقصى 803 - نهاية «الإستثناء الإسرائيلي»: حين تتحوّل ...
- جيفري ساكس - عداء روسيا: كارثة لأوروبا
- طوفان الأقصى 802 - إسرائيل والشرق الأوسط بعد الزلزال: من وهم ...
- ألكسندر دوغين - ترامب يدهش العالم مجددًا
- الأقصى 801 - إستغلال هجوم أستراليا: بين الإدانة الأخلاقية وت ...
- ألكسندر دوغين - ضباب كثيف يلف الدبلوماسية - برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 800 - يائير لابيد: إسرائيل عند مفترق تاريخي
- حرب أوكرانيا - وجهة نظر تاريخية سياسية دينية


المزيد.....




- إسرائيل -تسخر- من رفض الخارجية الفلسطينية -الاعتراف بصومالي ...
- روسيا تقصف كييف بمسيرات وعشرات الصواريخ قبل اجتماع زيلينسكي ...
- أرض الصومال.. جذور النشأة والخلاف مع دولة الصومال
- ارتفاع شهداء وجرحى خروقات إسرائيل لوقف إطلاق النار بغزة
- -مسار الأحداث- يناقش القضايا التي يتوقع أن يبحثها نتنياهو مع ...
- -خلقت ثروة طائلة-.. ترامب يعدد فوائد الرسوم الجمركية على زيا ...
- بوتين يقول إنه غير مستعجل وزيلينسكي يوضح -الخطوط الحمراء-
- أوغندا تضيع فوزا ثمينا بعد هدر ضربة جزاء وتكتفي بالتعادل 1-1 ...
- الاتحاد الأوروبي يحث على احترام -وحدة وسيادة- الصومال إثر اع ...
- شاهد.. انتشال جثمان طفل غرق في بئر بعد محاولات لإنقاذه بغزة ...


المزيد.....

- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 813 - إيران في قبضة التناقضات الكبرى