أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - وهمُ الرِّهاناتِ… وحقيقةُ الدّمِ في غزّة!














المزيد.....

وهمُ الرِّهاناتِ… وحقيقةُ الدّمِ في غزّة!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8569 - 2025 / 12 / 27 - 15:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


في غزة لم تعد الكلمات ترفاً سياسياً، ولا الشعارات زينةً لخطاب متخم بالعجز.

في غزة كل حرف يُكتب بدم، وكل جملة تُصاغ من تحت الركام، وكل رأي يولد في لحظة انقطاع كهرباء أو بعد سماع دويّ انفجار يهزّ الذاكرة قبل أن يهزّ الجدران.
وفي هذا الركن المحاصر من العالم، لا ينتظر الناس من أحدٍ وعوداً… فقد تعلّموا، بمرارة القهر، أن من يراهن على أمريكا فهو واهم، ومن يراهن على الغرب فهو واهم، ومن يراهن على الاحتلال فهو أكثر الناس وهماً.

منذ سنوات طويلة، تتصدّر واشنطن عناوين الأخبار بعبارات جاهزة: "ضبط النفس"، "حق الدفاع عن النفس"، "حل الدولتين". كلمات تلمع في بيانات رسمية بينما تفقد بريقها عند بوابة غزة، حيث يُحفر كل يوم قبر جديد، وتُكتب شهادة ميلاد طفل جديد وفوقها سؤال واحد: هل سيعيش ليكبر؟
لقد عرف الغزيون أن البيت الأبيض لا يسمع إلا ما يريده، وأن الإنسانية بالنسبة إليه مصطلح اختياري، يُفعّل حين يكون الضحية مناسباً سياسياً، ويُلغى حين يكون الاسم "غزة".

أما أوروبا التي تتغنّى ليلاً بنصوص حقوق الإنسان، فقد اختارت تجاهل أكثر الشعوب اختباراً لهذا الحق. القارة التي تبكي على جدار برلين، لا تذرف دمعة على جدار غزة. القارة التي تخلّد ذكرى ملايين الضحايا، عاجزة عن منح دقيقة صمت واحدة لمخيم يختنق تحت النار والحصار.
الغرب الذي يتبنى “القيم” ترك غزة تواجه وحدها موتاً جماعياً بطيئاً، وواصل إرسال خطابات التضامن الفارغة التي لا توقف قذيفة ولا تنقذ طفلاً من تحت الخرسانة.

الاحتلال الذي يروّج لنفسه كأقوى من الطبيعة، يخاف من طفل يحمل حقيبة مدرسية أكثر مما يخاف من جندي يحمل بندقية. الاحتلال الذي دمّر البيوت فوق رؤوس ساكنيها، لم يستطع أن يطمس رواية واحدة من روايات غزة.
القوة التي تعتمد على القصف لا تنتصر، وربما تدمر كل شيء، لكنها لا تنتصر… لأن الانتصار يحتاج روحاً، والروح لا تُهزم بالدبابات.

في قطاع غزة لا شيء طبيعي. النوم ليس طبيعياً، والصمت ليس طبيعياً، والحياد خيانة عاطفية للذاكرة الجماعية التي عاشتها هذه البقعة. في غزة يُقاس اليوم بعدد الانفجارات، ويُقاس الليل بطول الطوابير على الماء، ويُقاس الصبر بمقبرة جديدة تُحفر دون لوحات تعريف.
ومع ذلك… غزة تقف.
تقف لأنها لا تملك رفاهية السقوط.
تقف رغم الجراح المفتوحة.
تقف لأن أطفالها يكبرون قبل أوانهم ويتعلمون أن العالم ليس عادلاً، لكن كرامتهم ليست ورقة للمساومة.

