زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 8569 - 2025 / 12 / 27 - 00:29
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تدور حول وعي إنساني ،
انتقل من سجن العبودية إلى فضاء الحرية
-----------------------------------
عندما وُلِد إبكتيتوس في ٥٠ ميلادي ، كان عبداً محاطا بكل العلامات التي تُعرِّف عن الإنسان المملوك من الخارج :
اسمٌ لم يختاره، وضعٌ اجتماعي مفروض عليه، وحياةٌ تُدار بالكامل بيد غيره، وقيد الآخرين..الخ.
لكن رغم كل هذا الواقع المفجع ، والقيد الظاهر، كان هناك شيئاً مميزاً فيه، لا يمكن لأي كان امتلاكه : عقل فطين حر ، وفهم رصين يرفض أن يُختزل في قضبان و شروط الواقع المعيش..
- اسم Epictetus - بالمناسبة - يعني "المُكتسَب" أو "المقتنى"، وهو اسم يُعطى للعبد لأنه شيء تم الحصول عليه ..
وقد اعطاه اياه سيده إيپافروديتوس (Epaphroditus) ، الذي صار صديقا له ، و علّمه أسس التفكير الفلسفي ، حيث أدرك معه ، أن الحرية ليست امتلاكا ماديا، ولا وضعاً قانونياً، بل قدرة على توجيه النفس ، وأن ما يقع خارج إرادته لا يمكن أن يحدد قيمته، وأن الإنسان لا يُستعبد إلا حين يسمح لداخله أن ينكسر..
وهكذا بدأ تمرّده الحقيقي : تمرّد صامت ، داخلي، يحرّر الوعي قبل الجسد.
ومع الزمن، تحوّل هذا العبد السابق إلى معلم مرموق ، يذكّر الناس بأن الحرية ليست امتيازا اجتماعيا، بل مهارة روحية..
وحتى بعد أن نال حريته القانونية، لم يبحث عن جاهٍ أو سلطة أو ثروة، بل عاش ببساطة، مكرّسا حياته لتعليم الآخرين كيف يصبحون أسياداً على أنفسهم قبل أي شيء آخر.
قصارى القول :
في تقديري ، إن قصة إبكتيتوس ليست سيرة رجل خرج من العبودية، بل سيرة وعي اكتشف أن القيود الحقيقية تُصنع في الداخل.. وأن الثورة الحقيقية نحو الحرية تبدأ من العقل والمعرفة ,,
كما أنها دعوة عقلية صادقة، لأن نرى الحرية كفعل يومي ـ أي أن نختار أفكارنا ، أن نضبط انفعالاتنا، وأن نرفض أن تتحكم الظروف في جوهرنا..
والعبرة الذي تركها لنا أبيكتيتوس تقول لمن لديه بصيرة :
" قد تكون حياتك محدودة من الخارج، لكن عقلك وروحك قادران على أن يكونا أوسع من حدود وشروط العالم كله".
zakariakurdi
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