غزة لم تعد تنتظر أحداً.
رهانها على نفسها، على نبض أناسها الذين رغم القصف يرممون حياة جديدة من تحت الغبار. على الطوابير التي تصطف للحصول على ربطة خبز، وعلى الأيدي التي ترفع جريحاً وتقول "لن تموت اليوم".
رهانها على أمٍ تودّع أبناءها وتصرّ أن تظل واقفة، وعلى شاب يبحث بين الركام عن كتابه المدرسي، وعلى شيخ يقول بصوت مبحوح: "لن نغادر".

من يراهن على أمريكا فهو واهم، ومن يراهن على الغرب فهو واهم، ومن يراهن على الاحتلال فهو واهم.
أما غزة… فلا تراهن إلا على قوتها الداخلية، على صلابة ناسها، وعلى تلك الروح التي لم تُقصف رغم قصف كل شيء.
غزة ليست مجرد مكان.
غزة امتحانٌ أخلاقي… رسب فيه العالم، ونجح فيه الصامدون وحدهم.

محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يصبح الصمت شراكة في الجريمة: غزّة تحت إدارة الموت
- ميلادٌ في زمن الجراحِ: حين يعلو الأَذانُ في الكنائس من أَجل ...
- غزة… حين يشبه البردُ الغياب
- القضية الفلسطينية في لبنان: صراع سلطة أم تصفية حقوق؟
- البيت الذي بُني لفلسطين… ولم يعد لها!
- أملاك منظمة التحرير في لبنان: الكنز الذي يتبخر بصمت!
- حين تُباع الذاكرة: من خوّلهم بيع أملاك الشعب الفلسطيني في لب ...
- حين يُغيب الشعب الفلسطيني عن القرار… حزن الوطن يزداد!
- الكتابة عن فلسطين: بيان الموت المؤجَّل
- فلسطين… حين تسقط الإنسانية من جدول الأعمال
- حين تُنجب الأمهات للوطن وحده
- حين تُفتحُ الأبوابُ لحميرِ غزّة… وتُغلَقُ في وجهِ أطفالِها
- غزّة تحت العاصفةِ… وحدها في مُواجهةِ البردِ والموتِ
- منتخب فلسطين… كرةٌ تركل الظلام وتنهض من تحت الركام
- حين يُنزلون العلم… ولا يستطيعون إنزال الحقيقة
- باسل الأعرج… حين تصنعُ الأُمُّ بوصلة المُقاومةِ الأُولى
- من جنين إلى الأمتين العربية والإسلامية… فصلٌ جديدٌ من النذال ...
- ترابُ فلسطين لا يحتضنُ الخونة!
- أُم غازي… آخرُ زهرةٍ من بلد الشّيخ
- رجالٌ يحملون الشمس على أكتافهم… حكايةُ نخوةِ رجالٍ من غزّة!


المزيد.....




- قبيل لقاء ترامب وزيلينسكي.. روسيا تشن موجة من الهجمات على كي ...
- لو فيغارو: اتفاقية سرية تمنح الجزائر نفوذًا داخل تونس وتضعف ...
- نتنياهو سيلتقي ترامب والمحادثات حول سوريا وحزب الله وغزة وإي ...
- إعادة جثامين رئيس الأركان الليبي ومرافقيه إلى ليبيا
- كأس الأمم الأفريقية: بنين تتغلب على بوتسوانا وتحقق أول فوز ف ...
- أمير قطر يؤكد دعم بلاده لسيادة ووحدة الصومال
- الجيش السوداني يسترد -الدانكوج- واتهامات للدعم السريع بارتكا ...
- مقديشو تجري مشاورات دبلوماسية مكثفة بعد اعتراف إسرائيل بأرض ...
- بيان مصري جديد بعد اعتراف إسرائيل أحاديا بإقليم -صومالي لاند ...
- كلمتان يجب تجنبهما عند وضع قراراتك للعام الجديد


المزيد.....

- قراءة في وثائق وقف الحرب في قطاع غزة / معتصم حمادة
- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - وهمُ الرِّهاناتِ… وحقيقةُ الدّمِ في غزّة!